facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التوجيهات الملكية .. نهج ديمقراطي يتجاوز اللحظة


د. فاطمة العقاربة
31-07-2025 08:56 AM

في المحطات الوطنية التي تشتد فيها المشاعر، ويحتدم فيها الجدل، نعود دومًا إلى صوت الحكمة الذي يجسده جلالة الملك عبدالله الثاني، والذي أعاد في تصريحاته الأخيرة التأكيد على ضرورة احترام وجهات النظر، وتقدير اختلاف أساليب التعبير عن الحزن، دون انزلاق إلى الاتهام أو التشهير.

هذا التوجيه، يعكس نهجًا راسخًا ومتجذرًا في الرؤية الملكية منذ أن طرح جلالته أوراقه النقاشية، والتي شكّلت خريطة طريق لإرساء نموذج ديمقراطي أردني متفرد. ففي الورقة النقاشية الأولى، التي نُشرت بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2012، قال الملك بوضوح:

"كما في باقي دول العالم، اختلافات في الرأي، لأسباب شخصية أو سياسية، تعبر عن نفسها بمظاهر تأخذ أحياناً أشكالاً غير بناءة كالتصلب في المواقف والعنف والمقاطعة التي لا تقود بالضرورة إلى النتائج المرجوة.. فالديمقراطية لا تكتمل إلا بالمبادرة البنّاءة وقبول التنوّع والاختلاف في الرأي."

هذا الطرح لم يكن تنظيرًا سياسيًا، بل ممارسة مستمرة وواقعية، تُختبر في كل موقف داخلي يشهد تباينًا في الرؤى أو تعددًا في أساليب التعبير. ويُدرك من يتابع مسار الدولة الأردنية في العقد الأخير أن الثبات على هذا النهج – رغم المتغيرات والضغوط – يعكس إيمانًا عميقًا بأن الديمقراطية ليست لحظة، بل سلوك وثقافة ومسؤولية جماعية.

إن احترام التنوع في التعبير، خصوصًا في اللحظات التي تحتشد فيها العواطف، ليس ترفًا ديمقراطيًا، بل صمام أمان وطني. فالمجتمعات التي تفشل في إدارة اختلافها، وتستسلم لمنطق التشهير أو التخوين، تُقوّض تماسكها الداخلي وتُعطل أدوات الحوار والمشاركة.

من هنا، فإن دعوة الملك الدائمة إلى الحوار المنفتح، والمنافسة الشريفة، واتخاذ القرار عن وعي ودراية، ليست توصيات خطابية، بل أسس لبناء منظومة وطنية قادرة على التماسك في مواجهة التحديات، وقادرة في الوقت ذاته على الاحتواء لا الإقصاء.

لقد علمتنا التجربة الأردنية أن الديمقراطية لا تُقاس فقط بدرجة الحرية في التعبير، بل بقدرة الدولة والمجتمع على احترام هذا التعبير، والتعاطي معه دون كسر أو تخويف أو تصنيف. فالاختلاف لا ينبغي أن يتحول إلى خصام، وتعدد أساليب الحزن لا يجب أن يُفهم كتشكيك في الولاء.

وفي كل مرة نعود فيها إلى الأوراق النقاشية، نجد فيها إجابات تتجاوز لحظتها الزمنية، وتصلح لأن تكون مرجعية دائمة. ذلك لأن جوهرها لم يكن محصورًا في التفاصيل، بل في الرؤية الشاملة التي أرادها الملك لبلد يؤمن بالتعددية، وينضج بالاختلاف، ويتقدم بالحوار.

في النهاية، إن إعادة التأكيد على هذه المبادئ من رأس الدولة ليست مجرد رسائل سياسية، بل ضمانات وطنية بأن هذا الوطن، برغم كل ما يحيط به من تحديات، ما زال قادرًا على حماية حق أبنائه في التعبير، ما دام ذلك التعبير لا يتحول إلى أداة للطعن أو وسيلة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :