facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مطالب سورية قاسية لإبقاء العلاقات مع روسيا


داود عمر داود
31-07-2025 06:01 PM

يبدو أن طريقة إدارة الحكومة السورية تقوم على معالجة الملفات واحداً تلو الآخر، عن طريق المراحل وهذه طريقة إدارية ناجحة، إذ لا ينشغل صاحب القرار بأكثر من قضية في آن واحد. فعندما تنتهي معالجة ملفٍ يجري الانتقال إلى الآخر. وبهذا تبقى الحكومة منخرطة بتركيزٍ على كلِ ملفٍ على حده لغاية حل المشكلة، ثم تتناول ملفاً غيره.

فما هي إلا أيام معدودات، من النجاح في معالجة تمرد الدروز في السويداء، واستلام السيطرة التامة على المحافظة، حتى انتقل الرئيس السوري أحمد الشرع، وأركان حكمه، إلى معالجة ملف الأكراد، متمثلاً بقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الذي انتهى بقبول زعيمها "مظلوم عبدي" بالخضوع التام، وتسليم محافطات دير الزور والرقة والحسكة الى حكومة دمشق.

ملف العلاقات السورية الروسية:
وعلى الفور انتقل الاهتمام الى بدء معالجة ملف العلاقات مع روسيا، فكانت زيارة وزير الخارجية السوري، "أسعد الشيباني"، الخميس 31/7/2025 الى موسكو واجتماعه مع نظيره الروسي "سيرغي لافروف". وفور انتهاء الاجتماع، أدلى الوزير السوري بتصريح اتسم بلغة دبلوماسية قوية، تعكس ثقة الحكومة بنفسها، بعد النجاحات التي حققتها مؤخراً، بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

فقد عبّر "الشيباني" بصراحة من خلال بيانه، عن "مظالم" سوريا ضد روسيا بأُسلوب رصين تميز بالرسمية والدقة في اختيار الكلمات، تجنباً لسوء الفهم أو الإساءة. وهو أسلوب التواصل بين الدول للحفاظ على علاقات سليمة، يعتمد على فنون الإقناع والمفاوضات.

فتح صفحة جديدة في العلاقات:
فمن أبرز النقاط التي تناولها وزير الخارجية السوري هي "رغبة البلدين المشتركة في فتح صفحة جديدة، وتعاون حقيقي، مبني على الاحترام الكامل لسيادة الدول واستقلال قرارها الوطني". "فتح صفحة جديدة" يعني طي صفحة الماضي القاتمة السواد، على مدار 13 سنة، عندما شاركت روسيا في ذبح وقتل الشعب السوري، الذي انتفض ضد نظام بشار الأسد. أما مفردة "تعاون حقيقي" فربما تعني أن هناك شكوكاً لدى حكومة دمشق أن روسيا "لا تتعاون" معها "تعاوناً حقيقيا"، ولا تحترم "سيادة" سوريا ولا "استقلالها" ولا "قرارها الوطني"، وهذه نقاط حساسة وضعها وزير الخارجية السوري أمام موسكو، ربما توحي باتهام روسيا أنها تعمل ضد استقرار الحكم في سوريا. وكأن الحوار بين الجانبين هو "حوار محاسبة وعتاب".

موسكو أمام خيار حاسم:
وأشار الوزير السوري إلى أن "الاجتماع يأتي في منعطف تاريخي وحاسم في العلاقات السورية الروسية". وربما أراد "الشيباني" هنا أن يضع موسكو أمام "خيار حاسم"، فإما أنها تتخلى عن سياستها السابقة في سوريا، وتسوي جميع المواضيع العالقة بين البلدين، وتبني علاقات ودية مخلصة مع الحكم الجديد، وإما أن تتخذ علاقات البلدين منحىً آخر.

المطالبة بتسوية ذيول جرائم روسيا في سوريا:
وقال وزير الخارجية السوري إنه منذ تحرير سوريا، من نظام بشار، "فتحت سوريا أبوابها للعالم انطلاقاً من الايمان الكامل بقوة بلادنا المستمدة من صمود شعبنا، ومصالحنا العليا، وحقِنا المطلق في تقرير مصيرنا". وواضح أن عبارة "الانفتاح على العالم" هي عبارة عن "عرض" تقدم به الوزير السوري إلى نظيره الروسي، أن سوريا على استعداد لفتح أبوابها أمام علاقات طيبة مع روسيا، كما فعلت مع باقي الدول، إذا قامت موسكو بتسوية ذيول سياساتها السابقة، وما ارتكبته من جرائم بحق الشعب السوري.

المطالبة بتعويضات للضحايا في سوريا:
وأعلن "الشيباني" أنه "في هذا السياق، تتطلع سوريا الى تعاون روسي كامل وصادق في دعم مسار العدالة الانتقالية لإرساء حجر الاساس لبناء دولة القانون، وضمان عدم تكرار إعادة الانتهاكات، وإعادة الاعتبار للضحايا". وهنا يتضح أن سوريا تشترط على روسيا لإعادة العلاقات بينهما بأن تدعم موسكو "المرحلة الانتقالية". وهذا ربما يشير إلى أن سوريا تتهم روسيا بأنها "تعرقل" المرحلة الانتقالية.

أما الشرط الثاني الذي وضعته دمشق فهو أن تتعهد موسكو بعدم التدخل مجدداً في سوريا، وضمان عدم تكرار انتهاكاتها السابقة بحق الشعب السوري. والمطالبة الأهم والأبرز هي "إعادة الاعتبار للضحايا"، ما يعني أن سوريا تطالب روسيا بدفع "تعويضات" لأهالي القتلى، وللجرحى، والمتضررين، واللأجئين.

المطالبة بتسليم بشار:
ولم تفت "الشيباني" أن يرسل رسالة إلى الداخل بأن الحكومة السورية "لا تغض الطرف عن حقيقة أن جزءاً من أبناء الشعب السوري، لا يزال يحمل جراحاً عميقة متعلقة بالمرحلة السابقة. هذه الجراح يجب ان يتم الاعتراف بها بمسؤولية وشفافية. فالشراكة الصادقة تتطلب شجاعة لمواجهة الصعاب وحكمة الانخراط في مسارات من المساءلة تسهم في التهدئة والمصالحة الوطنية الشاملة".

و"المساءلة" ربما تعني هنا المطالبة بتسليم رئيس النظام السابق، بشار الأسد، وأعوانه الهاربين معه، لمحاكمتهم عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري، واسترداد الأموال، التي قيل بأن الرئيس المخلوع حملها معه إلى موسكو.

مطالبات "فائقة الأهمية" تحدد شكل العلاقة:
وصف وزير الخارجية السوري اجتماعه بأنه بداية "حوار ضروري ومدروس، لذلك نقف هنا اليوم لنطلق نقاشاً فائق الأهمية، ينطلق من دروس الماضي، لصياغة علاقة الحاضر، ويرسم حدوداً سياسية واضحة لأجل المستقبل". وصف "الشيباني" الطرحَ السوري بأنه "فائق الأهمية ... مبني على دروس الماضي" يشير إلى أن تلبية المطالب السورية من قبل روسيا هو ما سيحدد شكل العلاقة المستقبلية بين موسكو ودمشق.

اعتراف والتزام روسي بسيادة سوريا "الكاملة والمطلقة":
وقد ألمح الوزير "الشيباني" إلى مرونة الموقف الروسي في تلبية المطالب السورية حين قال: "إن السيادة الكاملة والمطلقة للجمهورية العربية السورية كانت محل اعتراف وتقدير والتزام من قبل جمهورية روسيا الاتحادية، وكانت حاضرة اليوم في لقاءاتنا، بكل شفافية". وإعلان وزير الخارجية السوري أنه لمس من الجانب الروسي "اعترافا ًوتقديراً والتزاماً" بسيادة سوريا "الكاملة والمطلقة"، ينفي عن روسيا أي ضلوع فيما تتعرض له سوريا من مؤامراتٍ لتقسيمها.


خلاصة القول: معضلة روسيا في سوريا:
وبما أن السوريين بطبعهم مفاوضون جيدون، وبما أن حكومة الشرع تدرك تماماً أهمية سوريا بالنسبة لروسيا، لذلك رفعت سقف المطالبات إلى الحد الأعلى. فإذا لبت روسيا المطالب تعطي الانطباع بأن موقفها ضعيف، وإذا لم تلبِها تضع علاقاتها مع حكومة دمشق في مهب الريح، فتفقد موسكو تواجدها البحري في قاعدة طرطوس وتواجدها الجوي في قاعدة حميميم. وهذه هي المعضلة التي تواجهها روسيا في سوريا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :