facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




روح التجديد و يسار برامجي أردني جديد


د. محمد العزة
03-08-2025 03:56 PM

مقالي هذا له من الخصوصية والرمزية ما يستحق، كون الحديث فيه عن جناح سياسي عريق، أخطأ وأصاب، له صولات وجولات، صعودًا وكبوات، لكنه كان الأقرب للناس في اللغة مع اقتسام أحوال طبقات الشعب، وحمل هموم الفقراء والمهمشين. صدح بصوت الطبقة العمالية والمهنية على منابر نقاباتها، في الشارع، داخل المصانع وحقول المزارعين، مدافعًا عن الاشتراكية الاجتماعية، وإقامة التعاونيات، مناديًا بإعمال العقل والعدالة في توزيع الثروات.

جناح لطالما كان في الصفوف الأولى يدافع عن قضايا الأمة الكبرى دون تردد أو مساومة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لا يعرف التراجع عن الثوابت، ولغته الحوارية علامة فارقة لهويته ولونه السياسي، وممارسة ثقافة التعددية الديمقراطية حتى الديكتاتورية منها.

الحديث هنا عن اليسار العربي الأممي، الذي لعب دورًا مبكرًا وفاعلًا في الحياة السياسية الأردنية، لكنه، رغم إرثه النضالي، لم يرسخ نموذجًا ليسار أردني بصبغة خاصة تعير التركيز على مشاريع الدولة الوطنية الأردنية سياسيًا وثقافيًا مزيدًا من الاهتمام، أو بما يتوافق مع واقع المجتمع وخصوصية ثقافته على مختلف مستوياتها.

هذا القصور لم يكن جراء العجز الفكري إنما هي تداعيات الحالة السياسية وتراكماتها، وهذه الإضاءة من باب الإنصاف لجميع الأطراف.

لعل ذلك يعود لأسباب متعددة:
تباين الخلفيات المرجعية الفكرية ما بين السوفياتي والقومي والانقسام العالمي إلى معسكرين شرقي وغربي، أثناء الحرب الباردة، وصناعة خط فكري مناهض له فكريًا وسياسيًا.

مركزية القضية الفلسطينية للأردن وأحداثها كان شغل اليسار الشاغل ودافعه نحو صب جهود قواه تجاهها، وتجلت رمزيتها في أبهى صورها عندما فاز يعقوب زيادين (طبيب الفقراء) ابن الكرك عن مقعد القدس وسليمان النابلسي ابن نابلس عن السلط في التمثيل النيابي لبرلمان الوحدة.

غياب مشروع عربي يساري موحد، أدى إلى تشتت القوى والتبعية بين عواصم المرجعية التي تنافست على فرض الاستيلاء على حق الوصاية على القضية الفلسطينية.

كلها أسباب أوجدت يسارًا أردنيًا أمميًا ثوريًا هجينًا أفرز خليطًا متأرجحًا بين طبقات برجوازية تأثرت بسلوك نفوذ السلطة التي وصلت لها، وقواعد شعبية فقيرة، تستدعى الروح الرفاقية التضامنية لها فقط في مواسم الاستحقاقات، وما زالت تلك الطبقة تعاني وتنتظر تمثيلًا حقيقيًا يلبي طموحاتها واحتياجاتها.

الأمس ليس اليوم ولن يكون غدًا، لذا آن الأوان لليسار السياسي الأردني أن يتجدد.

لا بد له أن يتحرر من شرنقة الماضي وأطياف الرمزية الأحفورية الكلاسيكية، التي باتت لا تواكب المرحلة. يسار مواكب لفكر تقدمي عصري، برامجي، ديمقراطي، قادر على قراءة التحولات، ومشاركة المقترحات لإيجاد حلول بعيدًا عن الشعارات، والإجابة بوضوح وواقعية على تساؤلات الناس واحتياجاتهم التي ينحصر أغلبها في مطالب تحسين الأوضاع المعيشية.

السؤال المركزي التالي:
هل يستطيع اليسار الأردني إعادة صناعة نفسه وتشكيل ائتلاف يوحد صفوفه، ويتبنى برامج واضحة المعالم؟

هل يجرؤ على كسر الجمود وتجاوز نمط الجدلية القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب، ليخوض بدلًا منها في التجربة والنتائج؟

لدينا اليوم فرصة حقيقية لاستعادة ثقة الشارع بالحركة الحزبية عبر يسار وطني تقدمي ديمقراطي جديد، يقدم نفسه على أنه تيار ثالث، يوفق ما بين فلسفة الاشتراكية الديمقراطية وآليات سوق الاقتصاد الاجتماعي والرأسمالية الليبرالية داخل مساحة أوسع من المنافسة الإيجابية لأجل التخفيف من ضغوط أدوات مؤسسات النقد الدولي وخفض المديونية.

نحتاج إلى هذا النموذج الحزبي البرامجي القادر على توفير البنية التحتية الأساسية للجميع وفق معايير العدالة الاجتماعية في مجالات الخدمات الأساسية كالصحة، والتعليم، والنقل العام، والطاقة، والاستثمار.

الهدف هو إعادة بناء طبقة وسطى مهنية وعمالية فاعلة أكثر، مشاركة بشكل أوسع في التمثيل السياسي والاقتصادي، كونها الطبقة الأساسية داخل المجتمع، ورافعة للاقتصاد الوطني، بالتوازي إعطاء رأس المال الوطني الأولوية في الاستثمارات وتشجيعه عبر توفير حزم من الحوافز والتسهيلات التي تساعده على الازدهار، وفق معايير من الرقابة الحكومية تحكم وتنظم عمله بما يحقق العدالة وفرص المساواة ومنع الاحتكار، إذ تترسخ القناعة اليوم أن القطاع الخاص هو بوابة الحل للحد من أرقام البطالة وخلق فرص العمل والتشغيل.

فعليًا نحن بحاجة إلى اشتباك برامجي ذكي فعلي مع الملفات، ينطلق من أولويات الناس، ويقترح حلولًا واقعية قابلة للتنفيذ، بعيدًا عن الإسراف في الغوص داخل أجواء المؤتمرات، ومخرجات الندوات، التي لن تنتج سوى مزيد من الدوران حول ذات النمطية من العقلية السائدة ولا جديد أو تجديد.

خلاصة القول: صناعة نموذج يساري وطني تقدمي برامجي أردني جديد، يمكنه الدمج بين التخطيط والتطبيق العملي، والمزج بين التجديد والموروث، والقدرة على التحديث، ومشاركة الناس عن قرب همومهم الحالية، هو ما يلبي تطلعاتهم المستقبلية لوطن أردني قوي، محافظ على ثوابته، اقتصاده مزدهر، مواطنه أحواله أفضل، عزيزًا كريمًا آمنًا مطمئنًا مستقرًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :