facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




يوم أسود لأوروبا؟ ما لم يُقال عن اتفاق ترامب والاتحاد الأوروبي


م. عمار آل خطّاب
04-08-2025 02:05 PM

في مشهد بدا وكأنه لقاء بروتوكولي عابر في منتجع ترمب الشهير باسكتلندا، اجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بتاريخ 27 تموز 2025 وخرجا ليعلنا عن اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

لكن ما خفي كان أعظم

خلف عناوين التعريفات الجمركية والابتسامات أمام الكاميرات، كانت تُرسم ملامح تحول جيوسياسي ومالي ضخم. التزام أوروبي باستثمار 1.35 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي، مقابل تجنّب حرب تجارية… لكنه في نظر منتقدين، ليس أكثر من خضوع ناعم لضغوط واشنطن.

رئيس وزراء فرنسا وصف الاتفاق بـ"اليوم الأسود لأوروبا"، وأصوات عدة حذّرت من أن القارة العجوز تفرّط بمصالحها، وتستبدل اعتمادها على موسكو بتبعية جديدة لواشنطن.
فما الذي جرى فعلًا في اتفاقية تورنبيري؟ وما هي الأثمان الاقتصادية والسياسية التي ستدفعها أوروبا؟ وهل كانت هناك بدائل استراتيجية ضاعت وسط العجلة والخوف؟
وماذا يعنينا نحن في الأردن من هذه الاتفاقية؟ وهل نحن محصنون من تداعيات تحوّل موازين القوى العالمية؟

هذا المقال يحاول أن يقرأ ما بين السطور… ويكشف ما لم يُقال.

ما الذي أُعلن رسميًا؟

كان جوهر الإعلان الرسمي هو فرض رسوم جمركية موحدة بنسبة 15% على معظم الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة.

ورغم أن هذه النسبة تُعد مرتفعة مقارنة بالمعدلات السابقة، فقد تم تقديمها كحل وسط لتجنّب رسوم أعلى كان ترامب قد هدّد بها—30%، بل وحتى 50% على بعض القطاعات.

وتضمنت الاتفاقية استثناءات لقطاعات حيوية مثل الأدوية والطيران والزراعة، في محاولة لتحقيق توازن بين حماية السوق الأميركي وتخفيف التصعيد الدبلوماسي.
ما لم يُعلَن علنًا — ولكن تم تأكيده لاحقًا

خلف الكواليس، التزم الاتحاد الأوروبي بالاستثمار بنحو 1.35 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال ثلاث سنوات:

750 مليار دولار في واردات الطاقة (الغاز الطبيعي المسال، النفط، المكونات النووية)

600 مليار دولار في استثمارات مباشرة بقطاعات التكنولوجيا والدفاع

لم تكن هذه الالتزامات معاهدات رسمية، بل تعهدات سياسية واتفاقات شبه رسمية—مما يثير الشكوك حول قابليتها للتنفيذ، لكنه يترك انطباعًا سياسيًا قويًا.
وقد علّق فرانسوا بايرو رئيس وزراء فرنسا على هذه النقطة قائلًا:

"إنها مساهمة في استسلام أوروبا أمام الضغط الأميركي… يوم أسود بالفعل، ليس فقط للتجارة، بل للسيادة الأوروبية."

لماذا قَبِل الأوروبيون بهذه الصفقة؟
أولًا، جاء الاتفاق في ظل تهديدات تجارية صريحة من إدارة ترامب، تضمنت رفع الرسوم الجمركية إلى مستويات قد تُخرج آلاف الشركات الأوروبية من السوق الأميركي.

ثانيًا، كان هناك ضغط كبير من لوبيات صناعية أوروبية كبرى—خاصة في ألمانيا وفرنسا—طالبت بالتوصل إلى اتفاق "يحمي الحد الأدنى" من العلاقات التجارية.

ثالثًا، رأت بعض الحكومات الأوروبية أن الالتزام بتعهدات استثمارية في البنية التحتية الأميركية قد يتيح نفوذًا أكبر داخل النظام العالمي الجديد الذي تعيد الولايات المتحدة تشكيله عبر تحالفات الطاقة والتكنولوجيا.

ما الذي يعنيه هذا الاتفاق لأوروبا فعليًا؟

1.تآكل السيادة الاستراتيجية: فالاتحاد الأوروبي وافق ضمنيًا على توجيه جزء كبير من استثماراته إلى الولايات المتحدة بدلًا من الداخل الأوروبي، مما يعمّق التبعية.

2.تأجيل مشروع الاستقلال الطاقي: حيث ستستمر أوروبا في الاعتماد على الغاز الأميركي لسنوات قادمة، في وقت كانت تخطط لتوسيع الاعتماد على مصادر محلية ومتجددة.

وهنا تظهر ألمانيا كأكبر المتضررين: إذ كانت تعتمد على الغاز الروسي الرخيص لتغذية صناعاتها الثقيلة، والآن تضطر لشراء طاقة أغلى من الولايات المتحدة ودول أخرى.

هذا التحول أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير، وتسبب في فقدان العديد من الشركات الصناعية قدرتها التنافسية.

بحسب اتحاد الصناعات الألماني (BDI)، فقد أغلقت أو أعلنت إفلاسها أكثر من 3000 شركة صناعية متوسطة وصغيرة خلال العامين الماضيين، فيما حذرت تقارير حكومية من خطر Deindustrialisation حقيقي يهدد مكانة ألمانيا كقوة صناعية.

وهناك قلق متزايد من انتقال بعض الشركات الكبرى إلى الولايات المتحدة حيث الطاقة أرخص، والحوافز الحكومية أكبر.

3.إعادة اصطفاف استثماري: سيتم توجيه مئات المليارات من الأموال الأوروبية إلى قطاعات التكنولوجيا والدفاع الأميركية، ما قد يضعف تنافسية البدائل الأوروبية.

هل هناك فرص داخل هذا "الاستسلام"؟

ربما. يرى بعض المحللين أن هذه الاتفاقية رغم قسوتها، قد تمنح أوروبا "وقتًا إضافيًا" لإعادة ترتيب بيتها الداخلي، خاصة في مجالات الطاقة والبحث العلمي والتقنيات الناشئة.

لكن هذا الوقت سيكون باهظ الثمن… سياسيًا واقتصاديًا.

تحوّل مركز الثقل… وأثر الدومينو

اتفاق تورنبيري لا يمثل مجرد صفقة تجارية بين واشنطن وبروكسل، بل يعكس تحولًا في مركز الثقل الاستثماري من أوروبا نحو الولايات المتحدة. هذا التحول، الذي يدفع الاتحاد الأوروبي لضخ مئات المليارات في الاقتصاد الأميركي، سيُسرّع من إعادة رسم خارطة الاستقطاب في الاقتصاد العالمي.

ففي ظل هذا الانحياز الاستثماري، من المتوقع أن تبدأ أوروبا بسحب استثماراتها تدريجيًا من شرق آسيا—وخاصة الصين—وتعيد توجيهها نحو أميركا، مما سيؤدي إلى تصعيد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، ويُحفّز القوى الصاعدة على التحرك.

وهنا يأتي دور مجموعة بريكس (BRICS)، التي قد تجد في هذه اللحظة دافعًا لتعجيل تموضعها كقوة موازية. الخطوات التي قد تشمل:
تسريع إطلاق عملة موحدة بديلة للدولار.

تطوير نظام مالي دولي جديد أقل اعتمادًا على المؤسسات الغربية.

تعزيز التكامل الاقتصادي والتجاري بين أعضائها ومحيطهم الحيوي.

كل هذه التغيرات ستمثل ضغطًا متصاعدًا على قوة الدولار كعملة لتسعير النفط والمعادن الثمينة. ومع تراجع الطلب العالمي عليه، قد يفقد شيئًا من قيمته ونفوذه الدولي.
ماذا يعني هذا التحوّل لنا في الأردن؟

قد لا تظهر الآثار بشكل مباشر، لكن على المدى المتوسط والبعيد، قد تكون هناك تأثيرات ملموسة على الدول التي ترتبط أسعار صرف عملاتها بالدولار، وتعتمد عليه أيضًا في معظم تعاملاتها التجارية. وهذا ينطبق تمامًا على الأردن الحبيب.

لذلك، من المهم أن نتابع تطورات هذه الاتفاقية بعناية، إلى جانب رصد تسارع خطوات مجموعة بريكس نحو إنشاء نظام مالي بديل. فكل ذلك سيكون له أثر محتمل على الميزان النقدي، واستقرار العملة، والسياسات الاقتصادية المستقبلية في بلدنا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :