معضلة انظمة وتعليمات التأمين الصحي بوزارة الصحة
المهندس سميح جبرين
09-08-2025 12:06 PM
يصلنا شعور كمواطنين بأن هناك تعليمات وأجراءات وأنظمة حكومية تصاغ بحيث لا يستفيد منها أحد ،أو بأحسن الأحوال لايستفيد منها سوى فئة قليلة جداً لذر الرماد بالعيون للقول بأن الجهات المسؤولة بالحكومة تقوم بواجبها لتقديم الخدمات للمواطنين.
وكمثال على هذه الحالات ، أكتب عن التأمين الصحي بوزارة الصحة ، حيث تنص التعليمات على أنه وفي حال أدخال مواطن يحمل تأمين صحي حكومي إلى إحدى مستشفيات القطاع الخاص بحالة طارئة ، فانه يتوجب تبليغ مديرية التأمين الصحي عن هذه الحالة خلال 24 ساعة وإلا فقد المواطن حقة بأن تقوم مديرية التأمين بتغطية نسبة من تكاليف العلاج الطبي حسب ما نصت عليه التعليمات.
ومن خلال تجربة مررنا بها ، حيث تعرضت سيدة تجاوزت الخامسة والسبعين من عمرها لحادثة سقوط أدت الى عدم قدرتها على الوقوف مع شعور شديد بالألم في منطقة الحوض ، فقام ذويها بنقلها ألى أقرب مستشفى خاص قريب من مكان سقوطها ، حيث كان الوصول لأقرب مستشفى حكومي يحتاج ربما لأكثر من ساعة للوصول إليه في ظل ازمات السير التي بات يعاني منها الجميع ، وبطبيعة الحال كان الهم الأول عند ذوي السيدة هو الأطمئنان عليها وتقديم ما يلزم من عناية طبية قبل التفكير بأي أجراءات تتعلق بالتكاليف ومن الجهة التي ستقوم بالتغطية.
بعد أجراء الفحوصات اللازمة للسيدة تبين أنها بحاجة لإجراء عملية جراحية لمعاجة الكسر في منطقة الحوض وتم تحديد اليوم التالي لإجراء العملية.
بعد ذلك قام ذوي المريضة بمراجعة قسم المحاسبة بالمستشفى الخاص الذي سألهم إن كان لدى المريضة تأمين صحي ، فأبلغوه بأنها مؤمنة تأمين صحي حكومي ، فأخبرهم بأنه يتوجب دفع كافة تكاليف العلاج قبل أن تغادر المريضة المستشفى ، وبأن المستشفى ستقوم فورا بتبليغ مديرية التأمين الصحي بالحالة الطارئة كما تقتضي التعليمات ، حيث ستقوم مديرية التأمين الصحي لاحقا بتغطية جزء من تكاليف العلاج.
بعد اجراء العملية للمريضة ودفع كافة التكاليف وخروج المريضة من المستشفى ، قام أحد من ذويها بالتوجه لمديرية التأمين الصحي بمستشفى البشير حاملا كافة الوثائق والتقارير الطبية ، وعند مراجعتهم ، اخبروه بأنه لم يتم أبلاغ المديرية بالحالة الطارئة وبأنهم فقدوا حقهم بتغطية جزء من تكاليف العلاج لكونه مضى أكثر من 24 ساعة على دخول السيدة للمستشفى ،"وكأن الحالة الطارئة لها تاريخ انتهاء مثل تلك الموضوعة على المعلبات الغذائية ".وبعد الرجوع للمستشفى الخاص للسؤال عن سبب التقصير بالابلاغ ، فأقسموا بأغلظ الأيمان بأنهم حاولوا ولمدة أكثر من ثلاث ساعات الأتصال بالمديرية للتبليغ ،إلا أن أحداً لم يرد على اتصالاتهم ، وهذه عادة معهوده بمعظم الدوائر الحكومية ولا يستطيع أي مسؤول بالحكومة مهما علا شأنه أن ينكرها.
سؤال المليون لمعالي وزير الصحة وللجهة التي تصدر التعليمات والأنظمة بالوزارة ، لماذا يتم حصر مدة التبليغ ب 24 ،ساعة ، ولماذا لا تكون 48 أو72 ساعة ، ولماذا التحديد الزمني من أساسه طالما هناك تقارير طبية مصدقة من أطباء محترمين ومستشفيات مرخصة تثبت حالة الطوارىْ والأجراءات الطبية التي تم اتخاذها.
لماذا الثقة معدومة والتشكيك حالة دائمة من قبل الجهات الحكومية بالتعامل مع المواطن وأي جهة غير حكومية ، ثم نعود ونتسائل ونجري دراسات لنفهم لماذا ثقة المواطن بدوائر الدولة معدومة.
ألم نقل في البداية أن كثير من الأنظمة والتعليمات الحكومية وجدت كي لا يستفيد منها أحد ، إلا من رحم ربي، ومن كان له نفوذ ويحمل ميداليات وأوسمة بالقفز العالي عن الحواجز مهما كان ارتفاعها.