مرة أخرى يثبت التعديل الحكومي أن النهج التقليدي ما زال يسيطر على الية اختيار الوزراء وتغييرهم، وأن الشفافية الحقيقية ما زالت غائبة. فالإعلان عن موعد التعديل من قبل مكتب الرئيس امر شكلي، اذ انه لم يرافقه انفتاح على الرأي العام ومصارحة بمبررات التغيير.

لماذا لا يخرج الرئيس ليعلن بوضوح أسماء الوزراء المغادرين وأسباب مغادرتهم حتى يتحمل كل منهم مسؤوليته؟ ولماذا لا تجرى مشاورات حقيقية مع مجلس النواب والاحزاب قبل التعديل؟ بدل ان يبقى المجلس والشارع مغيبين عن المشهد ومتفرجين على ما تقرره السلطة التنفيذية دون إيضاح جوانب الإنجاز ومشاهد التقصير؟ اذ ان ابقاء هذه العملية حبيسة الغرف المغلقة يفقدها قيمتها الإصلاحية ويحول التغيير إلى مجرد تبديل أسماء بينما يبقى الأداء محلك سر.

ان المواطن لم يعد ينتظر مسميات جديدة بل سياسات وقرارات ملموسة تحدث فرقاً في حياته اليومية. وبناءً على ذلك، فمن المهم ان يعلن كل وزير مختار عن برنامج وزارته والاهداف التي تسعى الى تحقيقها، والتي يجب ان تكون مرتبطة باطار زمني واضح، وبما يحقق رؤية كتاب التكليف السامي.

صحيح أن الحكومة حققت بعض الخطوات التي لا يمكن إنكارها مثل تأمين شريحة من المواطنين صحياً، ومراجعة الرسوم الجمركية على السيارات، وعقد اجتماعات مجلس الوزراء في المحافظات، لكن جميع هذه الإنجازات تبقى محدودة الأثر أمام حجم التحديات، فالتأمين الشامل ما زال بعيداً، ومراجعة الرسوم لم تترجم إلى أثر اقتصادي حقيقي، والاجتماعات في المحافظات غالباً ما انتهت إلى وعود أكثر من نتائج.

إذا لم يتحول التعديل الوزاري إلى فرصة لمراجعة شاملة وتصحيح المسار، فسنظل ندور في نفس الحلقة بأسماء مختلفة ونتائج متشابهة وثقة شعبية اكثر تآكلاً.