مضى أنس الشريف إلى جنات الخلد، جائعًا، مقتولًا، بينما جموع المسلمين في شرق الأرض وغربها منشغلون بالمناسف والولائم.
لم يحمل أنس بندقية، ولم يطلق رصاصة، كانت “جريمته” الوحيدة أنه نقل للعرب والمسلمين ما تراه عيناه في غزة؛ إبادة، قتل، حصار، وجرائم حرب يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني وعصاباته بحق شعب أعزل.

قتلته طائرات الاحتلال بدم بارد، مع سبق الإصرار والترصد، لأنه كان مرآة الحقيقة التي تفضح جرائمهم، ولسانًا ينطق بما يخشاه المتخاذلون: “سيأتي الدور عليكم أيها العرب والمسلمون”.

أنس الشريف لم يكن مجرد مراسل صحفي، بل كان شاهدًا على العصر، يوثق المأساة لحظة بلحظة، ويصرخ في وجه العالم بأن غزة تُباد، وأن المشروع الصهيوني لم يعد يخفي أهدافه، بل يعلنها وزراء الاحتلال جهارًا: “سوف نحتل غزة ونبيدها”.

اليوم، رحل أنس إلى السماء، حيث تفتح له أبواب الشهادة، ويلتقي ركب الشهداء الصاعدين يوميًا من أرض غزة. رحل تاركًا خلفه رسالة للعالم: أن الكلمة قد تكون أخطر من الرصاصة، وأن الحقيقة هي العدو الأول للمحتل، وأن الصمت العربي شريك في الجريمة.

سلام عليك يا أنس، يوم نطقت بالحق، ويوم قتلوك، ويوم تُبعث حرًّا في أرضٍ لا احتلال فيها ولا خيانة…