"إسرائيل .. الكذبة الكبرى"
المحامي مهند العتوم
15-08-2025 12:32 AM
في تصريحاته الأخيرة، كرر بنيامين نتنياهو أسطورة ما يسمى بـ”إسرائيل الكبرى”، وكأنها وعد إلهي حتمي، بينما هي في الحقيقة أوهام سياسية اخترعتها الحركة الإسرائيلية في أواخر القرن التاسع عشر. هذه الكذبة الكبرى تبنى على أساسين زائفين: أولاً، ادعاء أن اليهود الحاليين في فلسطين هم أحفاد بني إسرائيل التوراتيّين؛ وثانياً، أن لهم حقاً تاريخياً ممتداً في الأرض من النيل إلى الفرات.
من الخزر إلى فلسطين… لا علاقة ببني إسرائيل الأولين المذكورين في القرآن الكريم
المعطيات والثوابت التاريخية والأنثروبولوجية تشير إلى أن أغلب اليهود في إسرائيل اليوم ينتمون إلى اليهود الأشكيناز، وهم في الأصل أحفاد مملكة الخزر – وهي مملكة تركية قديمة في منطقة القوقاز والبحر الأسود اعتنق بعض ملوكها وقادتها اليهودية في القرن الثامن الميلادي. هؤلاء لم يأتوا من فلسطين، بل من شرق أوروبا ووسطها، حيث عاشوا قروناً في روسيا وبولندا وألمانيا وأوكرانيا وليتوانيا وهنغاريا وغيرها.
ووفق العقيدة اليهودية نفسها، الانتماء الديني لليهودية يُورَّث من الأم بالولادة لا بالاعتناق، مما يعني أن أمهات معظم هؤلاء القادمين من أوروبا لم يكنّ يهوديات بالميلاد، وإنما اعتنقن اليهودية لاحقاً، وهو ما يجعل ادعاء النسب العرقي إلى بني إسرائيل باطلاً حتى بمعاييرهم وعقيدتهم الدينية.
زعماء بأسماء مزيفة وأصول أوروبية
تاريخ قادة إسرائيل يكشف حقيقة الجذور الأجنبية للحركة الإسرائيلية:
• ديفيد بن غوريون: اسمه الأصلي ديفيد غرين، وُلد في بولندا (بلدة بلوونسك) عام 1886.
• غولدا مائير: اسمها الحقيقي غولدا مابوفيتش، وُلدت في كييف – أوكرانيا، وعاشت في الولايات المتحدة قبل هجرتها.
• إسحاق شامير: وُلد باسم إسحاق يازيرنيتسكي في بولندا.
• شمعون بيريز: اسمه الحقيقي شمعون بيرسكي، وُلد في بولندا (بلدة فيشنيفا، اليوم بيلاروسيا).
• مناحيم بيغن: وُلد باسم مناحيم بيغن (الاسم لم يتغير كثيراً) في بريست – بولندا (اليوم بيلاروسيا).
• إيهود باراك: اسمه الأصلي إيهود بروغ، وُلد في الكيبوتسات بفلسطين من والدين جاءا من ليتوانيا.
• أريئيل شارون: اسمه الأصلي أريئيل شرايبرمان، من أسرة جاءت من روسيا البيضاء (بيلاروسيا).
• بنيامين نتنياهو: وُلد في تل أبيب لأب من أصل بولندي (بنزيون ميلكوفسكي)، وأم من أصل يهودي أميركي (سيليا سيغال). عائلته استخدمت أسماء عبرية مصطنعة..
هذه القائمة تكشف أن معظم قادة المشروع الإسرائيلي هم في الحقيقة مهاجرون أو أبناء مهاجرين من أوروبا الشرقية والغربية، حملوا أسماء أوروبية مسيحية أو سلافية أو ألمانية، ثم غيروها إلى أسماء عبرية لخلق هوية مزيفة تتماشى مع رواية “العودة إلى أرض الميعاد.”
“إسرائيل الكبرى”.. مشروع استعماري لا وعد ديني
مفهوم “إسرائيل الكبرى” بالمعنى الجغرافي والسياسي الحديث لم يكن جزءاً من العقيدة والديانة اليهودية، بل هو فكرة سياسية ولدت في عقل تيودور هرتزل مؤسس الحركة الإسرائيلية (1897)، وتبناها لاحقاً ديفيد بن غوريون في إطار رؤية توسعية استعمارية. ولم تكن نصوصاً دينية، بل دعاية سياسية.كذبة اسرائيل الكبرى.