جهود أوزبكستان الإنسانية المشرفة تجاه القضية الفلسطينية
15-08-2025 10:08 AM
بقلم: عبد الحميد حميد الكبي
في خطوة إنسانية رائدة تعكس التزام أوزبكستان بالتضامن مع القضايا العادلة، وقّع الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف يوم 14 أغسطس 2025 مرسوماً رئاسياً بعنوان "إجراءات تنظيم نظام الدعم الحكومي لمجموعة من المواطنين الفلسطينيين المتواجدين في الجمهورية، على أساس مبادئ الرحمة والإنسانية".
يأتي هذا المرسوم امتداداً لدور أوزبكستان المتميز في دعم القضايا الإنسانية، حيث استضافت العام الماضي نحو 100 طفل وامرأة فلسطينية من قطاع غزة لتلقي العلاج مجاناً في مستشفياتها، بعد نقلهم عبر طائرة ركاب خاصة من مصر إلى طشقند في 26 ديسمبر 2024. ويكتمل هذا الدعم مع المرسوم الرئاسي رقم PK-12 الصادر في 17 يناير 2025، لتوفير دعم اجتماعي وقانوني شامل للمواطنين الفلسطينيين المقيمين في أوزبكستان، في خطوة تعزز استقرارهم وفرصهم التعليمية والمعيشية.
المرسوم الأخير، الصادر في 14 أغسطس 2025، يقدم حزمة ضمانات اجتماعية تشمل تخصيص معاشات تقاعدية للمسنين الفلسطينيين الذين لا يمتلكون الخبرة العملية المطلوبة، وبدل معيشة شهري يعادل الحد الأدنى من نفقات الاستهلاك للأصحاء. ويُستثنى من هذا البدل الأشخاص ذوو الإعاقة من الفئتين الأولى والثانية (الإعاقات الشديدة والمتوسطة)، حيث يُرجح أن يتلقوا دعماً مخصصاً مثل معاشات الإعاقة أو برامج رعاية خاصة تتناسب مع احتياجاتهم. كما يشمل القرار تعويضات عن إيجار السكن، ودفعات عند ولادة الأطفال، ومخصصات لتغطية تكاليف الجنازات، وهي إجراءات تساوي في قيمتها تلك المقدمة للمواطنين الأوزبكيين، مما يعكس نهجاً إنسانياً يركز على المساواة واحترام الكرامة الإنسانية.
يواصل المرسوم الرئاسي رقم PK-12، الصادر في 17 يناير 2025، تعزيز الفرص التعليمية للأطفال الفلسطينيين من خلال إشراكهم في التعليم الإضافي بالمؤسسات الحكومية، بما في ذلك التدريب المهني وتكنولوجيا المعلومات والتحضير للقبول في مؤسسات التعليم العالي، مع تغطية 100% من تكاليف التعليم من ميزانية الدولة. ويكمل المرسوم الجديد هذه الجهود بإتاحة إلحاق الأطفال برياض الأطفال والمدارس الحكومية دون قوائم انتظار، مع إعفاء الأهالي من رسوم الحضانة حتى عام 2028، في خطوة تعكس رؤية استراتيجية طويلة الأمد لتمكين الشباب الفلسطيني من بناء مستقبل واعد.
إلى جانب الدعم المادي والتعليمي، يقدم المرسوم الأخير دعماً فردياً من خلال تخصيص عامل اجتماعي لكل أسرة فلسطينية، يعمل على تلبية احتياجاتها اليومية وتقديم المساعدة اللازمة. على سبيل المثال، يمكن لأسرة فلسطينية وصلت حديثاً إلى طشقند أن تستفيد من تعويض الإيجار والمستلزمات المنزلية، بينما يحصل أطفالها على فرص تعليمية متكافئة مع أقرانهم الأوزبكيين. كما يتضمن القرار مخصصات إضافية لمرة واحدة لشراء المستلزمات المنزلية الضرورية، مما يساعد الأسر على تحقيق الاستقرار في بيئة جديدة. هذا النهج الشامل، الذي يجمع بين المرسومين، يعكس فهماً عميقاً للتحديات التي تواجهها الأسر النازحة، ويؤكد التزام أوزبكستان بتوفير بيئة آمنة وداعمة.
خلال القمة العربية الإسلامية المشتركة التي عُقدت في الرياض بتاريخ 11 نوفمبر 2024، أكد الرئيس شوكت ميرضيائيف التزام أوزبكستان بدعم القضية الفلسطينية، حيث دعا زعماء العالم إلى تسريع الجهود للتوصل إلى حل سلمي للصراع في الشرق الأوسط، قائلاً: "لا يمكن للمرء أن يشاهد دون أن ينفطر قلبه كيف تتحول مرافق البنية الأساسية الاجتماعية والمدارس والمستشفيات والمساجد وحتى المدن بأكملها إلى أنقاض، مما يترك الملايين من المدنيين بلا مأوى ومحكوم عليهم بالجوع والمرض." وأعرب عن دعمه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، وأيد توسيع المساعدات الإنسانية لفلسطين عبر وكالات الأمم المتحدة مثل الأونروا. كما أعلن استعداد أوزبكستان لتقديم الرعاية الطبية المجانية للأطفال والنساء الفلسطينيين المتضررين من الحرب، وهو ما تجسد عملياً باستقبال 100 طفل وامرأة في مستشفياتها.
"إن هذا القرار يأتي استناداً إلى مبادئ الرحمة والإنسانية، بهدف توفير الدعم الاجتماعي والقانوني للمواطنين الفلسطينيين المتواجدين في جمهورية أوزبكستان، لضمان حياة كريمة وفرص متساوية لهم."
يلخص هذا المرسوم جوهر المبادرة الأوزبكية، ويبرز الروح الإنسانية التي تحرك هذه الجهود.
لذلك يعد المرسوم الرئاسي الأخير، إلى جانب المرسوم رقم PK-12، خطوة إنسانية مشرفة تضع أوزبكستان في صدارة الدول التي تدعم القضية الفلسطينية بإجراءات عملية وملموسة. هذه المبادرات، من علاج 100 طفل وامرأة فلسطينية إلى الدعم التعليمي والاجتماعي، ليست مجرد قرارات إدارية، بل رسائل تضامن قوية تعكس قيم التكافل والعدالة. إن الجمع بين الدعم التعليمي الشامل في يناير 2025 والدعم الاجتماعي والقانوني في أغسطس 2025 يظهر رؤية استراتيجية تهدف إلى تمكين الفلسطينيين من بناء حياة مستدامة. هذه المبادرات لا تعزز مكانة أوزبكستان فحسب، بل تقدم نموذجاً يمكن أن يحتذي به العالم في دعم الشعوب المنكوبة.
إن مبادرات أوزبكستان، بقيادة الرئيس شوكت ميرضيائيف، تمثل نموذجاً عالمياً ملهماً في دعم الشعوب المنكوبة، مؤكدة أن القضية الفلسطينية ليست قضية سياسية فحسب، بل قضية إنسانية تستحق التضامن الدولي. من خلال استضافة 100 طفل وامرأة فلسطينية للعلاج المجاني، وإصدار المرسومين في 17 يناير و14 أغسطس 2025، تبني أوزبكستان منظومة دعم متكاملة تعكس رؤية إنسانية عميقة. وبهذا، نتقدم بخالص الشكر والتقدير والاحترام إلى الرئيس شوكت ميرضيائيف والشعب الأوزبكي الكريم على مواقفهم الإنسانية النبيلة، التي تجسد قيم التكافل والرحمة، وتقدم رسالة أمل لكل من يؤمن بقدرة الإنسانية على بناء عالم أكثر عدلاً وتضامناً.