facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




انحسرت الموجة .. ماذا بعد؟


عمر الشوشان
16-08-2025 09:17 AM

هذا العام، تلقّى الأردن إنذارين مناخيين شديدي الوضوح: الأول تمثّل في انخفاض معدلات الهطل المطري، والثاني في موجة حر غير مسبوقة حطّمت الأرقام القياسية من حيث شدّتها ومدّتها. هذان الحدثان لا يمكن النظر إليهما كظرفين عابرين، بل هما مؤشران صريحان على طبيعة المناخ التي تنتظرنا في السنوات المقبلة، حيث تصبح الظروف الاستثنائية هي “الطبيعي الجديد” الذي يجب الاستعداد له مؤسسيًا وتقنيًا.

جاهزية قطاع الطاقة: بين التخزين والابتكار

يمثل قطاع الطاقة أحد المفاتيح الحاسمة للتأقلم مع الظروف المناخية المتطرفة. صحيح أن الأردن قطع خطوات مهمة في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، حيث بلغت مساهمتها ٢٦،٩٪؜ من مزيج الطاقة الكهربائية. لكن التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على تخزين هذه الطاقة للاستفادة منها في أوقات الذروة أو عند انخفاض الإنتاج، خاصة في فترات الموجات الحارة التي تزيد من الطلب على الكهرباء.

الفرصة تكمن في الاستثمار في تقنيات التخزين، سواء عبر البطاريات الضخمة، أو مشاريع الهيدروجين الأخضر، أو الربط الإقليمي الذكي لتبادل الفائض بين الدول. كما يمكن التوجه نحو حلول مبتكرة مثل محطات التخزين اللامركزية التي أثبتت جدواها عالميًا في تحقيق الاستقرار للشبكات الكهربائية.

أزمة المياه: الخطوط الحمراء تقترب

في قطاع المياه، تبدو الصورة أكثر إلحاحًا. هذا العام، وصلنا إلى حدود قصوى في المصادر السطحية، حيث أعلن أمين عام سلطة وادي الأردن – الجهة المسؤولة عن إدارة السدود – عن الخطوط الحمراء في المخزون المائي. هذا الإنذار لا يدع مجالًا للتأجيل في تنفيذ حلول جذرية لزيادة كفاءة إدارة المياه وتعزيز مصادرها.

هنا، تكمن الأهمية القصوى لمشروع الناقل الوطني لرفع الحرج المائي عن كاهل كافة القطاعات الانتاجية في مقدمتها القطاع الزراعي، والاستمرار في بناء منظومة حصاد مياه الأمطار بكفاءة عالية، وإعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة والصناعة. كما يجب تطوير نظم ذكية لمراقبة الفاقد المائي، الذي يشكّل نسبة مرتفعة في الشبكات الحالية.

الزراعة: خسائر في تمور المجهول

القطاع الزراعي لم يكن بمنأى عن آثار هذه الظروف. فقد تكبد خسائر ملموسة، خصوصًا في إنتاج تمور المجهول، الذي حقق الأردن فيه مكانة عالمية وبات أحد القطاعات الرئيسة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي. هذه الخسائر تذكير بأن الأمن الغذائي يتأثر مباشرة بالمناخ، وأن الاستثمار في تقنيات الزراعة الذكية وإدارة الموارد بكفاءة لم يعد خيارًا، بل نهج متكامل ومستدام.

٩،٥ مليار دولار: كلفة التأخير باهظة

يشير تقرير البنك الدولي (٢٠٢٢–٢٠٣٠) بوضوح إلى أن الأردن تتوفر فيه فرص استثمارية خضراء بقيمة ٩،٥ مليار دولار في قطاعات المياه، والطاقة، والزراعة، باعتبارها قطاعات أساسية للأمن الوطني. هذه الاستثمارات ليست رقماً تقديريًا بل فرص متاحة وممكنة لتقليل الكلفة الاقتصادية والاجتماعية للأزمات المناخية، وتحويل المخاطر إلى فرص نمو حقيقية.

من الوثائق إلى التنفيذ

يمتلك الأردن وثائق وطنية متقدمة في مجال التغير المناخي، من سياسة التغير المناخي، إلى وثيقة المساهمات المحددة وطنيًا (NDC)، وخطط التكيف القطاعية. لكن التحدي يكمن في جعل هذه الوثائق قابلة للحياة من خلال خطط تنفيذية واضحة، وموازنات مخصصة، وآليات متابعة دقيقة.

الموجة الحارة التي انحسرت قد تعود، والجفاف قد يشتد، والظروف الاستثنائية قد تصبح أكثر حدة. ما بعد هذه الموجة يجب أن يكون مرحلة جديدة من الجاهزية المؤسسية، حيث تتكامل التكنولوجيا مع التخطيط، ويتحول الحديث عن التغير المناخي من نصوص في التقارير إلى مشاريع على الأرض. فالمناخ لا ينتظر، والاستثمار في المرونة المناخية هو استثمار في بقاء واستدامة الأردن.

* رئيس اتحاد الجمعيات البيئية/ النوعي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :