facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسيحيو غزة


فيصل سلايطة
26-08-2025 07:00 PM

في قلب غزة، حيث الحرب لا تعرف التوقف والدمار يحيط بكل زاوية، يقف المسيحيون هناك شاهدين على معاناة مركّبة تتجاوز حدود الاحتلال وحده. فهم، إلى جانب ما يواجهونه من حصار وقصف ونزوح، يعيشون أحيانًا تحت وطأة النظرة الثانوية ، رغم أنهم جزء أصيل من النسيج الفلسطيني منذ قرون طويلة إن لم يكونوا الأصل.

الكنيسة في غزة لم تكن يومًا مجرد مكان للعبادة، بل تحولت عبر السنوات إلى بيت أمان. في لحظات الحرب والعدوان، كانت أبوابها تُفتح بلا تمييز لتستقبل المسلمين والمسيحيين، كبارًا وصغارًا، نساءً ورجالًا، لتصبح رمزًا للملاذ والإنسانية. وبين جدرانها، التقت الصلوات من مختلف الأديان، وتوحّد الخوف والرجاء، ليؤكد الجميع أن الإنسانية أوسع من كل انقسام.

المسيحيون في غزة ليسوا وافدين على الأرض، بل هم أبناء جذور ضاربة في التاريخ. تعود جذورهم إلى القرون الأولى للمسيحية، حين كانت فلسطين مهد الرسالة وموطن الكنائس الأولى. عبر العصر الاسلامي، مرورًا بالعهد العثماني، ثم الاستعمار البريطاني، وصولًا إلى الاحتلال الإسرائيلي، ظلوا متمسكين بأرضهم وبيوتهم، رافضين كل عروض التهجير والمغريات المالية التي حاولت اقتلاعهم من جذورهم.

ورغم أن عددهم قليل نسبيًا اليوم مقارنة بالماضي، إلا أن حضورهم يتجاوز الأرقام. فهم يشكّلون شاهدًا حيًا على وحدة الفلسطينيين في معاناتهم، ويدحضون كل محاولة لتقسيم الشعب على أسس دينية أو طائفية. الكنيسة، التي كثيرًا ما تضررت من القصف أو عاشت تحت التهديد، لم تنكسر. بل بقيت جدرانها شاهدة على الصمود، وجرسها يدق ليذكر العالم أن غزة ليست مجرد أرض محاصرة، بل روح تقاوم وتتشبث بالحياة.

مسيحيو غزة قصة عن الانتماء والإصرار، عن رفض الاغتراب رغم كل الإغراءات، عن كنيسة تحولت إلى بيت جماعي يضم الجميع، وعن تاريخ لم يُمحَ رغم محاولات الطمس. إنهم صوت يهمس وسط الركام: نحن هنا، باقون، لا نهجر الأرض ولا نتخلى عن الجذور.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :