facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفن والتنوع الثقافي


الفنانة التشكيلية روان العدوان
01-09-2025 07:13 PM

الفن هو لغة عالمية تتجاوز حدود الكلمات، يعبر من خلالها الفنان عن رؤيته الخاصة، مشاعره وأفكاره، ليخلق تجربة بصرية تميز كل فنان عن غيره. يكمن سر التميز في قدرة الفنان على تقديم اختلاف حقيقي، ليس من أجل الاختلاف فقط، بل كرحلة مستمرة نحو ابتكار أسلوب فني جديد يثري مشهد اللوحة ،من حيث التكوين، الفكرة، الأسلوب، واللون. الفنان الحقيقي هو من يخلق تجربة بصرية وفكرية جديدة، ويترك بصمة تميّزه عن أقرانه.

في عالم الفن، لا يكفي أن يكون العمل مجرد تكرار لما سبق، بل يجب أن ينبض بروح جديدة وأفكار مبتكرة. الفنان الذي يختار درب التقليد فقط يحرم نفسه من التعبير الحقيقي ويجعل فنه نسخة مكررة بلا حياة. أما الفنان المبدع فهو من يتحدى القواعد، يستكشف طرق جديدة، ويبتكر أساليب تعكس رؤيته للعالم من حوله.

تجربة بول غوغان مع معلمه الذي رفض أعماله لعدم اتباعه الأساليب التقليدية، مثال حي على أهمية التميز والابتكار. رفض معلمه السماح له بعرض لوحاته دفعه لتطوير أسلوبه الخاص، ليصبح فيما بعد أحد أعظم رواد الفن الحديث.

لا يمكن الحديث عن الاختلاف في الفن دون الإشارة إلى تأثير الثقافة، فهي الإطار الذي يشكل وعي الفنان ويغذي خياله. الثقافة ليست مجرد أسلوب حياة، بل هي مصدر غني للتاريخ والمعارف التي تثبت علاقة الإنسان بمكانه، وتمنحه سمات روحية، معتقدات، عادات، تقاليد، فنون وآداب تميز كل مجتمع عن غيره. هذه العوامل مجتمعة تؤثر في طريقة تفكير الفنان ورؤيته للعالم.

حين يأتي الفنان من ثقافة معينة، يحمل معه تراثًا بصريًا وفكريًا مميزًا ينعكس على اختياراته الفنية. فنون أفريقيا بألوانها الزاهية ورموزها التعبيرية تعكس طبيعة المنطقة، كما يبرز فن السكان الأصليين في أستراليا من خلال محاكاة رسومات الكهوف بطابع معاصر، والفن الإسلامي يتجلى في الزخارف الهندسية والخط العربي، بينما يميل الفن الغربي المعاصر إلى التجريد والتعبير، متأثرًا بعجلة الحياة والصناعة والتكنولوجيا.

هذا التنوع الثقافي والبيئي، مع الإلمام بتاريخ الفن، يثري تجربة الفنان ويمنحها طابعًا خاصًا. التنوع لا يخلق اختلافًا في الشكل فقط، بل يثري الفن ذاته ويمنحه أبعادًا جديدة. الفنان الذي يستلهم من ثقافته ويعيد تفسيرها بأسلوب مبتكر يساهم في خلق حوار ثقافي فني عالمي يعزز التفاهم والتبادل بين الشعوب.

في البلدان المتقدمة، نرى حرصًا دائمًا على إقامة المعارض الفنية الدولية التي تستقطب مقتني الأعمال والفنانين من مختلف أنحاء العالم، مما يدر دخلًا ملحوظًا ويعزز من مكانة الفن كقطاع اقتصادي وثقافي مثال على ذلك Art Volta في Basel , سويسرا والذي حضرته شخصيا ، حيث أتاح هذا المعرض فرصًا للفنانين من مختلف أنحاء العالم لعرض أعمالهم ، إثراء تجربتهم الفنية واكتشاف مواهب جديدة يسعى اليها مقتني الأعمال الفنية الذين يتابعون معارض الفن التشكيلي ،على المستوى الدولي ،هذا المعرض والذي لقي نجاحا ملحوظا ، أتاح للجمهور السويسري فرصة للتعرف على أعمال فنية تمثل ثقافات مختلفة من مختلف أنحاء العالم .

في عصر العولمة، أصبح التفاعل بين الثقافات أكثر كثافة، مما أتاح للفنانين فرصًا غير مسبوقة لاستلهام أفكار وأساليب من ثقافات متعددة. هذا التفاعل يفتح آفاقًا جديدة للابتكار، حيث يمكن للفنان أن يمزج بين عناصر من ثقافات مختلفة ليخلق اعمالًا فنية مميزه .

على مدار أكثر من 25 عامًا من العطاء الفني، كرّست جهودي لإنتاج أعمال مستوحاة من التراث الأردني العريق، مع تركيز خاص على رسومات ونقوش فن الصخور الصفائية. وجدت في هذا الفن، المنتشر في شمال البادية الأردنية، تجسيدًا لفن حديث سبق عصره، يحمل في طياته دررًا خفية تحكي قصة العرب المتجذرين في هذه الأرض عبر آلاف السنين. من تماثيل عين غزال إلى البتراء، ومن القصور الأموية إلى فن الصخور، تتجلى أمامنا شواهد تاريخية وفنية تروي عظمة الإنسان العربي عبر العصور.

هذا الإرث الثقافي الاصيل ألهمني لتجسيد هويتنا العربية من خلال أعمال فنية معاصرة تعكس قصصًا غنية ومفعمة بالحياة. النقوش التي اكتُشفت في شمال المملكة الأردنية الهاشمية ما زالت مصدر إلهام لا ينضب، حيث أُعيد أحياؤها بأسلوب معاصر يمزج بين التراث العربي القديم والحداثة الأوروبية، ليولد بذلك حوارًا بصريًا بين الماضي والحاضر.

لقد عرضت أعمالي في الأردن ودول أوروبية عدة، سعيت من خلالها إلى تسليط الضوء على إرثنا العريق بطابع معاصر ، مما جعل هذه المعارض دعوة مفتوحة لاستكشاف فنون الأردن وتراثه الغني.

حظيت أعمالي بتقدير واسع على الساحة الدولية، حيث غطتها صحف عالمية مرموقة مثل الصحيفة السويسرية "Tribune De Genève"، مما يعكس عمق التأثير الفني الذي أسعى إليه، وقدرة الفنان الواعي على نقل التراث الأردني الثري إلى جمهور عالمي بأسلوب حديث ينبض بالحياة والهوية، حيث انني اعرض أعمالي حاليا في احدى غالريات جنيف والمسمى بغالري النهضة والمتواجد في منطقة حيوية في قلب مدينة جنيف ، يوءمها السياح والزوار .

أسعى من خلال الفن الى مد جسورًا للتواصل ما بين الشرق والغرب لتعزيز الحوار الإنساني والتفاهم العالمي، حيث أن الفن ليس مجرد إبداع فردي، بل رسالة ثقافية تجمع بين الماضي والحاضر، بين الأصالة والابتكار، لتشكل معًا نسيجًا غنيًا يعكس تنوع وجمال الحضارة الإنسانية .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :