رائحة الدم هبت من الشمال * علي أحمد الدباس
10-08-2011 06:18 PM
تبا لك أيتها الرياح ، لماذا تحولت شمالية غربية ، لتذكرينا أن أشقاءنا هناك يذبحون لأنهم أفاقوا من غيبوبتهم التي عاشوا فيها عقودا؟ أم لتذكرينا أننا أطلنا النظر نحو الجنوب حتى نسينا أن جيراننا في الشمال يذبحون ؟ أم لتذكرينا أن رائحة الدم التي حملتيها لنا هي رائحة أخوالنا و أشقائنا و أقاربنا و أصهارنا ... و ناس من لحمنا و من دمنا ؟
تبا لك يا رياح الشمال ، ألقيت علينا برائحة الدم التي تختلط فيها دماء أكثر من ألف شهيد .... ألقيت علينا برائحة الدم التي أزهقتها دولة الممانعة ، و يا ليتها أعملت دباباتها في العدو ... بل أعملتها بالناس الذين قالوا كفى ... الناس الذين صدقوا كذبة الربيع العربي ... الناس الذين ظنوا أن العرب سينجدونهم و سيذكرونهم أو على الأقل سيستنكرون المجزرة التي حصلت لهم ...
تبا لك يا رياح الشمال ، كنا حين تهبين نفتح لك الشبابيك تحملين معك رائحة الياسمين الشامي ، أما اليوم فنحن نغلق شبابيكنا عن رائحتك ، و نغلق آذاننا عن صرير صوتك ، و نغلق عيوننا حتى لا نرى تحرك الشجر على أثرك ، و نغلق أفواهنا حتى لا ننطق بما يسيئ إلى جيران تخلينا عنهم و نسينا ذبحهم و لم نعرف كيف نقف معهم !
تبا لك يا رياح الشمال ، خنقتنا برائحة الدماء ... مع أنها رائحة زكية عطرة لشهداء أزهقت أرواحهم ليطل فجر سورية ، سورية التي وصلتها جيوش الثورة العربية قديما لتكون موئلا لأحرار العرب ، و لتكون منطلقا للدولة المدنية ، ثم ما لبثت أن دخلت في غياهب الحكم المطلق و السلطة المطلقة و الموت المطلق و التخلف المطلق ....
تبا لك يا رياح الشمال ... خنقتنا حين ذكرتينا كم نحن مقصرين بحق جناحنا الشمالي ، كم صمتنا على الذبح المستمر طوال أشهر ، فقط لأننا خشينا أذية الشقيق ، و لم نشأ أن نطل برأسنا الى داخل بيت الجيران ... كم أهلكتنا يا رياح الشمال حين وشمتينا بالصمت مع أن تاريخنا حافل بالنطق الصادق و المواقف المشرفة ... كم أهلكتنا يا رياح الشمال حين عريت فينا الضمير الذي سكت عن هذه الجريمة لأننا كنا نظن أهل سورية سيضعفون و سيعودون ال ى عهدة الديكتاتور فخشينا بطشه و غضبه و قطيعته.
سوريا اليوم تذبح من شمالها الى جنوبها ، و طبيب العيون يقدح من عينيه شررا و هو يخرج للناس ليقول أن من حق الدولة أن تحارب الارهابيين و قطاع الطرق ... و نسي أنه هو الارهابي الذي يأمر الجيش أن يذبح الشعب ، و نسي أنه هو من قطع الطريق على كل أحرار سورية حين كان بطل مسرحية تغيير الدستور ليصبح الحد الأدنى لسن الرئيس أربعة و ثلاثون عاما ... و نسي أن الناس لا تنسى أن البعوضة تدمي مقلة الأسد!
سورية ... يا من تعمدت بدماء الشهداء الزكية ... يا من تقفين اليوم على طريق الحرية من العبودية ، يا من تعدين دقائق الوقت الأخيرة من الليل الطويل ... يا من تنتظرين بزوغ الفجر القريب ... لتعود سورية منارة للحرية ، و منطلقا للفكر الحر ... و درة الشرق ... و لتعود الشام شامة على خد العروبة.... سوري اصمدي في وجه الطغيان و اعذرينا على تقصير الجيران فكان الكثل قد قال (( أقرب واحد ... أبعد واحد )) لكن هي السياسة التي أغلقت في وجهنا البيبان...
تبا لك يا رياح الشمال ، على الأقل تساءلي معنا اليوم : ألم يحن بعد الوقت الذي نسمع فيه صوتا من عمان يقول كفى ذبحا بالجيران؟!