الصين لن يتمكن أحد بعد اليوم ايقافها ، هكذا قال الزعيم الصيني عشية العرض العسكري الضخم الذي شهدته بكين ، بحضور بوتين وزعيم كوريا الشمالية ، وثلة من زعماء المنطقة ، بينهم رئيس وزراء الهند القوي ، لإحياء مرور ثمانين عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، قال ذلك وهو يستعرض مع ضيوفه ،أسلحة متعددة نووية وتقليدية ، بينها صاروخ بالستي عابر للقارات، يبلغ مداه عشرين الف كيلومتر .

لن تُفيد البيت الأبيض، سخرية ترامب تجاه ذلك اللقاء، عندما اتهم القادة الثلاثة بالتآمر على الولايات المتحدة، وهو يشاهد قادة منطقة أوراسيا، يقدمون الصين في واجهة العلاقات الاقليمية والدولية، في وقت يندد فيه الزعيم الصيني "بتنمّر " بعض البلدان على العالم ، يقصد بذلك الولايات المتحدة ، هذا الحدث الضخم في بكين ، كان له وقع كبير في الغرب ، وجعل مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، تقول أنه يندرج في مساعٍ لبناء " نظام عالميّ جديد " مناهض للغرب ، ويمثل تحديا مباشرا للنظام الدولي ، بعد أن تحدثت الصين وروسيا "عن قيادتهما تغييرات لم نشهدها منذ مئة عام وعن مراجعة لنظام الأمن العالمي " .

من الطبيعي أن تزداد حدة المخاوف الاوروبية ، عندما يشير بوتين ، بأن ارسال الجنود الكوريين للمشاركة في القتال ضد اوكرانيا ، كانت فكرة الزعيم الكوري الشمالي .

الذي أثار القلق لدى الغرب، هو تعزيز وجود منظمة " بريكس " بزعامة ثلاثة دول قوية ، الصين وروسيا والهند ، مشفوعة باقتصادات كبرى ، وعدد سكان يمثل أكثر من ثلث سكان الكرة الأرضية ، هذا يعني أنّ العالم الذي بدأ يتشكل في الشرق ، يبشّر بتهميش الهيمنة الغربية والأطلسية ، وهذا هو ما أثار حفيظة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، وجعل ترامب يفرض المزيد من العقوبات على الهند الصاعدة اقتصادياً .

يبدو أن النظام العالمي، الذي حاول الرئيس جورج بوش ، بناءه في مطلع تسعينيات القرن الماضي ، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، والذي أقيم على أساس القوة القطبية الواحدة ، يوشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، أمام نظام جديد يؤكد على ما سمي "بروح شنجهاي" القائم على احترام الحضارات والمساواة وتبادل المنافع ، بدل سياسات السيطرة والنفوذ والعقوبات والإملاءات .

شاء الغرب او لم يشأ، ما حدث في الصين مؤخراً ، يسجل تحولاً تاريخياً في السياسة العالمية ، لن يتمكن أحد من ايقافه كما قال الرئيس الصيني.