لا تحتاج بني حسن إلى تعريف، فالأرض تعرفهم والتاريخ يحفظ سطورهم والمواقف تروي عنهم أكثر مما يروون. من السهول والبوادي إلى أعالي الجبال، ظلّ اسمهم مقرونًا بالوفاء للوطن والولاء للقيادة، جذرًا أصيلاً ضاربًا في عمق الأرض الأردنية، ينهل من قيم البداوة الأصيلة ويرفدها بروح العصر.

منذ أن استقر أجدادهم في ربوع الأردن، حملوا على أكتافهم عبء الزمان وصاغوا بحكمتهم ملامح مجتمع متماسك، مؤمن بأن العشيرة سند، وأن الوطن سقف الجميع. وفي محطات تأسيس الدولة الأردنية، كان أبناء بني حسن في الطليعة؛ حماة للثغور، زُرّاعًا للأرض، رُوّادًا في التعليم والوظائف العامة، يبذلون الجهد في صمت، ويرفعون الراية في كل ميدان.

حين يتردد البيت القائل: "فلسنا على الأعقابِ تدمى كُلومُنا، ولكن على أقدامنا تقطر الدِّما"، يشعر أبناء بني حسن أنّ هذه الكلمات خُطّت في وجدانهم منذ زمن بعيد؛ فالفداء والتضحية عندهم خُلق ووجدان، وليست شعارًا يُرفع عند الأزمات. لم يساوموا على انتمائهم يوماً، ولم يطلبوا مكاسب على حساب الوطن؛ فهم أبناء مدرسة تُقدّم الفعل على القول، وتضع مصلحة الأردن فوق كل اعتبار.

لا يزايدون على حب الوطن ولا ينتظرون مناسبة لإعلان انتمائهم، فالوطن يسكن فيهم كما يسكنون فيه. كانوا وما زالوا في الصفوف الأولى؛ في البناء والتنمية كما في الذود والدفاع، في الحكمة والتعقل كما في الحزم والفعل. عُرفوا بحضورهم في الجيش العربي والأجهزة الأمنية، وبتضحيات شهدائهم الذين نقشوا أسماءهم في سجل الفخر الأردني، وبعطائهم في ميادين الزراعة والتجارة والتعليم والإدارة العامة.

تاريخ بني حسن مفعم بالشواهد: رجالهم في ساحات السياسة والإدارة، ونساؤهم في التربية والعمل الاجتماعي، وأبناؤهم في مقاعد العلم والبحث والابتكار. حيثما حلّوا حملوا إرث الكرامة والشهامة، يجمعون بين صلابة الموقف ورحابة الصدر، وبين الأصالة والانفتاح على التطوير، يزرعون في أبنائهم حب الوطن والإيمان بأن مستقبل الأردن مرهون بجهد كل مخلص.

إنّ بني حسن ليسوا مجرد عشيرة كبرى في خارطة الأردن الاجتماعية؛ بل ركيزة وطنية تتجدد أجيالها على عهد الانتماء، تسقي جذورها من وفاء الآباء وتورث الأبناء قِيَم الشرف والنجدة والمروءة. يفاخر بهم الوطن لما فيهم من قامات وطنية وعلمية خدمت الدولة بإخلاص، وأسهمت في صياغة حاضرها وبناء مستقبلها. هم جزء من النسيج الأردني الوفي الذي شد أزر الدولة منذ نشأتها، وحافظ على أمنها واستقرارها في أدق اللحظات.

في بني حسن تتجلى معاني التلاحم بين العشيرة والدولة؛ فهم أهل الدار وحماة الجار، يستمدون قيمهم من إرث عربي أصيل، ويجددون حضورهم بمبادرات شبابية في التعليم والعمل التطوعي وخدمة المجتمع. ما زالوا يرفدون الوطن بكفاءات في الطب والهندسة والقضاء والعسكرية، رجالًا ونساءً، يضربون المثل في العطاء والالتزام.

واليوم، يواصل شباب بني حسن حمل الراية بروحٍ متجددة، يقتحمون ميادين التعليم العالي والبحث العلمي، ويخوضون غمار ريادة الأعمال والابتكار بخطى واثقة. يأسسون المبادرات التطوعية، ويقودون البرامج التنموية في القرى والبلدات، حاملين إيمانًا راسخًا بأن خدمة المجتمع هي امتداد طبيعي لإرث الأجداد. هم جيل يجمع بين أصالة الجذور وطموح المستقبل، يكتب فصلًا جديدًا من عطاء بني حسن في بناء أردنٍ مزدهرٍ يليق بتضحيات الآباء وتطلعات الأبناء.

هكذا تبقى بني حسن شاهدًا حيًا على أن الوفاء قيمة تتوارثها الأجيال، وأن الانتماء فعل يومي يتجلى في كل حقل ومؤسسة، وفي كل موقف يدعو إلى نصرة الحق وخدمة الوطن. في زمن التحولات والتحديات، يظل صوتهم ثابتًا: الأردن بيتنا الكبير، والقيادة الهاشمية عهدنا الذي لا ينقض، والعمل والبذل سبيلنا لصون هذا الحمى الغالي.