مركزية القضية من وحدة الفلسطينيين
محمود عبدالله المجالي
23-09-2025 09:11 AM
الاعترافات بالدولة الفلسطينية فرصة تاريخية لإعادة صياغة القضية، وكما تراجعت دول كبرى عن موقفها، واعترفت بالدولة، مطلوب من الفلسطينيين أنفسهم، القيام بما يجب لاستغلال ذلك.
كنا دائما نسمع مصطلح "مركزية القضية الفلسطينية في وجدان العرب"، لكن لم نشاهد عبر التاريخ مركزية "فلسطينية" موحدة للتعامل معها. لدينا سلطة وفصائل كثيرة، وكلٌ لديه منظوره للحل، ولديه دول ترعاه.
هذا التشرذم والانقسام الداخلي، ترك الباب مفتوحا للمصالح والمشاريع، وهذا ما حوّل مركزية القضية لمصطلح فضفاض، وشعار يرفع فقط في التظاهرات، وعلى شاشات الأخبار وفي الحوارات.
ولاحقا استغل البعض هذا المصطلح للطعن والتشكيك بالدور العربي.
الحقيقة التي لا يريد البعض الاعتراف بها، ويفضل الاستمرار بلوم الآخرين فيها، أن مركزية الفلسطينيين وتوحدهم (الأغلبية)بالتعامل مع قضيتهم، أساس لمركزية القضية عربيا. وحدهم هم القادرون على فرض رؤيتهم. وحدتهم هي التي تمنع الانقسام الدولي.
واليوم هذه "المركزية الذاتية" مطلوبة من الفلسطينيين، لمواجهة مخططات إسرائيل التي تعتاش على انقسامهم "لو لم يكن موجودا لأوجدوه". لا بد للفلسطينيين من استغلال هذا التغير الجذري في موقف المجتمع الدولي، والفرصة لا تأتي مرارا.
السلطة الفلسطينية الشرعية مطالبة بالعمل على ما تعهدت به من إصلاحات، ومكافحة الفساد، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية وتغيير الدماء، لتتحول لحاضنة سياسية لكل فلسطيني في الداخل والخارج سلطة جامعة تتجهز لتكون لبنة لدولة فلسطينية قوية.
باقي الفصائل الفلسطينية مدعوة لإغلاق المتاجر التي تديرها، كونها لا تمثل الشعب الفلسطيني، بقدر ما تمثل مصالح من يقف خلفها، ولا مانع من خلافات في وجهات النظر، لكن ضمن منظومة السلطة الجامعة، وليس على حساب المشروع الفلسطيني.
بهذه الطريقة، يتم منع أي فصيل من أخذ قرار، يدفع ثمنه آلاف الفلسطينيين موتا وتشريدا، كما يحدث الآن.
حماس التي رحبت بالاعترافات الدولية، وهو موقف لم تكن توافق عليه سابقا، في إطار الاعترافات المستندة لقرارات الشرعية الدولية. فمثلما ضحت بمئات الآلاف من أهل غزة، حان الوقت لأن تضحي بنفسها ومشروعها، وأن تعود لحضن الشرعية.
بذلك تنقذ الحركة ما تبقى من أهل غزة، وتسحب المبررات التي تمنع قيام هذه الدولة.
يجب منع أي طرف خارجي، من المتاجرة بالقضية الفلسطينية. دولة أو حزب أو جهة إعلامية. فنصيحة حافظ الأسد للإيرانيين، ما تزال تردد "كل جملة تقولونها ضعوا فيها كلمة فلسطين". هكذا دخلت إيران، واستغلتها للتمدد بدول عربية.
فالقضية الفلسطينية بالنسبة للبعض، "كريدت كارد". فمعاناة الفلسطينيين، كانت مربحة لجماعة الإخوان في الانتخابات بالأردن، علما بأن مشروع الجماعة، لا يؤمن بالحدود ولا بالأوطان.
مرة اخرى، وحدة الفلسطينيين، تعني وحدة العرب تجاه هذه القضية، والانقسام يعني استمرار التاريخ الطويل من الفشل، في إدارة القضية الأكثر عدالة في العالم.
بقي أن نقول إن الاعترافات الدولية، هي بداية معركة طويلة ستحمل تداعيات كبيرة، ليس على الفلسطينيين، وإنما على المنطقة. وليس مطلوبا من الفلسطينيين لمواجهة هذه التداعيات، سوى الوحدة.
وعليهم هذه المرة الاعتراف بمقولة.. "إذا لم نتعانق اليوم سنعلق من أعناقنا غدا".