facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نحن، أوروبا وإسرائيل: محاولة للتفكيك


حسن عبدالحميد الرواشدة
23-09-2025 05:21 PM

بينما ينشغل الغرب بأزماته الداخلية وصعود الصين وتداعيات الحرب في أوكرانيا، تمضي إسرائيل بخطى ثابتة لترسيخ موقعها كقوة إقليمية مستقلة في الشرق الأوسط، لم تعد مجرد ذراع غربية، بل لاعب يسعى لفرض شروطه على الجغرافيا والسياسة والاقتصاد في واحدة من أكثر مناطق العالم حيوية.

هذا التحول يثير قلق العواصم الأوروبية، خصوصًا بعد أن تبيّن أن “الشريك الإسرائيلي” لم يعد الوكيل المضمون للمشروع الغربي، بل بات قوة متمردة قد تهيمن على مصادر الطاقة وخطوط التجارة وموازين القرار. التطورات الأخيرة وأبرزها اعتراف بريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى بالدولة الفلسطينية تعكس هذا القلق عمليًا، إذ يمثل الاعتراف لحظة فاصلة في مسار العلاقة، أوروبا تُدرك أن الاحتضان الأعمى لتل أبيب لم يعد ممكنًا.

منذ نشأتها شكّلت إسرائيل امتدادًا استراتيجيًا للغرب، لكن تراجع الدور الأميركي في العقد الأخير فتح أمامها المجال لتوسيع نفوذها المستقل. رئيس "الموساد" السابق تامير باردو لخّص المشهد بالقول "إسرائيل لم تعد بحاجة إلى من يرعاها، بل باتت فاعلًا دوليًا له شبكاته وتحالفاته، حتى مع خصوم الحلفاء الغربيين" وهو توصيف يلخص استقلالية متنامية تثير الحرج في بروكسل وباريس ولندن.

تجسيد هذا التوجه بدا واضحًا في مشروع "ممر الهند – الشرق الأوسط – أوروبا" الذي يمر عبر إسرائيل، مانحًا تل أبيب موقعًا محوريًا في حركة التجارة الدولية، ومقلصًا من الدور العربي التقليدي. نتنياهو وصفه بـ "أهم مشروع منذ قيام الدولة". بالنسبة لأوروبا، يعني ذلك انزياح مركز الثقل شرق المتوسط نحو إسرائيل، على حساب شركاء تاريخيين.

لكن مع تزايد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وتعنت تل أبيب تجاه أي مبادرات أوروبية، بدأ التباين يتعمّق. التصريحات الأوروبية بأن "إسرائيل تقوض فرص السلام"، وتحذيرات باريس من "ابتعادها عن المعايير الديمقراطية"، لم تعد مجرد انتقادات لفظية. الاعتراف الأوروبي المتتالي بالدولة الفلسطينية هو الخطوة العملية الأولى لإعادة التموضع، وربما بداية انفصال تدريجي عن “الشيك على بياض” الذي مُنح لتل أبيب لعقود.

في ميدان التكنولوجيا والأمن، تصدّر إسرائيل أدوات المراقبة لأكثر من 130 دولة، ما يجعلها قوة سيبرانية عابرة للحدود. أوروبا، التي تستورد هذه الأدوات، تجد نفسها في علاقة تبعية استخباراتية تزيد من تعقيد معادلة النفوذ. تقرير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية حذّر من أن "إسرائيل تملأ الفراغ الاستراتيجي في الشرق الأوسط بينما تغيب أوروبا عن موازين القوى".

اليوم، ومع الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية، يتضح أن القارة العجوز بدأت بالفعل البحث عن توازن جديد، إعادة الانفتاح على الملفات العربية، دعم سياسي رمزي للفلسطينيين، وتوثيق علاقات مع قوى إقليمية كالسعودية ومصر. الهدف ليس القطيعة مع إسرائيل، بل منعها من احتكار دور القوة المهيمنة في الإقليم ربما يكون ذلك في اطار سياسة عدم الرضا الأوروبية عن سلوك واشنطن.

الشرق الأوسط لم يعد مجرد ساحة تنازع بين الكبار، بل ميدان تنافس إقليمي ايضا. إسرائيل تبدو الأكثر جاهزية، لكن أوروبا وبعد اعترافها المتأخر بفلسطين تحاول استعادة زمام المبادرة. إما أن تُعيد صياغة حضورها لتكون فاعلًا في التوازن، أو تكتفي بموقع المتفرج على صعود حليفٍ لم يعد مضمون الولاء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :