facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين يتحدث الأمن بلغة المواطن


عقيد متقاعد محمد الخطيب
04-10-2025 11:10 AM

* الإعلام الأمني الأردني في ثوبه الرقمي الجديد

في السنوات الأخيرة، برز الإعلام الأمني كأحد الركائز الحيوية في تعزيز العلاقة الإيجابية بين الأجهزة الأمنية والمجتمع، حيث أدى دورا محوريا في ترسيخ مفاهيم الشفافية والمصداقية، وبناء جسور الثقة مع المواطن. وفي الأردن، استطاعت مديرية الأمن العام أن تُحقق نقلة نوعية في هذا المجال، من خلال تطوير استراتيجيات إعلامية متقدمة، تستجيب لطبيعة العصر الرقمي وتحدياته، وتضع المواطن في قلب المشهد الأمني كشريك لا مجرد متلقٍ.

لقد أثبت الإعلام الأمني الأردني قدرته الفائقة على مواكبة التحولات العميقة التي شهدها المشهد الإعلامي العالمي، خاصة في ظل الانتشار الواسع للتكنولوجيا الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي. وتمكنت مديرية الأمن العام من استثمار هذه التحولات بطريقة فاعلة، من خلال إعادة هيكلة خطابها الإعلامي وتحديث أدواتها بما يواكب تطلعات الجمهور الرقمي، الذي بات يعتمد بشكل أساسي على الإنترنت كمصدر رئيسي للمعلومة.

ولا شك أن النسبة المرتفعة لاستخدام الإنترنت في الأردن، والتي بلغت نحو 92.5% من السكان عام 2025، شكّلت بيئة مواتية لتطوير الإعلام الأمني الرقمي، حيث استجابت المديرية بفاعلية لاحتياجات هذا الجمهور عبر تبني وسائل حديثة مثل البث المباشر، المحتوى التفاعلي، والإشعارات الفورية، فضلًا عن إدارة حسابات احترافية على منصات التواصل الاجتماعي. كما تم تطوير إذاعة "أمن إف إم" لتصبح منبرا يوميا لتقديم الرسائل التوعوية والإرشادات الأمنية بصيغة سهلة وفعالة.

وإلى جانب التوسع في الوسائط، برزت جهود جبارة في إنتاج محتوى توعوي رقمي هادف، لا سيما في مجال الوقاية من الجرائم الإلكترونية التي شهدت تزايدا عالميا. وقد قادت مديرية الأمن العام حملات تثقيفية متقدمة عبر الفضاء الرقمي، استهدفت فئات المجتمع كافة، وبأسلوب عصري يراعي خصائص كل فئة، خصوصا الشباب، مما عزّز من وعي الجمهور وساهم في تعزيز ثقافة الأمان الرقمي.

وكمسؤول إعلام أمني، أُتيحت لي الفرصة لزيارة إدارة الإعلام الامني والشرطة المجتمعية في مديرية الأمن العام، وقد كنت على دراية مسبقة بتطور الإعلام الأمني، لكن ما شاهدته على أرض الواقع فاق توقعاتي. لقد فوجئت بمدى التقدّم الذي وصلت إليه المنظومة الإعلامية داخل المديرية؛ من حيث البنية التحتية الرقمية المتطورة، الكوادر المدربة بكفاءة عالية، وتكامل العمل الإعلامي بين مختلف الإدارات. كانت الزيارة بمثابة تجربة ملهمة أكدت أن ما يُقال عن تطور الإعلام الأمني الأردني ليس مبالغة، بل هو حقيقة ملموسة مدعومة بجهد مؤسسي واضح

لقد أولت المديرية أهمية كبرى لتأهيل كوادرها الإعلامية، عبر تدريبها على أحدث المهارات في مجالات الإعلام الرقمي، إدارة الأزمات الإعلامية، وتقنيات التصوير والمونتاج، مما جعل الأداء الإعلامي أكثر احترافية وسرعة. هذا التحديث المهني انعكس على جودة الرسائل الإعلامية، التي باتت أكثر جذبا وتأثيرا في وعي المتلقي.

لقد نجح الإعلام الأمني الأردني في التحول من نموذج تقليدي يعتمد على البيانات الجامدة إلى منظومة ديناميكية قائمة على التفاعل، المبادرة، والاستباق، وهو ما انعكس في قدرته على التعامل السريع مع الأحداث، ومساهمته الكبيرة في توجيه الرأي العام نحو المعلومة الدقيقة، بل وتقديمها فورا، بما يُغلق الباب أمام الشائعات والمعلومات المضللة.

وما يميز التجربة الأردنية هو أنها لم تكتفِ بردّ الفعل، بل تبنّت نهجا استباقيا يعتمد على الذكاء الإعلامي، وتكامل الجهود بين وحدات الإعلام الرقمي والفرق التوعوية والشرطة المجتمعية. هذا التكامل أثمر عن نتائج ملموسة في تعزيز الأمن الوقائي، وتحقيق حضور مؤسسي رصين في البيئة الرقمية التي تتطلب تفاعلًا سريعا وفهما عميقًا لتوجهات الجمهور.

ومع كل هذه الإنجازات، يظهر الإعلام الأمني الأردني كنموذج يُحتذى في العالم العربي، ليس فقط من حيث التقنية والأسلوب، بل في فكره المؤسسي الذي يرى في الإعلام شريكا أساسيا في حماية المجتمع، لا مجرد أداة لنقل الأخبار. وبفضل هذه الرؤية المتقدمة، أضحى الإعلام الأمني الأردني جسرا فعّالا للتواصل الإيجابي بين الدولة والمواطنين، ومكونا رئيسيا من مكونات الأمن المجتمعي المستدام.

إن ما تحقق حتى الآن في هذا المسار هو ثمرة تخطيط عميق، وعمل مؤسسي متواصل، ورؤية استراتيجية تدرك أن الإعلام في العصر الرقمي لم يعد ترفا أو هامشا، بل أداة قوة ناعمة تُسهم في حفظ الأمن، وتعزيز الانتماء، وبناء مجتمع أكثر وعيا ومشاركة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :