شذرات في الإعلام الأردني الذي نريد
مأمون المساد
07-10-2025 12:27 PM
(1)
حديثُ الإعلام الأردني وطموحاتُ التطلع لمستقبله الذي نريد لم يعد ترفاً تنثر عبر كلمات المقالات والندوات بالقدر الذي بات ضرورة لابد من ان تنعكس المخرجات الى واقع يغير الواقع وينهض به الى حيث نعكس خطاب الدولة الاردنية الحديثة، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، وتزايد أهمية الإعلام كأداة فاعلة في تشكيل الوعي المجتمعي وصناعة الرأي العام .
وقبل ان أغرق في الأدبيات أهمية الاعلام، والوقوف على تاريخ ما قدم الاعلامي الاردني على مدى عقود من الزمن لأقول :- آن الأوان إلى إعادة النظر في شكل ومضمون الإعلام الأردني، وتحديد الرؤية التي نريد أن يكون عليها ، بأن يكون هناك تحولا إلى قوة ناعمة تسهم في بناء الدولة، وتعزيز الهوية الوطنية، ومواكبة التطورات التكنولوجية والإعلامية.
واعتقد أن الرؤية التي يتطلع لها الاردن والاردنيون ان يقوم الاعلام على مبادئ المهنية والمسؤولية ليعبر عن نبض الشارع الأردني دون أن يفقد توازنه أو مهنيته ، إعلاما يشتبك إيجابيًا مع القضايا الوطنية الكبرى، من التنمية والإصلاح، إلى الهوية والتماسك المجتمعي، إعلاما متحررا من البيروقراطية والخطاب النمطي، يتبنى الابتكار والتفاعل الرقمي،ويجذب الأجيال الجديدة بمحتوى معاصر وهادف، إعلاما يمتلك الحضورالإقليمي والتأثير الخارجي، ويكون واجهة محترمة للأردن في الخارج .
( 2)
بالنظر الى الخطوات المطلوبة اليوم فإن هذا يتطلب إرادة سياسية، واستثمارًا ذكيًا، وتحريرًا للإعلام من القيود التي تحدّ من تطوره وقدرته على الابتكار ، بحيث نسعى الى توسيع نطاق التأثير الإقليمي، من خلال إنتاج محتوى قادر على المنافسة عربياً، خصوصاً في الملفات السياسية والثقافية والاجتماعية ، وتعزيز حضور الأردن في الإعلام الرقمي العالمي، عبر منصات ناطقة بلغات أجنبية تمثل وجهة النظر الأردنية في قضايا اللاجئين، الأمن، فلسطين، البيئة وغيرها ، ولنسعى لمواجهة المعلومات المغلوطة والحملات الإعلامية السلبية التي تستهدف الدولة الأردنية أو تشوه صورتها علينا العمل على بناء شراكات إعلامية إقليمية ودولية تتيح للأردن أن يكون مصدرًا موثوقًا للمعلومة، لا مجرد ناقل للاخبار منزوعة الدسم .
- لبناء شراكات فاعلة، يحتاج الإعلام الأردني إلى العمل على عدة مسارات استراتيجية، منها:
١) الاتفاقيات والتفاهمات الإعلامية
توقيع مذكرات تفاهم بين المؤسسات الإعلامية الأردنية ونظيراتها في الدول العربية والعالم.
تنظيم تبادل المحتوى (برامج، تقارير، وثائقيات) مع قنوات وشبكات إعلامية عربية ودولية.
فتح قنوات رسمية للتعاون الإعلامي بين الأردن ومنظمات دولية مثل: اليونسكو، الاتحاد الأوروبي، مؤسسات الإعلام التنموي.
٢) إطلاق منصات إعلامية مشتركة بإنتاج برامج أو نشرات مشتركة مع وسائل إعلام دولية، تعكس القضايا الأردنية من منظور عالمي ، دعم إنتاج محتوى رقمي مشترك (multilingual content) يعكس المواقف الأردنية تجاه ملفات إقليمية (القضية الفلسطينية، أزمة اللاجئين، التغير المناخي...) ، بإلانتاج المشترك للأفلام الوثائقية أو القصص الإنسانية التي تُظهر دور الأردن في المنطقة ،وتبادل الخبرات في تطوير المنصات الرقمية، البث عبر الإنترنت، الذكاء الاصطناعي في الإعلام. وبناء شراكات مع شركات تكنولوجيا إعلامية لتطوير تطبيقات ومنصات أردنية بمواصفات عالمية ، والتعاون في إنتاج محتوى إعلامي متعدد اللغات (عربي، إنجليزي، فرنسي...) للتواصل مع الجمهور الدولي، خصوصًا الجاليات الأردنية في الخارج.
٣) استضافة مؤتمرات وفعاليات إعلامية دولية ، بتنظيم ملتقيات ومؤتمرات في عمّان تستقطب شخصيات إعلامية دولية، مما يعزز حضور الأردن على الخارطة الإعلامية العالمية .
اعتقد ان الفرصة لم تفت بعد لترجمة الطموح الوطني في بناء إعلام حديث، مهني، ومؤثر ، لا يزال بالإمكان استثمار ما نملكه من طاقات بشرية، ومصداقية تاريخية، وبنية مؤسساتية، لصياغة مشهد إعلامي جديد يرتقي إلى مستوى تطلعات الدولة والمجتمع، فمع الإرادة الجادة، والانفتاح على التطوير، وبناء الشراكات الذكية، يمكن للإعلام الأردني أن يستعيد حضوره بقوة، ويصبح أداة فاعلة في التنمية الوطنية، وصوتًا مؤثرًا في الساحتين الإقليمية والدولية.
* ملاحظة: - هذا المقال اختصار لورقة عمل اعددتها تحت ذات العنوان ، وفي تفاصيلها افكار لا أدعي حصرية طرحها.