فاز ( الاردني الفلسطيني السعودي الامريكي ) عمر ياغي عالم الكيمياء بجائزة نوبل ، وهي أرفع جائزة علمية على مستوى العالم، ولم يلبث ان تنازعته هذه الجنسيات عند اعلان فوزه ،فالكل تذكره في هذه اللحظات وأعاد نسبه اليه، وحصلت المشادات بينهم فكل منهم يريد ان يستأثر به لوحده عندما وصل نهاية الطريق، أما اثناء الرحلة الشاقة فلم يتعرف عليه أحد، لا بل كانوا له بيئة طاردة لم يعطوه حقه من الرعاية ومن المحتمل انهم اسقطوا هذه الجنسيات عنه اثناء الرحلة.
انا اقول من بين هذه الجنسيات التي تتنازعه الان ، فقد فازت به وفاز بها الجنسية الامريكية، ولنكن منصفين وننسب الفضل الى اهله، ليس حبا وتملقا ولكن احقاقا للحق، فأمريكيا هي التي احتضنته ووفرت له البيئة العلمية والحياتية المناسبة، واكتشفت وقدرت مواهبه وطاقاته، وأفردت له حيزا ورفعت عنه السقوف، وانطلق الفتى المجتهد ليدخل مختبرا ويخرج من آخر عاكفا على ابحاثه وتجاربه وموفرين له الامكانات اللازمة سواء المادية اوالمعنوية ، حتى نال ما ناله بدعم ممن رعوه...اليست هذه هي الحقيقة بالرغم من مرارتها؟
عود على بدء، والسؤال ماذا لو بقي هنا، في فلسطين أو الاردن او السعودية أو اي بلد عربي آخر ؟وهذا السؤال اجاب عليه من قبل د. فاروق الباز عالم الفضاء الامريكي الشهير ود. أحمد زويل عالم الكيمياء الامريكي الاكثر شهرة والحائز على جائزة نوبل ايضا بالكيمياء، وكلاهما من ٱصول مصرية هاجروا لامريكيا ووجدوا ضالتهم هناك ، فعندما سئلوا ماذا لو: كانت اجاباتهم متشابهة، سنكون مدرسين وأقصى طموحنا رئاسة قسم في جامعة أو وزارة ما، ومكبلين بالقروض والروتين.
لي صديق اسمه د. رضوان عبدالله الوشاح بلغ من الذكاء والمثابرة مبلغا أهله ليكون من اوائل المملكة بالتوجيهي والاول على محافظة البلقاء، والاول بكلية الهندسة وكذلك الماجستير، وحصل على معدل ٤ من ٤ عندما تم ابتعاثه للولايات المتحدة الامريكية للحصول على درجة الدكتوراة،وتصادف ان يكون هو وعمر ياغي زميلين وصديقين بنفس الجامعة ، جامعة الينوي، وٱقسم ان لو اختار الدكتور رضوان البقاء بأمريكيا لكانت نوبل من نصيبه ، لما اعرفه عنه ويعرفه كل من حوله من مثابرة وذكاء يصل لحد العبقرية، لكنه آثر العودة، وهو الان مدرس بالجامعة الاردنية، والدكتور رضوان هنا هو مجرد مثال لا حصر.
الوطن يزخر بالكفاءآت العلمية، الاعلامية، الادارية الاقتصادية...الخ، وكل ٱمم الارض تشهد بذلك وساهموا ببناء وتقدم تلك الدول عندما وفرت لهم هذه الدول الدعم والبيئة والمناخ الملائم لاستغلال وإطلاق طاقاتهم فحصدوا ثمرة عقولنا ،ونحن ما زلنا نتغنى بأن العالم الفلاني كان عندنا وكنا نلعب مع بعض بحارة واحدة.
ملاحظة
برأيي الشخصي قد تتدخل السياسة في لحظة من اللحظات بفرع الجائزة الخاص بالسلام، وحتى هذا مشكوك فيه والدليل على ذلك عدم اختيار ترامب للجائزة ، لكن الثابت ان ليس لها يد أو تأثير على باقي فروع الجائزة، فمعايير الترشح والاختيار للجائزة عالية جدا وصعبة وشفافة .