facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تعدد تناول الأدوية عند المرضى بين الضرورة والخطورة


د. محمد بسام نصير
27-10-2025 08:57 AM

يشهد الأردن ارتفاعاً في معدل أعمار المواطنين مما زاد في معدلات الأمراض المزمنة، وعليه انتشرت ظاهرة تعدد الأدوية، أي استخدام المريض لخمسة أدوية أو أكثر في الوقت ذاته. ورغم أن هذا قد يكون ضروريًا في بعض الحالات الطبية، إلا أنه يثير مخاطر جدية تتعلق بالتفاعلات الدوائية السلبية، وضعف الالتزام العلاجي، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية ؛ مما استدعى وجود أبحاث أكاديمية حديثة تسلط الضوء على حجم المشكلة، وتوصي باستراتيجيات للتعامل معها.

يُعرّف تعدد الأدوية غالبًا باستخدام خمسة أدوية أو أكثر بشكل متزامن لمصابين بعدة أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، إلا أنه يضاعف احتمالية حدوث تداخلات دوائية، وآثار جانبية خطيرة، وانخفاض فعالية العلاج، وزيادة الدخول إلى المستشفيات. ومن العوامل التي تزيد من تفاقم هذه المشكلة في الأردن هو الاستخدام الذاتي للأدوية، إذ يلجأ كثير من المرضى إلى شراء أدوية من الصيدليات دون وصفة طبية، أو استخدام وصفات قديمة، أو الاستعانة بنصائح الأقارب والمعارف؛ مما يؤدي إلى تناول أدوية إضافية غير مبررة طبيًا أو تكرار نفس المادة الدوائية بأسماء تجارية مختلفة، وبالتالي ارتفاع احتمالية التداخلات الدوائية والآثار الجانبية.

أظهرت الدراسات أن نسبة كبيرة من المرضى في العيادات الخارجية الذين يتناولون خمسة أدوية أو أكثر معرضون بدرجة عالية للتداخلات الدوائية المحتملة، وأن شدة هذه التداخلات تختلف من حالة إلى أخرى، إلا أن عددًا منها قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة. كما بينت التحليلات أن مواقف المرضى تجاه الالتزام بالعلاج، وكذلك موقفهم من فكرة إيقاف الأدوية غير الضرورية، تلعب دورًا مهمًا في نجاح إدارة هذه المشكلة. يضاف إلى ذلك أن الاستخدام الذاتي للأدوية يسهم بشكل مباشر في زيادة معدل الأدوية المستعملة، مما يوسع دائرة الخطر المرتبط بتعدد الأدوية.

تثير هذه الظاهرة القلق لعدة أسباب، أبرزها المخاطر المباشرة على المرضى، إذ كلما زاد عدد الأدوية المستخدمة، ارتفع خطر حدوث تفاعلات غير مرغوبة قد تضعف العلاج أو تزيد من آثاره الجانبية. كما أن الأعباء المالية على النظام الصحي تتفاقم بسبب الآثار الجانبية التي تؤدي غالبًا إلى مراجعات إضافية، مما يزيد الضغط على ميزانية الرعاية الصحية. وإلى جانب ذلك، فإن تعقيد الوصفات الدوائية يضعف من التزام المرضى بالعلاج، إذ يزداد احتمال أن يخطئوا في الجرعات أو يتركوها نهائيًا، وهو ما يفاقم من حدة الأمراض المزمنة. كما أن قلة استخدام مبدأ إيقاف الأدوية غير الضرورية تبقى من أبرز العوائق، اذ أن هذه الممارسة ما تزال محدودة بسبب نقص الوعي، وتردد بعض الأطباء، وغياب أدوات داعمة لاتخاذ القرار. وإلى جانب كل ذلك، تأتي ثقافة الاستخدام الذاتي للأدوية لتزيد من تعقيد المشهد الدوائي وتُصعّب من السيطرة على الظاهرة.

وللتعامل مع هذه المشكلة، تؤكد نتائج الأبحاث المنشورة في مجلات علمية محكمة على ضرورة اعتماد برامج دورية لمراجعة الأدوية للكشف عن التداخلات والأدوية غير الضرورية، وتفعيل أنظمة إلكترونية في الصيدليات والعيادات للكشف عن التداخلات الدوائية المحتمل حدوثها وآلية التعامل معها، إلى جانب ذلك لا بد من تدريب الكوادر الطبية والصيدلانية على التعامل مع تعدد الأدوية وتثقيف المرضى بمخاطرها.

ان إشراك المرضى في القرارات العلاجية يعد أمرًا أساسيًا من خلال الحوار حول الفوائد والمخاطر وتشجيعهم على تقليل الأدوية عند الحاجة، إضافة إلى إعداد سياسات وطنية واضحة لإدارة الظاهرة تشمل بروتوكولات لإيقاف الأدوية غير الضرورية، مع تشديد الرقابة على صرف الأدوية للحد من الممارسات المرتبطة بالشراء دون وصفة طبية. تعدد الأدوية ليس مشكلة بحد ذاته إذا كان مبررًا وضروريًا، لكنه قد يتحول إلى خطر يهدد سلامة المرضى ويثقل كاهل النظام الصحي إذا لم يرافقه متابعة دورية من قبل الكوادر الطبية والصيدلانية.

إلى جانب الأمراض المزمنة، يأتي الاستخدام الذاتي للأدوية ليزيد من تعقيد هذه الظاهرة، الأمر الذي يستدعي رؤية وطنية شاملة تجمع بين الرقابة والتثقيف والسياسات الصحية الرشيدة، بما يضمن الاستخدام الأمثل والآمن للأدوية في الأردن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :