في رحاب الروضة الشريفة .. حيث تصافح الروح نهضة وطن وبصمة قائد
11-11-2025 09:46 PM
في زيارتي الأخيرة للمملكة العربية السعودية، وتحديدًا إلى المدينة المنوّرة، حيث تتعانق القلوب مع السكينة في رحاب الروضة الشريفة، أدركت أن ما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين ليس مجرد خدماتٍ لضيوف الرحمن، بل هو مشروع حضاري متكامل يجسّد أسمى معاني الرعاية والاهتمام ببيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف. إنها عناية تفوق الوصف، تُدار بعقلٍ منظمٍ وروحٍ مؤمنةٍ ورؤيةٍ عصريةٍ تستشرف المستقبل، وتُجسّد مكانة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين.
منذ أن تطأ قدمك أرض الحرمين، تشعر بأنك في حضن أمنٍ وإيمانٍ وسكينةٍ، وأن كل تفاصيل المكان تحكي عن جهدٍ عظيمٍ وإدارةٍ محكمةٍ تنبع من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ومن الرؤية الطموحة التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان — تلك الرؤية التي جعلت المملكة نموذجًا عالميًا في التحديث والتنمية والريادة، دون أن تمسّ قدسية المكان أو تُضعف روحانية الزمان.
لقد شهدتُ بعيني حجم التنظيم والدقة في استقبال زوار الروضة الشريفة، وكيف جرى إعداد الموظفين وتدريبهم على أعلى المستويات ليكونوا واجهةً مشرّفة لوطنهم أمام ضيوف رسول الله ﷺ. كان مشهد تفويج الزوار إلى الروضة الشريفة يعبّر عن مزيجٍ فريدٍ من الانضباط والإخلاص؛ فكل حركة محسوبة، وكل كلمة منتقاة، وكل ابتسامةٍ تعبّر عن حبٍّ صادقٍ لخدمة الزائر قبل أن تكون واجبًا وظيفيًا.
ولعلّ أكثر ما شدّني في تلك اللحظات القائد الميداني لفريق الاستقبال، الموظف ياسر علي الهوسه (حسب ما رأيته على الباج)، الذي أرى فيه تجسيدًا حقيقيًا لنهضة الوطن الجديدة. كان يقف بثقةٍ ولباقةٍ، يتابع حركة الزوار بعينٍ يقظةٍ وقلبٍ رحيم، يوجّه بلطفٍ، ويبتسم بحكمةٍ، وكأنه يدرك أنه في مهمةٍ مقدسةٍ لا تُقاس بالعمل الإداري بل بالنية الصافية لخدمة ضيوف النبي ﷺ. في ملامحه رأيت وسامة الشباب السعودي ونباهتهم، وفي أدبه لمستُ ثمرة التربية الوطنية التي تعكس روح القيادة السعودية في الاهتمام بالإنسان قبل المكان.
إن ما شاهدته في المدينة المنوّرة لم يكن صدفةً، بل هو امتدادٌ طبيعيٌ لنهضةٍ شاملةٍ يعيشها كل ركنٍ من أركان المملكة في عهد الأمير محمد بن سلمان. فبصماته واضحةٌ في تطوير الخدمات، وفي بناء الإنسان السعودي القادر على الجمع بين الأصالة والمعاصرة. اليوم، بات الزائر يرى في كل زاويةٍ من الحرمين الشريفين قصة نجاحٍ تروى للعالم، عنوانها العطاء بلا حدود، والإخلاص بلا انتظارٍ لثناء.
خرجتُ من الروضة الشريفة وأنا أشعر بعظمة اللحظة وقداسة المكان، وأردد في نفسي: طوبى لمن سخّرهم الله لخدمة ضيوف نبيّه، وطوبى لوطنٍ يقوده رجالٌ يؤمنون أن شرف المكان يُصان بعملٍ متقنٍ وقلوبٍ خاشعة. إنها السعودية الجديدة… التي تجمع بين الرؤية والإيمان، بين التطوير والتقديس، لتبقى منارةً للخير، ومهوىً للأفئدة، ومصدر فخرٍ لكل مسلمٍ على وجه الأرض.