facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نظام أندية المعلمين .. خطوة استراتيجية جريئة في رعاية المعلمين


فيصل تايه
17-11-2025 01:12 PM

يعد قرار مجلس الوزراء الأخير بالموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع "نظام أندية المعلمين" تحولاً استراتيجياً رائداً في علاقة المعلمين ببيئتهم المهنية والاجتماعية، ويعكس رؤية وطنية متكاملة تستهدف تعزيز مكانة المعلم ودوره الحيوي في بناء منظومة تعليمية مستدامة ، وليس هذا القرار مجرد إجراء إداري أو مبادرة اجتماعية اعتيادية، بل هو تأكيد واضح على اهتمام الدولة بالمعلم بوصفه الركيزة الأساسية للعملية التعليمية والعنصر الرئيس في تشكيل مستقبل الوطن والمجتمع.

ان أبرز ما يميز القرار الحالي هو تحديث النظام القديم، نظام أندية المعلمين "رقم ١٢ لسنة ١٩٩٥"، بما ينسجم مع التحولات القانونية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها الدولة طوال السنوات الماضية ، فهذا التحديث يعكس إدراكاً عميقاً بأن الأندية بصيغتها السابقة لم تعد قادرة على تلبية متطلبات الحوكمة الحديثة أو توفير الخدمات النوعية أو تعزيز الانخراط المهني بالشكل المطلوب، ومن هذا المنطلق، يبرز القرار بوصفه انتقالاً واعياً نحو مفهوم جديد للأندية باعتبارها مؤسسات استراتيجية ذات أبعاد تربوية ومهنية واجتماعية، قادرة على دعم المعلم وتعزيز دوره داخل الصف وخارجه.

ويمتد القرار ليشمل تمكين فئات أوسع من المعلمين، بما في ذلك العاملون في المدارس الخاصة، والإداريون، والمتقاعدون، وذلك عبر تخفيض بدل الانتساب والاشتراك ، اذ تأتي هذه الخطوة لتعزيز التكافل المهني وتقوية الروابط بين مختلف فئات العاملين في قطاع التعليم. ومن ناحية تربوية، يتيح هذا التوسيع فرصاً أكبر للتفاعل وتبادل الخبرات بين معلمين من خلفيات متنوعة، بما يشجع الابتكار ويعزز الممارسات المهنية الرائدة.

وعلى الصعيد المؤسسي، يتضمن القرار إنشاء لجنة مركزية تابعة لوزارة التربية والتعليم لمتابعة شؤون الأندية، وهو ما يؤكد أن هذه الأندية ليست كيانات ثانوية، بل مؤسسات تعمل تحت مظلة رسمية موحدة توفر الإشراف الفني والإداري وتعزز اتساق المعايير ، كما يشدد القرار على الرقابة المالية للأندية من قبل ديوان المحاسبة وضرورة الالتزام بالتشريعات المالية والإدارية ذات الصلة، بما يعكس التزاماً راسخاً بالشفافية وإدارة الموارد بكفاءة واستدامة.

وفي إطار التكافل الاجتماعي، ينص القرار على إنشاء "صندوق التعاون والتكافل الاجتماعي" لأعضاء الأندية، وهو ما يعبر عن تقدير حكومي عميق للمعلم باعتباره إنساناً قد يواجه ظروفاً مهنية أو شخصية ضاغطة مثل المرض أو التقاعد أو الأزمات الطارئة ، فمن خلال هذا الصندوق تتوفر آلية دعم متبادلة بين المعلمين تسهم في تعزيز الاستقرار والانتماء المهني، ورفع الروح المعنوية، والتقليل من مشاعر العزلة، وتحفيز المعلمين على الاستثمار في تطوير مهاراتهم.

أما على مستوى البنية التحتية، فقد خصصت الحكومة نحو ثلاثة ملايين دينار لتحسين الأندية القائمة وإنشاء أندية جديدة في المحافظات التي تفتقر إليها، ما يحقق توزيعاً عادلاً للخدمات، ويضمن إتاحة فرص متساوية للمعلمين في مختلف المناطق للوصول إلى بيئات مهنية واجتماعية مناسبة ، كما ويسهم توفر الأندية في المحافظات البعيدة في تعزيز النشاط المهني المحلي، وتمكين المعلمين من المشاركة في الورش التدريبية واللقاءات التربوية دون الحاجة إلى السفر إلى المراكز الرئيسية، وهو ما يعكس اهتمام الدولة بالعدالة الجغرافية والتربوية.

أما الأثر المتوقع للقرار، فيظهر في عدة محاور رئيسية، منها: التنمية المهنية، حيث تصبح الأندية منصات فاعلة للتدريب وتبادل الخبرات بما يعزز جودة التعليم داخل الصفوف ، والدعم النفسي والاجتماعي، إذ يتيح الانخراط في شبكة دعم مهنية تخفف الضغوط وترسخ الانتماء ، والحوكمة، من خلال الشفافية المالية والإدارية التي تبني الثقة وتضمن استدامة الأندية ، إضافة إلى تعزيز التكافل الإنساني بين المعلمين من خلال "الصندوق الاجتماعي" الذي يجسد التضامن المهني والإنساني.

ورغم أهمية هذه الخطوات، فإن التحديات ما تزال حاضرة وتتطلب معالجة حكيمة، فاستمرارية التمويل تعتمد على الاشتراكات والدعم الخارجي، ما يستدعي إدارة مالية دقيقة لتجنب أي صعوبات تشغيلية، كما يتطلب جذب المشاركة الفعلية للمعلمين وضوحاً في الأنشطة وجدوى الاشتراك، إضافة إلى ضرورة بناء قدرات إدارية قوية في الأندية، خاصة في مجالات المحاسبة والحوكمة والإدارة التشغيلية ، كما ويتطلب التوزيع الجغرافي للأندية تخطيطاً محكماً لتجنب العقبات اللوجستية، في حين تحتاج إدارة الصندوق التكافلي إلى آليات شفافة وعادلة لضمان العدالة بين الأعضاء.

ومن منظور تربوي استراتيجي، يشكل هذا القرار فرصة مهمة لتعزيز مهنة التعليم في الأردن، ليس فقط من خلال الخدمات الاجتماعية، بل عبر بناء شبكة مهنية متماسكة تعلي من قيمة المعلم ومكانته في المجتمع ، وإذا نفذت الأندية وفق معايير فعالة، فإنها ستصبح محركاً للتجديد المهني، وفضاءً لإعادة شحن الطاقات، ودعامة لاستقرار المعلمين النفسي والاجتماعي، بما يعزز استدامة المهنة على المدى الطويل.

ولذلك، فإن من الضروري أن تضع وزارة التربية والتعليم واللجنة المركزية للأندية خطة تنفيذية دقيقة تتضمن جدولاً زمنياً واضحاً لبناء الأندية الجديدة، وتحديد أولويات المحافظات، واعتماد استراتيجية تمويل مختلطة تشمل الاشتراكات والدعم الحكومي والشراكات، إضافة إلى وضع آليات تقييم سنوية تشمل عدد الأعضاء، ونوعية الأنشطة، ومستويات الرضا، وأثر الصندوق الاجتماعي. كما ينبغي توفير برامج تدريب إداري تضمن إدارة مالية شفافة وكفاءات محلية قادرة على الحفاظ على الأندية واستدامتها.

وفي الختام، فإن إقرار هذا النظام من مجلس الوزراء يشكل خطوة جريئة واستراتيجية تؤكد التزام الدولة بالمعلم بوصفه عنصراً أساسياً في تحقيق التنمية المستدامة، ليس فقط باعتباره موظفاً يؤدي درساً، بل باعتباره فاعلاً تربوياً واجتماعياً وإنسانياً ، وإذا أُحسن التنفيذ، فإن هذه الأندية ستغدو منارات استراتيجية لدعم المعلمين، وتعزيز مهاراتهم وانتمائهم، وتحقيق أثر إيجابي مستدام على مستوى التعليم الوطني بأكمله.

والله ولي التوفيق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :