الطريق إلى إدارة فعّالة
د. إبراهيم الخلوف الملكاوي
21-11-2025 01:08 PM
في عالم الإدارة والعمل العام، يختلط على كثيرين مفهوم الجهد مع الإنجاز، فيظنون أن كثرة الاجتماعات أو تراكم التقارير مؤشرات على النجاح، بينما الحقيقة أن النتائج الملموسة التي يلمسها المستفيدين والموطنين وحدها هي المعيار الحقيقي لفاعلية العمل. فليس كل حراك يثمر تقدماً، ولا كل نشاط يصنع فرقاً.
كثيراً ما نجد إدارات غارقة في تفاصيل لا تنتهي من الاجتماعات واللجان، وكأنها تعمل لتبدو مشغولة أكثر من سعيها لتحقيق إنجاز حقيقي. تُكتب المحاضر وتُملأ الجداول الزمنية، لكن أثرها على الواقع يظل محدوداً أو معدوماً، لأن التركيز يكون على الإجراءات لا على المخرجات، وعلى الشكل لا الجوهر.
الإدارة الحديثة لا تُقاس بعدد الاجتماعات ولا بحجم الملفات، بل بقدرتها على تحويل الأهداف إلى إنجازات ملموسة. فالمؤسسات الرائدة هي التي تكافئ الأثر لا الجهد، والنتيجة لا النشاط، لأنها تدرك أن القيمة الحقيقية للعمل تكمن في التغيير الإيجابي الذي تخلقه في بيئتها ومجتمعها.
التحرك بلا رؤية، والاجتماعات بلا قرارات، والورق بلا تنفيذ، كلها مظاهر لعجز إداري مقنّع بالحركة. فالإدارة ليست استعراضاً للحضور، بل ممارسة واعية تهدف إلى صناعة الأثر وتحقيق التحول المنشود. النجاح لا يُقاس بما يُقال في القاعات المغلقة، بل بما يُنجز على الأرض وبين الناس.
لذا، لا بد من ترسيخ ثقافة الإنجاز الحقيقي، القائمة على مؤشرات الأداء وقياس الأثر وربط الجهد بالنتيجة. المطلوب أن ننتقل من منطق “العمل من أجل العمل” إلى فلسفة “العمل من أجل النتيجة”، حيث يصبح كل نشاط وسيلة لا غاية.
القاعدة الذهبية في الإدارة الحديثة تقول: ما لا يُقاس لا يُدار، وما لا يُنجز لا يُحتسب وبالتالي لا يعتد به. فالحركة مطلوبة، والاجتماع ضروري، والتوثيق مهم، ولكن القيمة تبقى لما يترك بصمة على الواقع، لا لما يُحفظ في الأرشيف أو يُسجّل في محاضر الاجتماعات.