حوكمة مجالس الأمناء بوابة المسؤولية المجتمعية في الجامعات
قصي حمدان الجمال
04-12-2025 01:32 AM
لم تعد الجامعات الحديثة مؤسسات تعليمية فحسب، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا في التنمية الوطنية وصناعة الوعي ودعم المجتمعات المحلية. وفي قلب هذا الدور تقف مجالس الأمناء باعتبارها الجهة العليا التي ترسم السياسات وتحدد الاتجاهات وتراقب الالتزام بالمبادئ الأكاديمية والمالية والإدارية. غير أن الدور الأكثر حضورًا اليوم، والذي يزداد أهمية عامًا بعد عام، هو تعزيز المسؤولية المجتمعية من خلال تطبيق الحوكمة الرشيدة في عمل هذه المجالس.
مجلس الأمناء… أكثر من سلطة إشرافية فيدير المجلس علاقة الجامعة مع المجتمع، ويحدد شكل إسهامها في القضايا الوطنية، ويضمن أن يبقى التعليم العالي جزءًا من الحلول لا جزءًا من المشكلات. ومع وجود حوكمة فعّالة، يصبح المجلس قادرًا على تحويل المسؤولية المجتمعية من نشاط ثانوي إلى سياسة مؤسسية متكاملة ذات أثر طويل المدى.
أولاً: سياسات واضحة للمسؤولية المجتمعية
من أهم أدوار مجالس الأمناء وضع سياسات معلنة تضبط:
برامج خدمة المجتمع
أولويات المبادرات التنموية
معايير الشراكات المجتمعية
أطر التعاون مع القطاعين العام والخاص
وجود سياسات مكتوبة يضمن أن لا تبقى المبادرات مجرد نشاط علاقات عامة، بل جزءًا من استراتيجية الجامعة.
ثانيًا: ربط الموازنة بأولويات المجتمع
تطبيق الحوكمة يجعل المجلس يوجه جزءًا من موازنة الجامعة نحو مشاريع ذات أثر حقيقي:
دعم المبادرات الشبابية
برامج التنمية المحلية
مشاريع الابتكار وحاضنات الأعمال
الخدمات الصحية والتعليمية المجتمعية
التمويل هنا يخضع لمعايير شفافة، ويخدم المجتمع لا الأفراد.
ثالثًا: الحوكمة تمنع تضارب المصالح
من خلال وضوح الصلاحيات والفصل بينها، يضمن المجلس أن:
المبادرات تُختار وفق معايير موضوعية
المنح والدعم لا تُمنح بناءً على علاقات شخصية
الشراكات لا تُخدم طرفًا معينًا على حساب المجتمع
بهذه الآليات، تصبح المسؤولية المجتمعية أداة نزاهة… لا أداة نفوذ.
رابعًا: متابعة وقياس أثر المبادرات
المجلس المحكوم بإجراءات واضحة يطلب تقارير دورية تشمل:
عدد البرامج المنفذة
الفئات المستفيدة
العائد الاجتماعي
أثر البرامج على سمعة الجامعة ومكانتها
فالنجاح الحقيقي لا يُقاس بعدد الأنشطة، بل بحجم الأثر المتحقق.
خامسًا: دور وطني لا يمكن تجاهله
إن الجامعات التي تُحسن توجيه مسؤوليتها المجتمعية تساهم في:
تخفيف البطالة
دعم الابتكار
تعزيز الثقافة والوعي
رفع جودة الخدمات العامة
بناء شراكات قوية تخدم المجتمع والدولة
وكل ذلك يبدأ من مجلس أمناء يعمل بوضوح، بعيدًا عن الشخصنة والقرارات الفردية فإن حوكمة مجالس الأمناء ليست ملفًا تنظيميًا، بل ركيزة أساسية لصنع جامعة وطنية، منتجة، ومسؤولة تجاه مجتمعها. ومع تزايد التحديات والضغوط على مؤسسات التعليم العالي، يصبح المجلس المحكوم والشفاف هو الضامن الأول لاستمرار الجامعة كقوة تنموية وشريك حقيقي في بناء المستقبل.