facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الثقة بين الحكومة والنواب لعبة التوازن الصعب


محمد علي الزعبي
15-12-2025 12:39 PM

منح الثقة ليس لحظة وفاق، بل لحظة اختبار، اختبار لقدرة النظام السياسي على إدارة التوتر، لا الهروب منه، فالعلاقة بين الحكومة ومجلس النواب، في جوهرها، علاقة اشتباك دستوري مشروع، وأي محاولة لتقديمها بوصفها علاقة تناغم دائم هي قراءة سطحية للمشهد السياسي، أو رغبة في تزييفه. في هذا المفصل الحساس، تحرّك كل من عبدالمنعم العودات وعبد اللطيف النجداوي، لا كأبطال منصة، بل كمهندسي مسار دقيق بين سلطتين لا تلتقيان إلا على حافة الخلاف.

ما جرى في مشهد الثقة لم يكن توافقاً سياسياً شاملاً، ولا اقتناعاً نيابياً ببرنامج حكومي بقدر ما كان إدارة محسوبة لميزان قلق سياسي، العودات، بخبرته التشريعية وقراءته العميقة لتركيبة المجلس، لم يكن في موقع المروّج للحكومة، بل في موقع من يدرك أن النواب لا يُدارون بالشعارات، ولا تُضبط مواقفهم بالخطاب العاطفي، دوره كان ضبط إيقاع الاشتباك، ومنع المجلس من الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة تُربك المشهد ولا تُنتج بديلاً.

في المقابل، كان النجداوي يعمل في المساحة الأخطر داخل الجهاز التنفيذي،، المساحة التي تُترجم فيها السياسة إلى إدارة، والقرار إلى مسار قابل للمرور نيابياً، لم يشتغل على تلميع الصورة، ولا على بيع تطمينات مجانية، بل على تفكيك الاعتراضات وفهم مصادرها، وتنظيم قنوات التواصل بين حكومة تحتاج إلى الثقة لتعمل، ومجلس يرفض أن تُختزل قوته بدور شكلي.

السياسة، في هذا السياق، لم تكن في عدد المتحدثين ولا في حرارة الخطابات، بل في إدارة الصمت، وتوقيت الرسائل، ومعرفة متى يُقال الشيء ومتى يُترك دون قول. لم تُلغَ الأسئلة القاسية، ولم يُصادر النقد، لكن جرى احتواؤه ضمن مسار لا يكسر العلاقة بين السلطتين، ولا يحوّل الخلاف إلى قطيعة مؤسسية.

الأكثر خطورة أن بعض القراءات حاولت تصوير ما جرى باعتباره “صفقة ثقة”، بينما الحقيقة أنه كان تمريناً عملياً على ضبط الاشتباك السياسي، فالصفقات تُبرم وتنتهي، أما إدارة التوازن فهي فعل دولة طويل النفس، وهنا تحديداً يظهر الفرق بين من يشتغل على لحظة عابرة، ومن يفهم أن الثقة ليست نهاية الصراع، بل بدايته المؤطرة.

العودات والنجداوي ليسا فوق النقد، ولا خارج دائرة المساءلة، لكن موقعهما في هذه المرحلة كشف حقيقة أساسية، في فشل الدولة لا يبدأ من سقوط حكومة، بل من انهيار الجسور بين مؤسساتها، وإدارة هذا النوع من التوازن، مهما بدت تقنية، هي في جوهرها سياسة خالصة تُمارَس بهدوء، لا بضجيج.

الخلاصة الواضحة، ان ما جرى في منح الثقة لم يكن انتصاراً للحكومة ولا هزيمة لمجلس النواب، بل اختباراً لنضج المشهد السياسي في إدارة خلافه دون أن ينفجر، ومن لا يدرك هذه المعادلة، سيبقى أسير قراءة عاطفية للسياسة، بينما تُدار فعلياً بعقل بارد يعرف أن أخطر ما في الدولة ليس الخلاف… بل سوء إدارته.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :