دعم الصناعات الوطنية في الأردن
المهندس مازن الفرا
18-12-2025 01:01 PM
سياسات متكاملة لجذب التدفقات المالية وبناء مصانع منتجة
إن بناء قطاع صناعي قوي يتحقق عبر منظومة سياسات متكاملة تعالج كلفة التشغيل، وتدفق السيولة، وسرعة القرار، واستقرار التشريعات. وتجارب الدول الناجحة تؤكد أن الثقة وضمان التدفقات المالية هما الأساس في جذب الاستثمارات الصناعية.
ومن أبرز النماذج العملية في هذا السياق، ما أقرّه مجلس الوزراء السعودي مؤخرًا من إلغاء المقابل المالي على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية المرخّصة، وهو قرار جاء استكمالًا لسلسلة من الإجراءات التحفيزية السابقة، بهدف دعم التدفقات المالية الخارجية، وخفض كلف التشغيل، وتعزيز تنافسية الصناعة.
ويُعد هذا التوجه مثالًا واضحًا على أن دعم الصناعة الوطنية يكون عبر تراكم السياسات لا موسميتها.
وانطلاقًا من هذا النهج، يمكن للأردن تعزيز موقعه الصناعي عبر حزمة متكاملة تشمل:
أولًا: الحوافز الضريبية والجمركية
• إعفاءات ضريبية لعدة سنوات للمصانع الجديدة والتوسعات الصناعية.
• إعفاءات جمركية على المواد الخام، والمعدات، وخطوط الإنتاج، وقطع الغيار،
بما فيها المركبات التجارية واللوجستية الخاصة بالمنشآت الصناعية.
• آلية سريعة لاسترداد ضريبة المبيعات على مدخلات الإنتاج.
ثانيًا: الأراضي والمناطق الصناعية
• تخصيص مناطق ومواقع صناعية استراتيجية قريبة من مراكز التسويق الرئيسية، والموانئ، والمعابر الحدودية.
• منح أراضٍ صناعية بحق انتفاع طويل الأمد أو مواقع مجانية/مدعومة لمدة محددة لتقليل كلفة التأسيس.
• تجهيز المناطق الصناعية ببنية تحتية جاهزة قبل تخصيصها.
ثالثًا: دعم التدفقات المالية والتمويل
• تقديم ضمانات حكومية جزئية على التدفقات النقدية المستقبلية للمشاريع الصناعية الاستراتيجية.
• إنشاء صندوق وطني لضمان القروض الصناعية بالشراكة مع القطاع المصرفي.
• تمويل طويل الأجل منخفض الفائدة، مع فترة سماح خلال البناء والتشغيل الأولي.
رابعًا: التراخيص وسرعة القرار
• نافذة استثمار صناعي واحدة ملزمة بمدد زمنية واضحة.
• رخصة صناعية فورية مشروطة تتيح البدء بالبناء والتشغيل.
• تثبيت الحوافز والتشريعات لمدة لا تقل عن 10 سنوات لضمان الاستقرار.
خامسًا: دعم التصدير والأسواق
• ضمان حكومي لعقود التصدير للأسواق الخارجية.
• دعم كلف الشحن والنقل للصادرات الصناعية في السنوات الأولى.
• اتفاقيات شراء مسبق مع مؤسسات كبرى لتعزيز التدفقات النقدية.
سادسًا: العمالة ونقل المعرفة
• دعم تشغيل الأردنيين عبر تحفيز الأجور والتدريب.
• تسهيل استقدام الخبرات الفنية المتخصصة المرتبطة بنقل التكنولوجيا.
• ربط المصانع ببرامج البحث والتطوير والجامعات.
الخلاصة
إن دعم الصناعة الوطنية في الأردن يتطلب الانتقال من الحوافز التقليدية إلى منظومة متكاملة تضمن السيولة، وتخفض المخاطر، وتسرّع القرار.
فالصناعة لا تبحث فقط عن إعفاءات، بل عن أمان مالي، ووضوح تشريعي، وشراكة حقيقية مع الدولة.
عندما تتكامل السياسات… تتحول الصناعة إلى محرك نمو حقيقي، وتتحول الأردن إلى منصة صناعية إقليمية منافسة.