ثورة في عالم البناء .. مادة شفافة تضع حدًا نهائيًا لتسرّب الحرارة
24-12-2025 03:51 PM
عمون - ابتكر علماء الفيزياء في جامعة كولورادو بولدر نوعاً جديداً من عوازل النوافذ، يُمكنه تحسين كفاءة الطاقة في المباني حول العالم بشكل ملحوظ، وهو يُشبه إلى حد كبير نسخة متطورة من غلاف الفقاعات.
تُعرف هذه المادة باسم "عازل الحرارة المسامي الشفاف بصرياً" (MOCHI)، ويمكن إنتاجها على شكل ألواح سميكة أو صفائح رقيقة تُثبّت على السطح الداخلي للنوافذ.
"موتشي" تشبه في عملها النسخة متطورة من الـ"بابل راب" المستخدم في التغليف. ورغم أن إنتاجها لا يزال محصوراً في المختبرات، يؤكد الباحثون أنها متينة وشفافة بشكل شبه كامل.
هذه الشفافية تمنحها ميزة نادرة، إذ تسمح بمرور الضوء من دون تشويه المشهد الخارجي، وهو ما يفتقده معظم حلول العزل التقليدية.
من جانبه، قال أستاذ الفيزياء في الجامعة والمشرف على الدراسة المنشورة في مجلة Science بتاريخ 11 ديسمبر، إيفان سمليوك: "يمكنك وضع الكثير من العوازل في الجدران، لكن النوافذ يجب أن تبقى شفافة، وهذا تحدٍ كبير".
لماذا النوافذ هي المشكلة الأكبر؟
المباني، سواء كانت منازل صغيرة أو أبراجاً شاهقة، تستهلك نحو 40% من الطاقة العالمية، وجزء كبير من هذه الطاقة يهدر بسبب تسرب الحرارة عبر النوافذ في الشتاء أو دخولها في الصيف. وهنا يأتي دور MOCHI، التي صُممت لتقليل هذا الفقد المستمر.
المادة تعتمد على جل سيليكوني يحتوي على شبكة دقيقة من المسام المجهرية أصغر من شعرة الإنسان، ما يجعلها فعالة للغاية في منع انتقال الحرارة. ولإثبات ذلك، يكفي أن نذكر أن شريحة بسماكة 5 ملم فقط يمكنها صد لهب نار من دون أن تحترق اليد خلفها.
أضاف سمليوك: "هدفنا أن نحافظ على راحة الناس داخل المباني مهما كانت الظروف الخارجية، من دون إهدار الطاقة".
سر الأداء.. فقاعات هواء بحجم مجهري
يشبه تصميم MOCHI إلى حد ما المواد المعروفة باسم "الأيروجيل" التي تستخدمها ناسا في مركباتها المريخية، لكنها تتفوق عليها في الشفافية. فالأيروجيل غالباً ما يبدو ضبابياً بسبب توزيع المسام بشكل عشوائي، بينما اعتمد فريق كولورادو على ترتيب دقيق يمنح المادة وضوحاً بصرياً شبه كامل.
عملية التصنيع تبدأ بإضافة جزيئات منظف إلى محلول سائل، فتتجمع في خيوط دقيقة، ثم ترتبط بها جزيئات السيليكون. بعد ذلك، تُزال هذه الخيوط ويُستبدل بها الهواء، لتتشكل شبكة معقدة من القنوات الهوائية الدقيقة، بحيث يشكل الهواء أكثر من 90% من حجم المادة.
هذه البنية تمنع جزيئات الغاز من التصادم بحرية، ما يحد من انتقال الحرارة بشكل كبير، بينما تعكس المادة أقل من 0.2% من الضوء، لتبقى الرؤية واضحة تماماً.
تطبيقات مستقبلية وفرص تجارية
إلى جانب النوافذ، يرى الباحثون أن MOCHI يمكن أن تدخل في تقنيات أخرى، مثل أنظمة التقاط حرارة الشمس وتحويلها إلى طاقة مستدامة منخفضة التكلفة، حتى في الأيام الغائمة.
ورغم أن المادة لن تصل إلى الأسواق قريباً بسبب تعقيد إنتاجها في الوقت الحالي، فإن انخفاض تكلفة المواد الخام يبشر بإمكان تصنيعها تجارياً في المستقبل.
حتى ذلك الحين، يبقى الأفق مفتوحاً أمام ابتكار قد يجعل النوافذ مصدراً لتوفير الطاقة بدلاً من هدرها، مع الحفاظ على جمال المشهد خلف الزجاج.