عن كتاب ”في البدء كان العرب“
د. عبد العزيز اللبدي
25-12-2025 01:50 PM
وجد بعض الأصدقاء من الكُتّاب أن نص كتاب ”في البدء كان العرب” يعتبر طويلاً، وطلبوا تلخيصه، ورأيت أن ألخّصه في مقالات متعددة يستطيع القارئ، أن يهضمها بسرعة.
تنطلق الفكرة المركزية للكتاب في إعادة رسم مسار تطور الإنسان والحضارة من مبدأ أنَّ: العرب كانوا في صميم التاريخ البشري منذ بداياته، لا كادعاء للتفوّق العرقي، بل كإسهام أصيل وفاعل في مسيرة الحضارة الإنسانية. ويهدف الكتاب إلى تحقيق هدفين رئيسيين يتعلقان بالصورة النمطية والوعي الحضاري للعرب .
فيما يتعلق بالصورة النمطية عن العرب . يحاول الكتاب: تصحيح الصورة النمطية السائدة عن العرب، والتأكيد على أن العرب كانوا جزءاً فاعلاً وأصيلاً في صنع الحضارة العالمية منذ فجر التاريخ. وتوضيح التحامل الغربي على التاريخ العربي، وجل ما كتب في أبحاث غربية يركز على ضرورة قيام اسرائيل في فلسطين، وقد فوجئ الغرب بالنتائج الجانبية لهذه الإكتشافات!!. وطرح تساؤلات حول مستقبل العرب وإمكانية نهوضهم مجدداً.
والدعوة إلى استرداد الثقة والاعتزاز بالذات، وضرورة إعادة كتابة التاريخ منمنظور عربي مستقل. وربط إمكانية النهوض بـاستعادة الوعي الحضاري والتاريخي. الفكرة المركزية التي ينطلق منها الكتاب هي إعادة رسم مسار تطور الإنسان والحضارة وهي:أنَّ العرب كانوا في صميم التاريخ البشري منذ بداياته، لا كادعاء للتفوّق العرقي، بل كإسهام أصيل في مسيرة الحضارة الإنسانية.
الفصل الأول
علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا يدرس أصل البشر وفهم تاريخهم، ويجمع بين عدة تخصصات لفهم الوجود الإنساني (الثقافية، اللغوية، الفيزيائية، والآثار). بدأ هذا العلم في نهاية القرن التاسع عشر، ويختص بدراسة تطور الإنسان منذ نشأته حتى عصر الكتابة، معتمدًا على الأدلة الأحفورية والبحث الجيولوجي. يتكون من أربعة مجالات: الأنثروبولوجيا الثقافية، اللغوية، الفيزيائية، والآثار.
التطور البشري مرتبط بتغيرات جينية وبيئية أدت إلى ظهور أنواع مختلفة من البشر. الأدلة تأتي من علم الوراثة القديمة والبيولوجيا الجزيئية، حيث تم تسلسل الجينومات القديمة لتقديم معلومات عن أصول البشر القدماء.
يقدم هذا النص استعراضاً شاملاً لعلم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) وتاريخ التطور البشري، مفسراً كيف تحول الإنسان من أسلافه القدامى إلى "الإنسان العاقل" المعاصر.
عصور ما قبل التاريخ: هي الفترة الممتدة من نشأة الإنسان حتى اختراع الكتابة، وتعتمد دراستها على الأحافير وتحليل الحمض النووي الدنا٠
أبرز أنواع البشر القدامى (سلالات التطور) استعرض النص سلسلة من الأنواع التي مهدت الطريق للإنسان المعاصر،حسب دراسة الهايكل العظمية القديمة ،المتحجرة ، ومن أهمها الإنسان البدائي، إلى الإنسان المنتصب ثم الإنسان الماهر وأخيراً الإنسان العاقل. الذي بدأ تطور الحضارة البشرية.
الإنسان العاقل (Homo Sapiens) وظهر قبل ٣٠٠ ألف سنة في أفريقيا ويتميز بأكبر حجم دماغ وقدرة عالية على استخدام اللغة، والرموز والوراثة والبيئة في التنوع البشري، وهو ما يعرف في التاريخ الإسلامي بآدم أول الخلق..
الطفرات الجينية: هي المحرك الأساسي للتطور، حيث تنتقل التغيرات في المادة الوراثية للأجيال اللاحقة.
الهجرات والمناخ: أدت الهجرات إلى مناطق مختلفة (باردة وحارة) إلى تغيرات في لون البشرة، وشكل الجسم، ولون العينين (مثل طفرة العيون الزرقاء) كنوع من التكيف.
وحدة الأصل: يؤكد العلم أن جميع البشر يشتركون في سلف واحد، وأن "العرق" هو مفهوم اجتماعي وسياسي أكثر من كونه حقيقة بيولوجية صلبة، حيث إن الاختلافات الجينية بين البشر ضئيلة جداً.
الطفرة الثقافية والرمزيةحدثت تحولات كبرى قبل 50 ألف سنة فيما يعرف بالعصر الحجري القديم الأعلى، حيث ظهرت "الثقافة غير المادية" (الفنون، الطقوس، واللغة المعقدة).
يشير النص إلى أن بعض السلوكيات المتطورة (مثل الرسم والرموز) بدأت تظهر لدى أنواع أقدم مثل "الإنسان المنتصب"، مما يعني أن الفجوة بيننا وبين أسلافنا ليست حادة كما كنا نظن.
الخلاصة: الكتاب يؤكد أن الإنسان هو ثمرة صراع طويل للبقاء وتكيف مستمر مع البيئة، وأن الحضارات البشرية ليست جزراً منعزلة بل هي بناء تراكمي استندت فيه كل حضارة على ما قبلها.
التطور الجيني
يركز هذا الجزء من النص على التطور الجيني وحركة الهجرات البشرية الكبرى، مع تسليط ضوء خاص على دور شبه الجزيرة العربية كجسر حيوي يربط بين أفريقيا وبقية العالم.
إليك تلخيص لأهم المحاور الجينية والجغرافية الواردة:
1. دحض فكرة "النقاء العرقي"
يؤكد النص أن فكرة الأعراق الصافية هي "أسطورة" لا يدعمها العلم.
البشر اليوم هم نتيجة اختلاط وتمازج جيني استمر لآلاف السنين بفعل التجارة، الحروب، والفتوحات.
التنوع الجيني ليس مجرد حقيقة تاريخية، بل هو ضرورة بيولوجية تزيد من قدرة السكان على التكيف والبقاء ومنع انتشار الأمراض الوراثية.
شبه الجزيرة العربية: الموطن الأول خارج أفريقيا
تشير الدراسات الجينية إلى أن العرب الأصليين هم النسل المباشر لأول سكان أوراسيا الذين استقروا خارج أفريقيا.
كشفت الأبحاث أن الجينوم العربي يمثل "موقعاً قاعدياً" (Basal) يربط بين الأفارقة وغير الأفارقة.
طرق الهجرة: يرجح النص وجود طريق جنوبي عبر باب المندب (من جيبوتي إلى اليمن) ثم على طول ساحل عمان نحو الهند، بدلاً من الطريق التقليدي عبر سيناء فقط.أو طريق مضيق جبل طارق.
السلالات الجينية الرئيسية (Haplogroups)
استعرض النص السلالات الكبرى التي شكلت الخريطة الوراثية للبشر:
السلالة L: أقدم السلالات البشرية ونشأت في أفريقيا.
السلالة E: نشأت في شمال أفريقيا وتنتشر بقوة بين الأمازيغ والصوماليين والإثيوبيين.
السلالة J: نشأت في الشرق الأوسط قبل 30 ألف عام، وتنقسم إلى:
J1: السلالة السائدة لدى العرب (خاصة في اليمن وجنوب العراق).
J2: تنتشر في الهلال الخصيب، إيران، وأوروبا المتوسطية.
السلالة F: تعتبر من الهجرات الكبرى التي استقرت في الهند وجنوب آسيا.
الهجرات الأربع الكبرى خارج أفريقيا
خرج البشر من أفريقيا في موجات متتالية:الموجة الأولى (منذ 2 مليون سنة): "الإنسان العامل" الذي وصل إلى القوقاز وآسيا.
الموجة الثانية (منذ مليون سنة): وصلت إلى أوروبا (إسبانيا وإيطاليا).الموجة الثالثة (منذ 600 ألف سنة): "إنسان هايدلبرغ" الذي انتشر في أوروبا والصين.الموجة الرابعة (منذ 60-90 ألف سنة): "الإنسان العاقل" (نحن)، الذي استوطن العالم أجمع واختلط مع النياندرتال.
والخلاصة، أنه لا توجد هجرة واحدة أحادية الاتجاه. الدراسات الجينية تشير إلى أن الجزيرة العربية كانت منطقة عبور وتبادل سكاني، حيث حدثت موجات هجرة متعاقبة ومتداخلة بين الشمال والجنوب (جنوبية-شمالية وشمالية-جنوبية) على مدار آلاف السنين، مما أدى إلى التنوع والتعقيد الجيني الذي نراه اليوم.
تأثير "الصحراء الخضراء" والمناخ: كانت الصحراء الكبرى وشبه الجزيرة العربية تمر بفترات "رطبة" تتحول فيها إلى مروج وسافانا، مما سمح للبشر بالانتقال بسهولة. جفاف المناطق (مثل غرب مصر) في عصور لاحقة دفع السكان للنزوح نحو وادي النيل والسودان، مما ساهم في تشكيل التركيبة السكانية الحالية.
التطور الاقتصادي والاجتماعي
يطرح النص فرضية مثيرة بأن المسافة الجينية والتباين الوراثي الناتج عن طرق الهجرة القديمة قد أثرا بشكل غير مباشر على أنماط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للشعوب عبر التاريخ.
الخلاصة: يؤصل هذا الفصل لمبدأ "الوحدة البشرية في التنوع"، موضحاً أن منطقة الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية لم تكن مجرد ممر عابر، بل كانت المختبر الأول الذي تشكلت فيه جينات البشر المعاصرين قبل انتشارهم في بقية القارات.