* التحول من الاستجابة للأزمات… إلى صناعة المستقبل

لم يعد التخطيط التقليدي كافياً لحماية الدول أو ضمان ازدهارها. فالدول التي تكتفي بردّ الفعل تجد نفسها دائماً في موقع المتأخر، بينما تتقدم الدول التي تستثمر في الاستشراف وصناعة السيناريوهات لتصبح أكثر قدرة على التنبؤ بالمخاطر واغتنام الفرص.

ومن هنا تبرز الحاجة لأن يتجه الأردن نحو تأسيس مركز وطني لاستشراف المستقبل ودعم القرار، يكون بمثابة بيت خبرة وطني يزوّد الدولة برؤى استراتيجية مبنية على البيانات والتحليل العميق، ويعزز قدرة مؤسساتها على اتخاذ قرارات دقيقة ومرنة في عالم مضطرب. ويضمن :

1- التحول من التخطيط التقليدي إلى الاستشراف -يعتمد التخطيط التقليدي على الموارد المتاحة والظروف الراهنة، بينما يتطلب الواقع الجديد القدرة على بناء خيارات متعددة للتعامل مع سيناريوهات مستقبلية غير مؤكدة.

2- مواجهة التحديات المعقدة- يواجه الأردن تحديات متشابكة وهذه التحديات تحتاج إلى مركز متخصص قادر على تحليل البيانات الضخمة، وفهم الاتجاهات العالمية، وتقديم حلول جذرية مبنية على العلم لا على التوقعات.

الأهداف الاستراتيجية للمركز المقترح

1- دعم اتخاذ القرار

تزويد القيادة وصنّاع القرار بتقارير وسيناريوهات مدروسة، تجعل القرارات الحكومية مبنية على حقائق وتحليلات دقيقة.

2- بناء بنك معلومات وطني وإقليمي

إنشاء قواعد بيانات متقدمة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تكون مرجعاً وطنياً، وقاعدة تعاون إقليمي.

3- تسريع التنمية والاستدامة

توجيه الخطط الوطنية نحو مسارات مستدامة عبر دراسات استشرافية تحدد المخاطر والفرص قبل وقوعها.

القيمة المضافة للأردن

1- تعزيز التكامل الإقليمي

توحيد المؤشرات التنموية والاقتصادية مع دول الجوار، بما يدعم مشاريع الطاقة والمياه والنقل.

2- نظام إنذار مبكر للأزمات

تطوير نظام وطني قادر على التنبؤ بالأزمات الاقتصادية والصحية والاجتماعية قبل وقوعها، مما يرفع جاهزية الدولة ويقلل الخسائر.

التوصيات عملية لتأسيس المركز
• إصدار نظام خاص يمنح المركز استقلالية ومرونة في العمل.
• تشكيل مجلس أمناء رفيع المستوى يضم خبراء محليين ودوليين.
• ربط المركز مباشرة برئاسة الوزراء لضمان سرعة التنفيذ ونفاذ التوصيات.
• توظيف كفاءات عالية المستوى في التحليل، البيانات، والاستشراف.
• اعتماد الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة وبناء النماذج التنبؤية.
• إنشاء أكاديمية للاستشراف وللتدريب على مهارات المستقبل.

إن إنشاء مركز وطني لاستشراف المستقبل ودعم القرار ليس ترفاً فكرياً، بل ضرورة استراتيجية لضمان استقرار الأردن والمنطقة وازدهارها في العقود القادمة.