الجيش العربي الأردني .. حارس الحدود ومُفسد خرائط الفوضى في الجنوب السوري
عيسى عبدالرحيم الحياري
26-12-2025 09:31 PM
لم تكن الضربات الجوية الأردنية الأخيرة في محيط محافظة السويداء حدثًا عابرًا أو تصعيدًا غير محسوب، بل جاءت كخطوة مدروسة تعكس يقظة الدولة الأردنية وكفاءة قواتها المسلحة في التعامل مع أخطر التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، وفي مقدمتها تمدد شبكات المخدرات والجماعات الخارجة عن سلطة الدولة السورية، والتي تحوّل الجنوب السوري إلى ساحة عبث تخدم أجندات معادية لاستقرار سوريا وجوارها.
أولًا: القوات المسلحة الأردنية… عقيدة دفاعية وحزم محسوب:
أثبتت القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي مرة أخرى أنها قوة احترافية لا تتحرك بردود فعل، بل وفق عقيدة دفاعية راسخة تحمي الأمن الوطني الأردني دون الانجرار إلى مغامرات عسكرية أو صدامات سياسية. فالضربات الجوية اتسمت بالدقة والانتقائية، واستهدفت بؤر تهريب وشخصيات متورطة بأنشطة إجرامية تهدد أمن الأردن والمجتمع، دون المساس بمؤسسات الدولة السورية أو وحدتها.
هذا الأداء يعكس مستوى عالٍ من الجاهزية الاستخبارية والعملياتية، ويؤكد أن الجيش الأردني ليس جيش حدود فقط، بل جيش ردع وحماية إقليمية حين تفرض الضرورة.
ثانيًا: الجنوب السوري… فراغ أمني تستغله قوى العبث:
الواقع الميداني في السويداء وأجزاء من الجنوب السوري يكشف بوضوح أن التهديد لا يصدر عن الدولة السورية، بل عن مجموعات مسلحة خارجة عن سيطرتها، وجدت في الفوضى بيئة مثالية لتجارة المخدرات وتهريب السلاح، ولبناء نفوذ قائم على اقتصاد الجريمة.
هذه الجهات لا تعمل بمعزل عن الخارج، بل تتقاطع مصالحها بشكل مباشر أو غير مباشر مع المشروع الإسرائيلي الذي يسعى منذ سنوات إلى إبقاء الجنوب السوري منطقة رخوة، مفككة، قابلة للاشتعال، وبعيدة عن سلطة الدولة المركزية، بما يمنع استقرار سوريا ويستنزف محيطها العربي.
ثالثًا: إسرائيل والفوضى المُدارة في الجنوب:
لا يخفى أن إسرائيل لا ترغب بجنوب سوري مستقر، بل بجنوب مشغول بالفوضى والمخدرات والسلاح، لأن ذلك يخدم أمنها ويمنحها مبررًا دائمًا للتدخل والاختراق. ومن هنا، فإن تغاضي بعض الجهات عن شبكات التهريب، أو توظيفها، يصبّ في مصلحة هذا المخطط، سواء بقصد أو دون قصد.
وفي هذا السياق، تأتي الضربات الأردنية كرسالة مزدوجة: إلى الجهات العابثة بأن الأردن لن يكون ساحة مفتوحة لتصدير الفوضى وإلى من يقف خلفها بأن مشاريع العبث لن تمر عبر الحدود الشمالية للمملكة
رابعًا: العلاقات الأردنية – السورية… ثبات سياسي وتمييز واضح :
الأردن، بقيادته ومؤسساته، يميّز بوضوح بين الدولة السورية والجهات الخارجة عنها. فالعلاقات مع القيادة السورية تشهد تنسيقًا متقدمًا، وتقوم على قناعة راسخة بأن استقرار سوريا مصلحة أردنية عليا.
ومن هذا المنطلق، فإن الضربات الجوية الأردنية لا تشكّل تهديدًا للعلاقة الثنائية، بل يمكن قراءتها كإجراء يساند جهود الدولة السورية في تفكيك اقتصاد الفوضى، ويمنع تحويل الجنوب إلى ورقة ضغط بيد أطراف خارجية.
خامسًا: رسالة الردع وحدود الصبر :
ما حدث هو إعلان واضح بأن صبر الأردن له حدود، وأن أمنه الاجتماعي والوطني غير قابل للمساومة. وقد اختارت الدولة الأردنية، عبر جيشها، الطريق الأصعب: الردع الدقيق لا التصعيد المفتوح، حمايةً للحدود، وصونًا للعلاقات، وكشفًا للمشاريع التي تتغذى على الفوضى.
و في الختام فإن الضربات الجوية الأردنية ليست فعل قوة فقط، بل فعل مسؤولية. وهي تؤكد أن الجيش العربي الأردني يقف اليوم في خط الدفاع الأول عن استقرار المملكة، وفي الوقت ذاته يوجّه ضربة مباشرة لمشاريع التفكيك التي تريد للجنوب السوري أن يبقى ساحة مخدرات وعبث تخدم إسرائيل قبل غيرها.
ففي معركة الاستقرار، لا مكان للرمادية:إما دولة وسيادة، أو فوضى ومشاريع خارجية… والأردن اختار بوضوح موقعه.