التعليم العام في الأردن .. قرن من الاستثمار بالإنسان
معاذ البطوش
29-12-2025 10:58 AM
منذ تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، شكل التعليم العام "المدرسي" أولوية وطنية في بناء الدولة الأردنية الحديثة، انطلاقا من إيمان القيادة الهاشمية الحكيمة بأن الإنسان المتعلم هو أساس التنمية والتقدم، ورغم محدودية الإمكانات في البدايات، ووجود عدد قليل من المدارس، سرعان ما اتجه الأردن إلى تنظيم التعليم بإنشاء وزارة المعارف عام 1923، لتكون نقطة الانطلاق نحو نظام تعليمي وطني شامل.
بعد الاستقلال المملكة عام 1946، شهد قطاع التعليم توسعا كبيراً شمل المدن والقرى والبوادي الأردنية، استنادا للمادة 20 من الدستور الأردني، التي تنص على أن "التعليم الأساسي إلزامي للأردنيين، وهو مجاني في مدارس الحكومة"، وهذا النص يعد الأساس الدستوري الذي بنيت عليه سياسات التعليم العام في المملكة، ويعكس التزام الدولة، قيادة وحكومة في ضمان حق التعليم لجميع المواطنين دون تمييز.
لقد أسهم هذا التوسع في التعليم في تراجع ملحوظ لنسبة الأمية في الأردن، التي انخفضت من نحو 88 بالمئة عام 1952 إلى أقل من 5 بالمئة في الوقت الراهن، وهو إنجاز اجتماعي وتنموي بارز يسجل للدولة ولقيادتها المظفرة.
وبحسب الأرقام لدى وزارة التربية والتعليم يبلغ عدد المدارس الحكومية في المملكة أكثر من 4 آلاف مدرسة، موزعة بين مدارس للذكور والإناث ومدارس مختلطة، بما يراعي الخصوصية المجتمعية ويضمن إتاحة التعليم لمختلف الفئات وفي جميع مناطق المملكة، ويأتي هذا الانتشار الواسع للمدارس ثمرة للدعم المتواصل الذي يقدمه الهاشميون لقطاع التعليم، سواء من خلال بناء المدارس أو تطوير البيئة التعليمية وتحديث المناهج.
لم يقتصر أثر التعليم العام على داخل المملكة فحسب، بل تجاوز ذلك إلى الخارج، حيث أصبح الأردن من الدول المصدرة للكفاءات المتعلمة والمدربة في مجالات مختلفة منها الطب والهندسة والتكنولوجيا، ما يعكس جودة التعليم وقدرته على إعداد كوادر قادرة على المنافسة إقليميا ودوليا، وهو ما نفخر به كأردنيين وننظر له كثروة وطنية عظيمة.
إن مسيرة التعليم العام في الأردن تمثل قصة نجاح وطنية، قوامها رؤية هاشمية ثابتة، واستثمار طويل الأمد في الإنسان، ولا تزال تُشكل الأساس المتين لبناء مستقبل أكثر وعيا وقدرة على مواجهة تحديات العصر.