كان ذلك في سبتمبر عام ١٩٧٩ كنا مجموعة من الشباب الغض الثوري" من الناشطين في اتحاد الشبيبة العالمية التقينا من مناطق عديدة في مدينة براغ-ومنها تحركنا بالقطار الى فينا لنأخذ بعدها الطائرة الى هافانا - عاصمة كوبا التي كانت تستعد لاستضافة القمة السادسة لحركة عدم الانحياز.

ورغم الرحلة الطويلة الا ان الحوارات والنقاشات والتي كان بعضها حادا اختصر لنا المسافة.

وصلنا هافانا او كما يسمونها - هابانا مع الغروب - وكان المطار يعج باعلام وشعارات دول العالم الثالث وبلغات منها العربية وطغى عليها علم فلسطين.. وكان المستقبلون من افواج الطلبة الكوبيين الذين استقبلونا بفرح وسرور وبالاغاني ونقلونا بالباصات الى سكن للطلبة اشبه ما يكون بمعسكر.. لنستأنف الحوار" الثوري" والتنبؤ" بسقوط قريب للرأسمالية وانتصار حركات التحرر .. وغير ذلك من شعارات وامال واحلام رومانسية غذت الطهارة والمراهقة الثورية..

كنا بانتظار شديد للقاء "قائد الثورة" الرفيق فيديل في اليوم التالي والذي جرى في سرادق كبير قبل ان يلقي خطابا عاما هناك. استغرق الخطاب الارتجالي حوالي ٤ ساعات تخلله اطلاق النكات والتهكم على الرأسمالية والاحتكار والاستعمار.. تعرض كاسترو في خطابه للعرب وقضية فلسطين حيث اشاد" بالتراث العميق والكبير للامة العربية" معتبرا ان العرب امة "عظيمة" فيما لاحظت اشادته بالرسول محمد الذي اعتبره "ثائرا" متميزاً..

قال هذا وسط ذهول الشيوعيين العرب واعجاب القوميين منهم .. لقد ادان الرفيق فيدل الصهيونية معتبرا انها حركة رجعية تماثل العنصرية و طالب بدحرها واقامة دولة ديموقراطية فلسطينية واحدة يعيش فيها بمساواة اليهود والعرب -المسلمين والمسيحيين !..

قال كاسترو كلاما كثيرا لكن الاهم في حديثه انه قال "دلوني على دولة او حركة تحرر واحده وقفت امريكا الى جانبها.. لكنني سادلكم على العشرات التي ساعدها ووقف الى جانبها الاتحاد السوفياتي" !.

كانت زيارة لا تنسى اوردها هنا بمناسبة وفاته .. كان رجلا عظيما وشجاعا وصاحب مبدأ اتفقنا معه او لم نتفق!