facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رسالة إلى صديق عن عمان و غربتها!


علي احمد الدباس
22-11-2011 03:08 AM

في الأسبوع الماضي و خلال محادثة هاتفية مطولة، مع صديق عزيز مغترب منذ عدة سنوات عن الوطن و عاصمته عمان، دأب على زيارتها سنويا، تحدثنا عن كثير من القضايا الشخصية و العامة، ثم عرجنا على عمان و تغيرها و تغير ناسها خلال السنوات الثلاث الماضية. في اليوم التالي، ولأن الحديث عن عمان لم ينته مع انتهاء المكالمة، أرسلت له رسالة عن رأيي في تغير عمان بعدما أثار هو شجوني.. أعيد نشرها اليوم على صفحات عمون مع تعديلات " تحريرية " طفيفة ...

إلى صديقي أما بعد ،

إنتهينا بالأمس بسؤالك المفتوح : هل ستعود عمان كما كنت ؟ فأقول لك ستعود عمان كما كانت ، تماما كما أنا متأكد أنك ستعود إليها ، فما أصاب عمان هو ما يصيب الأم حين يغيب أولادها عن الدار ، لا تطبخ و لا توقد النار ففي مخيلتها تساؤل وحيد ... لمن أطبخ ؟ و هي حتى لا تنظف " الحوش " ... فلم تنظف ؟ و هي أيضا تسمح للي يسوي واللي ما يسوى أن يبات عندها في تلك الليلة يؤنس وحدتها فبعد الأولاد كله واحد!

هذا هو حال عمان ، تخلينا عنها جميعا ، أنتم الذين اغتربتم ذنبكم أقل من ذنبنا ، فهي تشتاق لكم و تدعو لكم بالسلامة ... أما نحن الذين هجرناها و نحن فيها فهي تلعننا كل صباح ، و ها هي لعنتها تجعلنا نكره بعضنا و نكره أنفسنا و نكره عيشنا فيها ... أتصدق أنني وزعت سيرتي الذاتية بالأمس على الشركات القطرية و البحرينية و الاماراتية ... شعرت أن آخر معاقل عمان قد سقطت من أيدي أهلها بالأمس و أنا أفعل ذلك ، فأنت تعرف كم كنت أرفض أن أفكر في الموضوع أصلا ... لكنها هي من طردتنا منها مكرهين!

عمان لم تعد تحبنا ... و معها حق! فقد أصبحنا نلاحظ فيها الغي و نسكت ... بنات الهوى أصبحن على الطريق ، كنا و نحن أطفال نرميهم بالحجارة، و كنا حتى قبل عامين نضيق عليهم و " نقززهم " ... أما اليوم فأصبحنا نحتفل بهم و نروج لهن و ندافع عنهن ... و توقعي سيصبح لهن قريبا نقابتهن! سكتنا فسكتت عمان عن حبنا ... رفعنا الإيجار على بعضنا البعض فرفعت عنا عمان غطاء الحب و الدفئ و الكرامة ! خلعنا قلبها من جذوره و استبدلناه بأبراج كمدينة الأشباح لا طعم لها و لا فكاهة و لا مازية ، خلعنا أشجار النخيل من شارع جامعتها لنستبدله بباص سريع إكتشفنا أخيرا أن مروره بالشارع أمر مريع فألغيناه عالسريع! أفبعد كل هذا و تسألني لماذا تغيرت عمان؟!!

عمان يا صديقي كرهتنا ، كرهت سفالتنا فعاقبتنا بقلة البركة، و كرهت شيطانيتنا فعاقبتنا بانقطاع الخير في أهلها ، كرهت جشعنا فعاقبتنا بالتضخم ... هو أصلا لم يعد تضخما بل أصبح تغولا ... حتى حين قررنا أن نبر عمان كأم لنا بأن نزرع فيها بعضا من شجر في حديقة أسميناها – زورا - على إسم من حلم بأن تكون عاصمته خضراء بلون الشجر ... انقلبنا على قرارنا و حولناها حدائق اسمنتية فيها من المتاحف ثلاث و من المدارس اثنتين و من الممرات عشرات و من الزعران أكثر من الشجر!

شوارع عمان لم تعد هي الشوارع .... غيرنا أسماءها ... و استبدلنا أسماء الصروح بأسماء مواليد من عمر أحفاد هذه الصروح ... شعرت عمان أن زمانها القديم قد ولى ... و أن إسمها سيتحول مع الأيام الى " أمّان " تماما كما تلفظ بالانجليزية! هل تصدق يا عزيزي أن شاورما الريم على الدوار الثاني أصبح يعطي أرقاما من الكاش عبر الكمبيوتر؟ فما بقي بعد ذلك من عمان التي أحببنا فيها الفوضى ... بالمناسبة تعددت في عمان اللهجات ، في الرابية لا تسمع الا العراقية ، و في سيتي مول تعجز بحثا عن كلمة عربية ، و في صحن البلد لم تعد الناس تتحدث فهي فقط تهتف لإصلاح بدأت حديثا أعتقد أنه إصلاح يراد به إفساد!

عمان يا عزيزي لم تعد شارع خرفان ، بل شارع الوكالات ، هي أصبحت مدينة بالوكالة أصلا . عمان يا صديقي لم تعد بجبالها السبعة بل أصبحت مدينة للشقق المفروشة هنا و هناك ... في حينا تقرأ على واجهات المحال التجارية إعلانا يقول " شقق مفروشة للإيجار اليومي"!!!!

و سأزيدك من الشعر بيتا ، بالأمس و حين حدثتك أن الشركة ستقوم بنقل مكاتبها في مجمع بنك الاسكان و سأنتقل معهم مبتعدا عن نبض عمان في دوار الداخلية و ذاهبا الى قلب الرفاه اللئيم الخادع في عبدون، حزنت أنت كثيرا و اسمح لي اليوم أن أعمق الحزن في داخلك ثأرا منك ، قبل أشهر خلعوا عن مجمع بنك الاسكان زينة الشجيرات الخضراء التي كانت تتدلى من نوافذ طوابقه ، جردوا كل الشجر من كل الأحواض ،،، و اليوم وفيما أنا أكتب لك بدأ العمال بتركيب " خوازيق " بلاستيكية مكان الأشجار و حين سألنا عن السبب قالوا حتى لا يأتي الحمام و لا تأتي العصافير و تعيش هنا!

إياك أن تسألني بعد ذلك لم تغيرت عمان! فماذا بقي من أصالتها بعد أن جردناها من إنسانيتها ، من أخلاقها ، من شجرها و أخيرا من طيورها ! لكن لا تقلق ستعود عمان كما كانت إن نحن عدنا كما كنا ... و ما بشيئ بعيد عن قدرة الله التي نحتاجها كثيرا حتى نعود كما كنا!

بصراحة أنا اشتقت لنفسي لكن نفسي أقل حيلة من أن تعود !





  • 1 مغترب في إجازة 22-11-2011 | 04:15 AM

    أبدعت أيها الكاتب مع أنك تبدو في الصورة شابا ، إلا أنك وصفت ما شعرت به عندما عدت بعد ثلاثين عاما من الغربة ... تغيرت و تغيرنا!

  • 2 مشتاق لعمان 22-11-2011 | 04:57 AM

    اكثر من رائعة.

  • 3 Anas 22-11-2011 | 08:30 AM

    Creative as usual !!!! keep going man!

  • 4 بو عمر 22-11-2011 | 11:57 AM

    مقال رائع رحم الله والدك ذو الخلق القويم والراي السديد

  • 5 م. عودة العورتاني - الرياض 22-11-2011 | 12:59 PM

    أبدعت أبدعت أبدعت
    والله لقد تكلمت بما يجول في خاطري بعد كل مرة أعود فيها إلى عمان في الاجازة.
    أين أنت يا عمان؟؟؟ أين عمان التي كنا نبكي من شدة حبنا لها عندما نسمع أغنية "عمان" بصوت المرحوم فارس عوض ؟؟؟ أين الذكريات الجميلة في شارع الجامعة ودوار الداخلية ومجمع رغدان والساحة الهاشمية ووسط البلد ؟؟؟
    أعتقد بل أجزم بأن من ولد في عمان بعد العام 1980 لن يفهم كلامي ولربما سيضحك من كلامي ... لكن هذا بعض ما عندي فقط من حب وعشق لعمان !!

  • 6 Ruba 22-11-2011 | 02:23 PM

    ابدعت يا علي..فعلا" مؤسف هو ما اصبحنا نراه في عمان وفعلا" قدرة الله هي ما نحتاج لنصلح انفسنا اولا" قبل اصلاح او استعادة عمان

  • 7 عبدالرؤوف الربيحات ابو البراء -حي الطفايله-عمان 22-11-2011 | 02:39 PM

    كعادتك مبدع يا استاذ علي الدباس

  • 8 أردني بسيط 22-11-2011 | 05:05 PM

    سلمت يمناك أخي الكريم... تحدثت بلسان جيل كامل... هذا يا أخي هو السبب وراء شعور الكثير من أبناء الجيل الجديد بضعف الهوية.. لكن في الأردن وخارجه من تنبض قلوبهم بأحرف اسمه ولا تتنفس إلا هواه العليل.

  • 9 مغتربة 22-11-2011 | 06:05 PM

    مؤلمة :(

  • 10 عمر قطيشات 22-11-2011 | 06:12 PM

    ابو الدباس طول عمرك كبير, يا رجل انت ضربت عالوتر الحساس, يا اخي تسلم يمينك و يديمك للاردن و لاهلك,

  • 11 محمود الساكت 22-11-2011 | 08:16 PM

    اخي على
    ابدعة كعادتك لكن اسمح لي لاقول سثبقى عمان التي نعشق حاضرتا فينا رغم الجفاء وتحول عمان العراقه الى ماهي عليه الان

  • 12 أحمد حمو 22-11-2011 | 11:21 PM

    سأعلق على آخر جملة وهي المفتاح ... تعليق صديق!
    رجع نفسك بترجع عمان زي ما كانت واحسن.
    الله يوفقك ويكتبلك النجاح يا علي الدباس :)

  • 13 علاء 23-11-2011 | 01:10 AM

    مقال مؤلم لكنه واقع
    والسؤال : هل هذاا لوضع خاص ب عمان؟
    أم بكل او معظم الأماكن ؟
    فهناك تغيّر وتغيير
    والحنين لا يريدنا أن نكبر ونعرف الحقيقة

  • 14 23-11-2011 | 11:24 AM

    رائع

  • 15 mohammad 23-11-2011 | 11:24 AM

    ابدعت فحلقت... وعلى الاوتار الحساسة ضربت...رحم الله والدك... و ها انت تسير على خطاه

  • 16 mohammad 23-11-2011 | 11:24 AM

    ابدعت فحلقت... وعلى الاوتار الحساسة ضربت...رحم الله والدك... و ها انت تسير على خطاه

  • 17 فيروز 28-11-2011 | 10:18 PM

    رحم الله والدك وابقاك ذخرا وسندا لوالدتك الفاضلةواخيك ابدعت علي

  • 18 احمد ابو صهيون 04-11-2014 | 04:11 PM

    حسستي عمان ......


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :