facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الحلقة الاخيرة من في ذكرى رحيل الحسين ملك يختزل عنفوان النص 9/10ــــــــ 10


محمود الزيودي
31-01-2007 02:00 AM

يروي سليمان الدجاني حادثة جرت اثناء زيارة قام بها الملك الى اثيوبيا .. ( الحبشة انذاك ) فحين دخل الامبراطور هيلاسي لاسي للسلام على الحسين وكنت جالسا بمعيته كان محاطا باسد ولبؤة . من باب اللياقة والمجاملة ابدى الحسين اعجابه بهما لنفاجأ لدى مغادرتنا مطار اديس ابابا ان الامبراطور امر بتجهيز اسد ولبؤة هدية منه للحسين ، شكر سيدنا الامبراطور على هديته . واعتذر عن قبولها نظرا لعدم مناسبة ظروف الاردن واجوائه لحياة الاسود . فرد الامبراطور : انا عشت في القدس واعرف ان اجمل جو للاسود هو جو عمان . رد الحسين : لكننا لا نعرف عاداتها وطريقة غذائها . ولكن ذلك الاعتذار لم يجد . حيث اتصل الامبراطور بشخص وابلغنا انه بعد عشر دقائق سيرافقنا مدرب للاسود اسمه ( تغالب ) وتغالب هذا لا يجيد الا لغته الامهرية . ادخلت اللبؤة والاسد الى الطائرة الصغيرة . وبعد مغادرتنا الاجواء الاثيوبية اضطر الطيار للهبوط في مطار جدة للتزود بالوقود ... نزلنا جميعا في جدة . فظن تغالب ان رحلتنا انتهت . وفك القفص واخرج اللبؤة والاسد ونزل بهما ، وهو تقليد متبع في الحبشة كما عرفت فيما بعد ، وقبل ان يذهب الحسين ليستعرض حرس الشرف مع امير مكة تقدم الاسد واللبؤة باتجاه افراد الحرس فولوا الادبار خشية اقترابهما منهم ........
وتستمر البسمة بل الضحكة حتى في ساعات المحنة ... واية محنة اكبر من مرض لا شفاء منه .... في مستشفى مايوكلينك سال عن احدى الممرضات التي ناوبت في الليلة السابقة وهي مصابة بسعال شديد .. كان قد احصى 23 مره سعلت فيها خلال دقيقة واحدة كما تذكر الاميرة هيا الحسين .. طلب منا ان نطمئن عليها ... وهو حين سمع سعالها لم يدق الجرس ليسالها عن سبب السعال بل نهض من سريره وبحث في حقيبته عن اقراص مناسبة لحنجرة مصابة بالسعال .... اعطاها الحبة واقترح عليها ان تذهب الى بيتها لترتاح ... في مرة اخرى يطلب من الاميرة زين الحسين ان تحضر قالب كيك من السوبر ماركت ... فعاملة التنظيف التي تنظف الجناح تحتفل اليوم بعيد ميلادها ... جاءت المراة والجميع جلوس في المطبخ غنوا لها ( عيد سعيد) .. احمرت وجنتاها خجلا واوشكت ان تنفجر بالدموع فرحا لشدة تأثرها وهي ترى ملكا وملكة واطفالهما يحتفلون بعيد ميلادها... اعتذر الحسين عن ارباكها قائلا ( انا اسف جدا يا ستي .. الم نُغَنّ بشكل جميل ؟؟؟ ) ... وانفجر الجميع في ضحكة من اعماق القلوب ....
وفود كثرة جاءت لزيارة الحسين في مايوكلينك ... ابرزها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ( ولي العهد انذآك ) برفقة الامير سعود الفيصل وزير الخارجية ... تأثر جلالته للهدية التي جاء بها خادم الحرمين الشريفين ... ماء زمزم وعصفر ... جهز خلطهما عبدالله بن عبد العزيز بنفسه وطلب من الحسين ان يشرب الكوب كله وذكره ان عددا من شيوخ الحرم الشريف قد قرأوا على تلك الهدية سورا من القران الكريم ... وفيما بعد يقوم بتدريب عيال هزاع المجالي ( كما يقولها الكركيون ) .....( حسين وايمن ) على طريقة تحضير الدواء ويذكرهم ( حين اكون موجودا ينتهي عملكم فانا من سيعد الخلطة للحسين ) ... فيما بعد جلس الحسين لمدة ثلاث ساعات يكتب رسالة محبة وعرفان الى عبدالله بن عبد العزيز ... انهى الرسالة الساعة 11 ليلا ... قرأها ابن سعود وبكى ... نختزل من عنفوان النص جملة الحسين لاخيه عبدالله بن عبد العزيز ( حتى ولو انتهت حياتي الان الا انك اعطيتني الروح ) ....
بعد خمسة اشهر ونصف امضاها في مايوكلينك صافح جميع الاطباء والممرضين وحتى المرضى ... كان مرهقا .. لكنه بمزاج جيد ... وعاد الى التدخين مرة اخرى
* * *
في غرفته بالمدينة الطبية ، امضى الحسين اخر لحظات حياته . كان الجو باردا خارج شبابيك غرفته والمطر غزيرا ، احتشدت جموع الاردنيين شاخصة ابصارها الى السماء ، وهي ترفع اكف الدعاء للباري ان يشفيه ......... علمهم الحسين ان لا يأس ولا قنوط من رحمة الله . بينما اجتمعت العائلة الشريفة في الغرف المجاورة لتلقي على الحسين نظرة الوداع وهو يغط في غيبوبته راضيا بإرادة المولى مرضيا عنه باذن الله .............
اخر يومين في حياة الحسين أمضيناهما عنده ومعه في عمان ، تقول الاميرة عالية الفيصل ، لكنه لم يكن معنا ، فقد كان تحت تاثير التخدير الذي يخفف عنه الالم واذكر ان الملكة نور طلبت مني ان اجلس لأقرأ القرآن الى جواره ، فجلست معه وحدنا في الغرفة ، وقرأت له ما تيسر من السور الكريمة ، كنت امسك بيده وانا ادرك انه لا يشعر بي . لكن إحساسي بأنني افعل له شيئا بحد ذاته ... شيء عظيم .
كنا جميعا حوله . نمنا الى جواره في الغرفة ومنا من افترش الأرض وآخرون على الكراسي . وعندما حضر الطبيب ، واخبرنا عن وضعه الصحي . انهالت علينا لحظة صعبة . كنت والامير فيصل الذي عاشها كأصعب لحظة في حياته ، يصفها بالقول : لم نكن نعي بان النصف الساعة هذه . هي اخر ما تبقى من حياته . كنت امسك بيده وانا لا اعرف انها ستكون المرة الأخيرة التي اقبلها . وفي الوقت ذاته كنت أؤذن في إذنه ، وانا اشعر بانه يغادرنا مرتاح السريرة والضمير . وفي اللحظة التي رفع فيها المؤذن داعيا لصلاة الظهر في مسجد المدينة الطبية استحقت لحظة الحق وامتلأ الفضاء بكلمتين عظيمتين ( الله اكبر ، الله اكبر )

9 ــــــــ 10

لم يزل الديوان الملكي الهاشمي يهتم بمعالجة المحتاجين على حساب الملك عبدالله الثاني حفظه الله ... وهذا تقليد دائم في الاسرة الهاشمية .. ولو اردنا احصاء عدد المرضى اللذين عالجهم الحسين في الداخل والخارج على نفقته الخاصة لسودنا باسمائهم مئات الصفحات ..... ولكن اهم حالة تابعها الحسين واسهرته الليالي هي علاج الرئيس ياسر عرفات بعد حادث سقوط الطائرة في الصحراء الليبية ... فالرجل وصل الى عمان يعاني من نزيف جانبي في الدماغ وقد مر عليه شهران .. ولم يظهر هذا النزيف في الفحوصات التي اجريت له سابقا ولا بد من اجراء العملية وجاء الحسين لاقناع الرئيس عرفات باجرائها بايدي اردنية ....... او يأتي له باطباء من الخارج ........او يسافر الى احدى الدول لهذه الغاية وسيتوسط الحسين لتسهيل اجراءات السفر الى دول كانت ترفض دخول عرفات الى اراضيها ... صلى ابو عمار صلاة الاستخارة وجاء فاروق القدومي ليوقع على اجراء العملية التي استغرقت حوالي 4 ساعات والحسين جالس في الغرفة المجاورة ينتظر .. احضروا له الغداء فلافل .. لم يغادر المكان الا بعد ان افاق ابو عمار من البنج واطمئن عليه .... وفيما بعد نقل ابو عمار الى قصر الضيافة ليكون مقرا له حتى تماثل للشفاء وغادر المملكة .. ومثل ابو عمار كان علاج خالد الحسن ( ابو السعيد ) احد قيادات حركة فتح ......... وابرزها حالة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس .. فالحسين على معرفة تامة باساليب المخابرات الإسرائيلية التي رشت خالد مشعل بمادة افقدته وعيه الكامل .. فاصر الحسين على احضار الدواء المقاوم لهذه المادة قبل خروج أي فرد خارج السفارة الإسرائيلية في عمان . وقبل أي حديث عن رجلي الشين بت اللذين اعتقلتهما المخابرات الأردنية بعد هروبهم ... والحسين يعرف نفسية الاسرائليين الذين لا يتنازلون عن شيء الا مقابل الثمن .. اصر على اخراج الشيخ احمد ياسين من السجن مقابل انهاء المشكلة ... انقاذ حياة خالد مشعل ... وتحرير احمد ياسين من السجن الذي امضى فيه مده تقارب مدة سجن نيلسون مانديلا في سجون جنوب افريقيا ...
على جسر الاحزان استقبل الحسين احمد ياسين ورافقه في سيارة الاسعاف الى المدينة الطبية . لماذا احمد ياسين وليس غيره ؟؟ لان الحسين يعرف ان الشيخ المقعد هو ابرز رموز المقاومة الفلسطينية .. بل كان روحها الوثابة .. يكفي شهادة يعقوب بيري رئيس جهاز الامن العام الاسرائيلي ( الشاباك ) باحمد ياسين حتى نعرف فراسة الحسين في معرفة الرجال ........
تبقى فلسطين ذلك الجرح الغائر في قلوب الهاشميين ... يرفض الشيخ المجاهد الحسين بن علي معاهدة سايكس بيكو المعروفة ويرفض الانتداب على فلسطين ووعد بلفور المشؤوم ... ويكلّفه هذا الموقف رحلة المنفى المعروفة الى قبرص ... ولم يزل الجرح غائرا ... تدخل محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية طريقا مسدودا والحسين في مايوكلنك تحت العلاج الكيماوي وترتيبات زراعة النخاع ... يتصل به الرئيس الامريكي بيل كلينتون طالبا مشورته ... فعرفات ونتنياهو يجريان محادثات صعبة في واي بلانتيشن وهي تواجه تعثرا يسبب احراجا للادارة الامريكية ... يغادر الحسين سرير المرض ويتوجه الى مكان المحادثات ... تستذكر نور الحسين لحظة دخول الوفد الفلسطيني المفاوض الى مكان لقاء الحسين . بدت عليهم الصدمة .. اجهشوا بالبكاء وهو يشاهدون تاثيرات العلاج الكيماوي وقد تساقط شعر راسه بالكامل . فضلا عن الهزال العام على وجهه وجسمه ... ومع هذا انخرط الحسين في المفاوضات بكل خبرته الغنية حتى انتهت بتوقيع مذكرة واي في البيت الابيض يوم 23 / تشرين الاول / 1998
* * *
بعض المواقف في حياة الحسين تدعو الى اكثر من الابتسام ... في اول زيارة له الى المملكة العربية السعودية كان الملك عبد العزيز ال سعود يتحرك على كرسي بعجلات .. وكان يجب ان يسير مع الحسين من مكان الى اخر .. وقبيل هذه الحركة جاؤوا له بكرسي متحرك ليرافق الملك عبد العزيز في حركته ... كتم الحسين دهشته وجلس على الكرسي وحاول جاهدا ان الا تلتقي عيناه بعيني المرافقين واعضاء الوفد الاردني حتى لا تندر الابتسامة او تصعب السيطرة على ضحكة كبيرة .. فالحسين شاب في مقتبل العمر على كرسي متحرك يدفعه احد المرافقين ... اما في اثيوبيا فالحادثة التالية تستدعي اكثر من التامل والضحك ...











  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :