facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المواطن الصالح .. !


أ.د عمر الحضرمي
15-01-2012 02:39 AM

لقد تشكلت شخصية المواطن الأردني نتاج تفاعل مجموعة من عوامل القيم والعادات والتقاليد والأعراف والأوضاع الاقتصادية والتعددية الثقافية، والارتباطات الجوارية والخارجية والإملاءات السياسية والفكرية، واستحقاقات الظروف الأمنية والانتماءات القومية والعقائدية. ولن نكون قادرين، في عُجالتنا هذه، على الإحاطة بكل هذه المكوّنات ولا بمعظمها لأن ذلك يحتاج إلى كتب وأسْفار وربما مجلدات، ولأن ذلك سيخرجنا عن الغاية التي أردنا أن تكون محور إطلالتنا السابقة، وهذه التي بين يدينا. فكل ما نبغيه هنا هو تعريف من هو «المواطن الصالح»، وبالتالي أين هو في سياق مكوّنات الدولة الأردنية الحاضرة.

أولاًَ، وقبل كل شيء، وفوق كل شيء، المواطن الأردني، هو محور «الدولة» وعليه تقوم، وبسببه نشأت، كما جاء نشوء كل دول الدنيا. فإذن هو الذي يجب أن يكون محور العمليات السياسية والاقتصادية والفكرية والقانونية والتنظيمية، وقطب الرحى فيها. وأن أي محاولة للمساس بهذه القاعدة يعني أحد أمرين؛ إما قيام حالة تسلطية، وإما انفلات في كل فواصل الانضباطية بعد انتهاء فاعلية العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه الدول، والذي يمثل فيه المواطن العنصر الأساسي.

لذلك يجب أن نعرف أن «المواطن الصالح» لا يكون إلا إذا كانت «الدولة صالحة». وهنا نقف على رأس السطر. فالمواطن الأردني الصالح، كما يُعرّف هو نفسه، هو ذلك القائم بواجباته المطلوبة منه في سياق التكامليّة المجتمعية، يؤدي ضرائبه ويلتزم بالقوانين، ويقدم كل ما يُطلب منه، سواء ما كان على مستوى الفردية أم المجموعات أم الدولة. والمواطن الصالح، هو الذي يحترم المصلحة العامة والإدارة العامة والقرارات العامّة، وذلك على أساس أنها كلها تصب في مصلحته، لا نقول التفصيلية، ولكن نقول على الأقل أن تكون في مصلحة الأكثرية العظمى، التي من السهل تحقيقها وتقديرها والالتقاء بها.

ولكن دعونا نفتح القول، ونتحدث بصراحة، هل «المواطن الصالح» قد أخذ حقّه الكامل، أو على الأقل جُلّ حقه، خاصة وأنه، على الأغلب، قد قدّم كل الواجبات الملقاة على عاتقه، أو على الأقلّ جُلّها. الجواب بالتأكيد هو بالنفي، ليس بالمطلق، ولكن بشكل قريب منه. «فالمواطن الصالح» لا يزال هو الساحة التي تركض في جنباتها حالات الانحراف وإداراتها، والفساد وتداعياته، والمحسوبة ومكتسباتها، الأمر الذي يجد نفسه فيه مضطراً إلى الاحتجاج الذي يُخْرِج عن العقل، أو ربما يُدخل الناس في حالة من الفوضى بعد أن تفتح الأبواب أمام المندسّين والمنحرفين والموتورين وأصحاب الأجندات الخاطئة أو المرسومة بصورة غير شريفة.

المواطن الأردني الصالح يريد أمرين وحيدين فقط، أولاً أن يشعر أنه مواطن محترم وغير مهمّش، وأن يرى أن الذين يعتدون عليه وعلى حقوقه قد لاقوا جزاءهم، وأنهم خرجوا من الحساب كمواطنين صالحين. وثانياً أن يدرك أن حقّه في المشاركة في صناعة القرارات مصان ومضمون ومحمي.

المواطن الأردني الصالح، هو الذي يسكن في عيون الوطن لا ليطفىء نورها بل ليحميها من كل وهج أو ألم أو رَمَدْ، ولكن شرط أن تكون هذه العين حريصة على رؤية دربه وبالتالي تمكّنه من الوصول إلى الحق وإلى الحقيقة.

المواطن الأردني يريد أن يرى أن هناك تصالحاً وسلماً قائمين بينه وبين السلطة، وبالتالي يغدو موالياً لها وتصبح هي موالية له، ولكن أن تظل بعض أجزاء هذه السلطة يَسرح ويَمرح، ويَأكل الحرث والنسل، وبحجّة أنه يجب أن لا نفضح أنفسنا بين الناس، نسكت عليه وعلى جرائمه فنعمل على إخفائها أو تجاوزها، فهذه الجريمة بعينها.

كانت أثينا إذا ما اكتشفت أن أحد قضاتها قد خان المسؤولية، أعدمته وسلخت جلده وجعلت منه غطاء للكرسي الذي كان يجلس عليه، ثم عينت بعده قاضياً جديداً وطلبت منه أن يجلس على نفس الكرسي، بحيث يحس كل يوم مِنْ جِلْدِ مَنْ صنع الكرسي الذي يجلس عليه.

المواطن الأردني مواطن صالح، يحتاج، فقط، إلى قرار صالح، وإلى احترام حقيقي لحقوقه، وعندها فإنه سيرى نفسه مضطراً لتأدية واجباته وإلاّ فإن الكرسي «الأثيني» ينتظره.

السلطة إذن هي الممسكة بالدفّة، وعليها كل الواجب في الإصلاح، وبالتالي عليها كل الوِزْر في حال الإفساد، إذ ما يُوزع بالسلطان لا يوزع بالقرآن.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :