باقة ياسمين أرجو لها أن تنوب في إهاب كرنفالها البروتوكولي الناعم ، ولو مؤقتاً ..بأي حال ، عن (جرزة فريكة) باتت حضرتها عصية مثل تذكر أيام الشباب وميعة الصبا ، تماماً مثل مراودة إضمامة قمح حين قطافها ذات زمن بهيج ، غابت ملائحه الناعمات مع سوانحه الشفيفات مع تخبط نوستالجيا حكايات حبيبات الثانوية !، ثم أن شرط الإضمامة هو أن تكون السنابل بلون سبائك الذهب ، ما يجعل الوسيطة بعيدة المنال مثل الكتابة على غيمة علوية بماء السحاب ، ناهيك بمرسوم تنازلها بأن تكون قادمة من سهول حوران أو تخوم البلقاء أو سهوب مؤاب ، بمعنى أن تكون في حضرة الرائعين بأصالة التراب المقدس ، الذي احتضنت أعماقه بذارُها الطيبة بأيدي فلاحيّ أردننا الأشم .باقة ياسمين .. ولا بأس ، نقدمها أولاً لإبن بلدي البار صاحب الوجه الطيب والأيادي البيضاء : الوطني الغيور و الاقتصادي المعروف معالي العين (أ.د. رجائي المعشر) ، رئيس مجلس إدارة (البنك الأهلي الأردني) الموقر ورئيس مجلس إدارة صحيفة (العرب اليوم) الغراء ، لجهوده الوطنية الإنسانية والاقتصادية وما يهمنا هنا هو غرسه الكريم الثّر في أرض الثقافة والمثقفين ، إذ وبمنتهى الصراحة – وهو على كل حال لم يعد سراً ، كتلك الأسرار التي كانت تنضح بالحمق والخبث عبر طقوس خبايا وخفايا ، كانت تملأ أفق المكان بالخندقة والخلاسية والمجهول البغيض ، نقول ونحن ما زلنا على أهبة شد الإزار والتأكد من زيت القنديل مداداً لمجداف الكتابة ، كل أولئك احتشاداً لرحلة التسطير عن بهاءات هذا الالتحام العظيم بامتياز الباهر بإطلاق ، بين مثلث البنك الأهلي / الدائرة الثقافية ممثلاً بالكاتب السياسي (أ. ناهض حتر) مبادرة وتمويلاً ، ووزارة الثقافة ممثلة بمعالي (أ.د. عادل الطويسي) رعايةً ودعماً ، ويتنا العريق رابطة الكتاب الأردنيين ممثلةً بالقاص الأديب (أ. سعود قبيلات) مع أقمار الرابطة تنفيذاً وإشرافاً ، ليصار في المنتهى إلى ما كان خُطط له من رسم إرادويٍّ محكم لكن ريّانَ وشفيفاً ، كان حصاده هذا النجاح المنقطع النظير والغير مسبوق لمسيرة الوفاء لأديبنا المرحوم غالب هلسا .
أرجئ الحديث .. هاهُنا .. اليوم فقط .. وإلى أجل (مسمى) ، عن الضلعين النابهين في مثلث المسيرة العظيم إبداعياً إنسانياً ووطنياً بالتالي ، وأعني بهما وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الموقرتين ،ليس لأن شهادتي مجروحة بهما كون الأولى بيتي الوطني والثانية بيتي الإنساني ، بل لأني سطرت كثيراً ببهاءات دوريهما المشهودين في بُعد الثقافة الإنتمائية بإجمال ، لأقصر تدبيجي فيما تبقى لي من بياض لجينيٍّ في هذا الركن الدفيء ، تنويهاً ..حسب ، بدور الضلع الثالث الشفيف وأعني البنك الأهلي الأردني عبر دائرته الثقافية ، أقول تنويهاً فقط لأن هذه المساحة البيضاء لن تكون ، بحالٍ ، كفاء ما أتغيّاه من إسهاب في هذا الذي تبدعه ثقافية البنك ، فمع أن المسثثمَرَ فيها جدّ متواضع (مليون ديناراً) وهو فيما علمت رأس المال عند التأسيس ، إلا أنه وبفضل ورعاية معالي الرئيس وبجهود مستشاره مديرها التنفيذي جاءت النتائج نوعية مبشرة وعظيمة ، وذا مثال مسيرة الوفاء لأديبنا المرحوم غالب هلسا يستوي خير شاهد وأعظم دليل على ما سقناه آنفاً .
لعل المقاربة .. وما زلنا في السياق ذاته ، بين رجلين عظيمين اقتصاديين ومثقفين عاشا في حقبتين متباعدتين و مختلفتين ، تبدو صعبة القياد والانقياد معاً للأسباب الآنفة الذكر هنا ولأسباب أخرى ما هنا مكانها ولا هذا زمانها ، لكن ما تيسر منها يلقي الضوء على ما نرمي إليه من إشادة متواضعة بأي مقياس ، لصرح اقتصاديٍّ كبير (حتماً) يقوده رمز وطني كبير (حقاً) ، مع الاستدراك بأن مرادنا النبيل والأدق غايتنا الأسمى من وراء هذه الإشادة ، هو و فضلاً عما اختصرناه قبلاً أن يستوي الصرح وصاحبه ، أنموذجاً يُحتذى في العطاء الوطني من بابيه الاقتصادي و الثقافي .
أما المقاربة .. أعلاه ، فبين رئيس البنك الأهلي المصري في الأربعينات أو الخمسينات والستينات (د. ثروت عكاشة) ، والذي أصبح فيما بعد وزيراً للثقافة ومواقع ثقافية أخرى ، والذي قد يكون استفاد أنذاك في توجهاته الاقتصادية الوطنية من الاقتصادي الوطني المعروف (طلعت حرب) ، إذ رسخ د. عكاشة تقليداً يتوسل به مساعدة الفنانين المصريين بشراء لوحاتهم وتعليقها تباعاً على جدران البنك ، أما معالي د. رجائي المعشر رئيس البنك الأهلي الأردني فقد تعدى د.عكاشة بخطوات نغمطها إن قسناها بالفكرة العكاشية ، إذ شتان بين خطوة بسيطة خدمت عدداً بسيطاً من الفنانين المصريين ، وبين دائرة ثقافية باتت تنافس حاضراً مؤسسة شومان بل وأمانة عمان الكبرى .. ولنا عودة .. لا مناص .]
Eamail:abudalhoum_m@yahoo.com