facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




توقٌ لمُحيّا الحاجة مَنَادي


ممدوح ابودلهوم
20-03-2012 09:34 PM

** بوحٌ (ذاتي) يقبلُ القسمةَ على الخفقِ (الجمعي)

[توقٌ غالبٌ .. مقيمٌ وضارب ، توقٌ .. أجل .. لمُحيّا أمي الحاجة منادي ، ما يزالُ منذ خمس سنين يبحث عن شرايينَ في قلبي المائت ، كي ينهل من معينها النابض دماً لا دمعاً ، يُسطر به مرثاة الفقدِ العظيم ، وما من شرايين بعد إذ اغتالتها جنيّات فشلي الذريع مذ كنت وكانت ، مع حكايا لعبة الأيام التي نُسجت من خيوطها اللعينة فصول مسألتي الضيعى ، والتي ما فتئت منذ عقود وعقود تقلب لي ظهر المجن – تغريباً قائماً وسراباً دائماً .. احتطاب ليل وقبضَّ ريح ، عبر واحدة من الخواتيم بعد نقطة في آخر سطر مكلوم ، توجّعَ كثيراً قبل أن يلفظ آخر حروفه على بياض قلبي الذي كان !

لم يكن من شرايين و .. كفى بهذا المجتبى بديلاً نازفاً ، جعلوه من شرايين شائخة جغرّفها نطّاسيو القلب في فيافي خربة أعلى الطرفين ، وجاء في الحكاية أن عملية التبديل قد تمت على مقصلة القلب المفتوح ، وحين قامت قطط المدينة الطبية بتفريغ أشرطتي / شراييني المرحومة القديمة ، في ركن صقيعي بعيد وليس في غرفة سفلية في مركز القلب ، كما قالت الناعقة الرسمية باسمهن غداة خروجي من غرفة العمليات ، ضحكن كثيراً بل و قهقهن حتى استلقت إحداهن على قفاها فكشفت عورتها !، فحدّجها قطها العاشق بنظرة غضبى ارتفع لها شارباه قبل حاجبيه ، وجاء على لسان الناطقة الرسمية القطة المغناج ، بأنه صرخ بِ(ميو) نقيضة لميو قط (مظفر النواب) ، مضيفاً بقططية فحلية صارمة بأن شاعر الرجال قد قال يوماً : ما كانت الحسناء ترفع سترها / لو في هذي الجموع رجال .. ونحن أيضاً رجال !، ضحكنَّ وقطهن (سي السيد) وهم يراقبون حكايات سذاجتي حدّ البُله .. أنا الجندي الكاتب المأفون !
أما العيون – ولن أتحدث عن باقي تفاصيل تحولات المرتق .. أعني : حضرتي – فحدثي يا أمي ولا حرج ، و كنت تقولين حين سألتِِ إحدى القريبات ، وكانت عجوزاً ناهزت الثمانين واليوم شارفت على التسعين بعد وضع عدسة في عينها ، أجابت بأنها ترى وبقوة حتى كيف يدخل الخيط من ثقب الإبرة ، فعلقتِ بهمسٍ لعله كان مسموعاً بأن : (ول يا ميمتي يا يمه هذي تشوف وأنت الي بحاجة للعيون ما تشوف .. استغفر الله .. و الله حرام) ، فبعد زرع القرنيتين ما زلت يا أمي لا أرى فيما هو مطلوب لخبز العيال ، بعد أن بكيت فيهما عليكِ أيام الرحيل بخاصة ، وبعامة وكلما مرَّ على عجلٍ طيف رسمك أو تخيلت صوتك ، أو شممت رائحة أردانك بذفال الخبز في طريقك إلى المطبخ ، بل لعلي ما زلت أبكيك كلما أشرقتِ عليّ في حلم تمنيت لو طال إلى أبدٍ أبيد .. فما زالت روحك تبارك سماء المكان ، ومهما يكن .. وبكلمة .. فهاأنذا ما زلت لا أرى كما يجب .. حتى بقرنيات الأخرين !
ليس يليقُ بتذكر محيّاكِ الرضيّ الوضيء إلا الشِعر ، وللشعر معي ألف حكاية وحكاية إذ كلما حاولتُ تسطيره بكِ أو تسطيرك به ، جاءَ يتلصص من أعلى رأسي مروراً بسرادقات باردة ومعتمة تحت الفروة البيضاء ، ثم يحار مثل الوجع من أين سُييمم شطر وريقة بيضاء مثل صفحة اللجين ، ستتشرف هنيهة سقوط أول قطرة مداد شعريٍّ على سطرها الأول ، يحار في منطقة ما قرب حدود الأوداج هل يذهب أولاً إلى القلب المكلوم بالفقد الجلل ، يعبُّ من دواة دمه مداداً ينسج به حروف التذكار الجليل ؟، أم عبر الكتف متسللاً نحو اليد اليمنى فممسكاً القلم نحو ذات الوريقة المحظية ؟، وقصائدي بل أوراقي كانت مختلطة أيام الشباب بأوراق الصديق إبراهيم العجلوني ، فمثلاً وجدت له قصة جعلتها في إحدى مجموعاتي البكر أيام الثانوية ، وعليه فلعل هذه القصيدة : (أماهُ قد جاء عيدكِ .. والليل خفاق الرياح) هي للعزيز إبراهيم وليست لي ، وعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية أحاول أن أخاطب الدارا ، ولا أدري كم سأحتاج من العمر كي أنظم بين تشذيب وتهذيب قصيدة بهذا المعنى ؟، فأنا لم أدّعِ الشعر يوماً مع أن لي ديواناً ، حمله الصديق حبيب الزيودي ، قبل عقد ونيف أو تزيد ، إلى مدينة فاس في المغرب العربي إبان الدراسة بغرض مراجعته .. الخ !
ماذا يقول ، بعد ، مكلوم مثلي مختلف في أم مختلفة كأمي منادي ؟، ماذا يعني يوم ذكرى رحيلها الخامسة لي أنا ابنها اليتيمٍ ؟، يتيم فرح ويتيم قرار وسكينة وهدأة من عليين ؟، وقد كنت ذات صبا وشباب أسميني (بلالاً) و أسميها (نعجة) ، تحت سياط أبي الذي أسميته (أمية) في مجموعتي القصصية (أحجار أمية) ، والتي بُحت على سطر فيها : (كلما نظرت إلى نعجة تذكرت أمي) !، ولكن حين امتدت بي وبها السنون وأورقت فيَّ الشجرة الأولى ، من شجر الحكمة والحكم على تصاريف الأيام ما الثابت فيها وما المتحول ، عرفت الحاجة منادي بعد إذ عقلتُ فعدت وعدلت فأصبحت أقول فيها مذاك وحتى يوم اليتم هذا : (كلما نظرت إلى نخلة تذكرت أمي) ..
وبعدُ .. فتعالوا معي أطلعكم على الدليل الذي لا يعوزه يقين ، عن كيف هي أمي / النخلة ، ففي أيلول عام 1970 وتحت القصف أنجبت توأماً هما أمينة وعبد الله (رحمهما الله) ، وكان معها أخي أمجد وكان في الثالثة من عمره قبل أن يرحل أيضاً (رحمه الله) ، وكان في الملجأ (التسوية) في بيتنا العتيق شرق عمان حوالي 55 لائذاً من الجيران ، فتركتْ الأطفال الثلاثة ونزلت في الهواء الطلق ، وهي في مرحلة النفاس الأخطر فيما يرى الأطباء والعارفون ، تعجن وعلى الصاج تنضج أشهى خبز شراك على هذا الكوكب ، طبعاً بعد أن تطبخ على ذات الموقد تارة عدساً وتارة فريكة (الخ) ل 55 من المستجيرين ببيتها الطيب مثل وطنها الأردن الطيب الذي يتسع لكل الطيبين ..
أقف عند هذا الحد .. فما أقدرُ على إنصاف هذه المرأة / النخلة ، وأعني الراحلة أمي منادي أنا وليدها الذي أشعر أنني ما زلت ابن عامين ، يقتلني التوق من وريد الوجع الحليـبي إلى وريد الشيب يغزو خافقي وأعطافي ، فهل أنتم بقادرين على إنصاف أمهاتكم في ذكرى رحيلهن ؟، أنا أجيب عني وعنكم بصوت رعديٍّ ما بين السماوات والأرضين ، بِ ( لا ) هي بحجم هذا الكون ، الذي أراه أقل بكثير من حجم توقي اليوم لمحيّا أمي الحاجة منادي .. !!! ]

Abudalhoum_m@yahoo.com





  • 1 زهر البيلسان 21-03-2012 | 01:42 PM

    الأستاذ والكاتب والشاعر الكبير،

    كلام أقل ما يقال بأنه أكثر من رائع، كلام من قلبك إلى قلب الغالية.

    محبتي

  • 2 الله يرحمها 21-03-2012 | 04:41 PM

    فعلا رائعه ,,سلمت يداك ..الله يرحمها

  • 3 الفاتحة لروح الحاجة منادي 25-03-2012 | 01:21 PM

    الف رحمة ونور عليكي يا غالية

  • 4 رحمة الله عليها 25-03-2012 | 01:21 PM

    الكلام اكثر من رائع ابدعت


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :