facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القتل على الحجاب والقلنسوة


لميس اندوني
28-03-2012 02:10 AM

أشكال العنصرية, أياً كانت, متعددة ومختلفة, فهي تكون اما لفظية, أو قانونية, أو ثقافية. لكن التمثيل الأبشع لها هو العنف والقتل والتنكيل بناء على الهوية, طائفية, عرقية أو قومية.

انتشر تعبير "القتل على الهوية", خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية, عندما كانت المليشيات تختار ضحاياها على حواجز, فرضتها بقوة السلاح, بناء على وصف هوياتهم الشخصية للدين أو الطائفة, أو بناء على اللفظ أو اللهجة, التي تحدد كون الشخص لبنانياً أو فلسطينياً. لا يعني أن فكرة القتل العنصري, هي ابتكار لبناني, فجرائم التمييز العنصري, للأسف, هي ظاهرة تاريخية, كانت جزءا من توظيف المسيطرة للاختلاف, دينيا كان أم قومياً لبث الفرقة وتبرير سياستها الظالمة, وحتى الظلامية.

لكن ارتباط الكراهية والعداء, بارتداء حجاب أو قلنسوة (السويت شيرت), وبالتالي قتل لابسيها هي تجسيد جديد ومبتكر, أطل برأسه مؤخراً, في جريمتين منفصلتين هزتا شرائح مهمة من المجتمع الأمريكي: ففي ظرف أقل من شهر, قتل مراهق أمريكي اسود, يرتدي القلنسوة, بحيث تغطي جزءا من وجهه, على طريقة مغني موسيقى الراب الشعبية, وأم عراقية, ترتدي الحجاب, تبين من رسالة وجدت بجانب جثتها المضرجة بالدماء, تطلب منها" العودة من حيث أتيت, أيتها الإرهابية."

لا يمكن فصل هذه الجرائم, عن سجل التمييز والكراهية, ضد السود والعرب والمسلمين, لأسباب في أغلبها سياسية. فلم يكن من الممكن استعباد الأفارقة, بعد شرائهم أو خطفهم من القارة السوداء, في رحلة جهنمية, يموت خلالها من لم يستطع احتمال آلام وأمراض البقاء مقيدا بالسلاسل الثقيلة, في قعر السفن التجارية, لأشهر حتى وصولهم إلى الشواطئ الأمريكية, حيث تبدأ حياة جديدة, مليئة بالدموع والعذاب, لإجبارهم القهري على خدمة "أسيادهم الجدد."

العداء ضد العرب, مسلمين ومسيحيين, والمسلمون من جنسيات و قوميات أخرى, كان إظهارهم "كالآخر" الغريب المخيف شرطا, لتمرير السياسات الاستعمارية, واستغلال النفط العربي, والتأييد والدعم الأعمى لإسرائيل. فلم تبدأ جذور الكراهية للعرب مع تفجيرات 11/9 المدانة, ولا مع صعود التيارات الاسلامية, بل قبلها بكثير, كما تبين كتابات ومؤلفات مؤرخين وفلاسفة غربيين, لعل أبرزهم, الاستشراقي برنارد لويس, الذي كان المفكر الفلسطيني, المسيحي إدوارد سعيد, من أوائل وأهم, من فضح, وتصدى لعنصريته ضد المسلمين, المموهة بنظريات التطور الإنساني والحداثة.

بالطبع لا بد من الاعتراف بأننا نحن أيضاً, ساهمنا ونساهم, بتوفير ذرائع لمثل هذه الكراهية, من خلال التيارات المتطرفة دينياً, ودعواتها وأفكارها سواء تجاه المرأة أو الأقليات, التي تقدم وقوداً للعداء الغربي ضد العرب والمسلمين, والأهم انها تهدد مجتمعاتنا.

الاعتراف بأخطائنا وخطايانا, لا يبرر الاستعمار ولا جرائم العنصرية, كما أن لا يوجد أي مسوغات, للجرائم التي ترتكب, وارتكبت ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية, ولكن المهم هنا بالإضافة لمعرفة وإدانة مثل تلك الأعمال الشنيعة, هو التأمل في نتائج التحريض العنصري, والطائفي, والديني, والإقليمي الزاحف, والمتسلق داخل العقول في الوطن العربي.

عندما يقتحم شخص مجهول بيتا في منطقة سكنية وادعة في كاليفورنيا, ويهوي بقضيب حديد على رأس شيماء العوادي, بكل قسوة ووحشية, وعندما يبادر رجل أمريكي, ليس له سوابق أو حتى نزعات إجرامية, بإطلاق النار فوراً, ودون تردد, على تريفون مارتين لمجرد وجوده في حيه, تمثل التعبير الأشد تطرفاً, لتأثير الضخ الإعلامي للخوف من العرب والسود في المجتمع الأمريكي.

أي أن مجتمعاتنا - في العالم العربي, ليست, بالضرورة محصنة, من جرائم الكراهية, فالدعوات التحريضية, من منطلق ديني أو طائفي أو جنسي, والتي أضحت من الإفرازات السلبية لحالات تشوه اخترقت الثورات العربية, والتحريض, بالكتابة أو بالشعارات, ضد أي من المكونات أو الفئات الاجتماعية, هي من أشكال زرع الخوف ضد من نبدأ برؤيتنا كالآخر الذي يهدد حقوقنا أو حتى وجودنا, ومن ثم تصبح الجريمة: كأنه مجرد دفاع عن الذات وهذه مقدمات لأفكار عنصرية تعادي المساواة, قد تقود إلى حالات تصادم اجتماعية أو حتى حروب أهلية.


العرب اليوم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :