facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بعيداً عن السياسة .. قريباً منها!


محمد خروب
21-10-2007 03:00 AM

في خبر مثير ولافت، نشرته وسائل الاعلام التايلندية (تذكروا دائما التايلندية)، جاء فيه ان ما يقرأه المواطن التايلندي، من كتب في السنة، يقل بدرجة كبيرة عن مواطني الدول المجاورة مما سيتسبب في زيادة مشاكل التنمية الوطنية..واذ لا جديد عربياً في هذا الشأن، وبخاصة ان خبراء التعليم في معرض سنوي للكتب، يقام حالياً في العاصمة بانكوك، يقولون ان التايلندي يقرأ في المتوسط كتابين اثنين فقط في السنة، بينما يقرأ الفيتنامي 50 كتاباً في السنة، ويقرأ السنغافوري في المتوسط 45 كتاباً، فإننا نكون بالفعل امام كارثة حقيقية زاحفة، تهدد بمزيد من الانحطاط وتدهور هذه الامة (العربية بالطبع)، التي ما تزال تتحدث بطقوسية مضللة عن كلمة إقرأ، التي امر الخالق عز وجل نبيه الكريم بها، بل ان هناك من ذهب بعيداً في السباحة في بحر الاوهام والخزعبلات، التي يريد اغراقنا فيه عندما وصفنا بأننا امة اقرأ، فيما لا نحمل من هذا الوصف الجميل، اية سمات او معايير او مؤشرات يمكن قياسها والتحقق منها..

صحيح ان الجفاء بين العرب والقراءة قد بات مزمناً، تماماً مثل مرض عضال، وصحيح ان الهوة بيننا وبين الحرف فاغرة فاهها، على نحو يصعب التجسير عليها، الا انه صحيح ايضاً، ان كل ما يقال عن التنمية والتحديث والعصرنة، والاخذ بأسباب العلم والتقدم واللحاق بالامم والشعوب المتقدمة، لا يتم لا بالاوامر ولا بالشعارات، وبالتأكيد ليس عبر المسلسلات التلفزيونية او الاذاعية او تنظيم المزيد من مهرجانات الشعر، او باستمرار هذه الاصناف من معارض الكتب، التي تحتشد فيها كتب التنجيم والحظ والفتاوى الدينية، والترجمات الرديئة والمطبوعات الفاخرة، التي تتحدث عن خطب الرؤساء ومؤتمرات الاحزاب الحاكمة ومقرراتها، التي تمجد الحاكم الاوحد وترفعه الى مقامات تصل الى السماء، فيما تنتهي المقررات الى غرف الارشيف المظلمة تماماً، كما الظلمة والاستبداد والقمع وانتهاك حقوق الانسان هي نتاج حكمهم هذا..

قلنا حقوق الانسان؟.

نعم، فالحق في التعليم والمعرفة والغذاء والكساء والعمل، هي حقوق انسانية اساسية، لا يحق لأحد مهما كان، حكومة او افراداً، أن يسلبها أي انسان في هذه المعمورة، واذا كان الحق في التعليم والمعرفة لا يتمان الا من خلال قيام الدولة بمسؤولياتها وواجباتها الاساسية، بل الاولية ببناء المدارس وتوفير الكوادر المؤهلة، ثم وهذا هو الاهم، بتصميم مناهج دراسية علمية متطورة وعصرية، بعيداً عن الوعظ والانشاء والعموميات والاغراق في استحضار الماضي والانتصارات المشكوك فيها، والاتكاء على تاريخ مكتوب بتوجيهات واملاءات سلطوية او طبقات حاكمة نافذة، بعيداً عن الدراسة العلمية والاكاديمية الرصينة، ذات المنهجية الموضوعية والمحايدة في معالجتها، بعيداً عن الاهواء والانحيازات الدينية او الطائفية او المذهبية او العرقية، او التزلف للحكام واصحاب القرار..

فكيف يمكن للمتلقي الذي هو محور العملية التعليمية التعلمية كما يقول التربويون، ان يتسلح بفكر وعقلية نقدية، لا تكون اسيرة الماضي ولا رهينة للفتاوى والخزعبلات والتاريخ المزيف، الذي لم يجرؤ أحد - بفعل الاستبداد والعقلية الظلامية - على مراجعته او التفكير باعادة كتابته بعد ان ظهرت الكثير من الحقائق التي جرى الطمس عليها عن سبق اصرار وتصميم. بل تتم عملية ملاحقة واضطهاد وتجويع وتعذيب، حد التصفية الجسدية، لكل من يحاول إعمال عقله او التفكير بمنهجية اخرى في الكتابة او البحث الاكاديمي حيث تنعدم في جامعاتنا ومراكزنا البحثية، الحرية الاكاديمية وحيث القرار لكل من هو معاد للعلم والمعرفة والثقافة.

ويتساءلون رغم كل ذلك لماذا نحن شعوب لا تقرأ؟ ولماذا لا تنجح لدينا زراعة عادة القراءة لدى الشباب الذين عادة ما يرون ان القراءة عبء من الافضل تجنبه، وهو التساؤل الذي طرحه التايلنديون على انفسهم بعد ان هالتهم الحال التي وصل إليها شعبهم حيث لا يقرأ المواطن الفرد منهم غير كتابين اثنين؟.

ماذا لو عرفوا ان في بلاد العرب ملايين لم تقرأ طوال حياتها كتابا واحداً وكيف لهم ان يستغربوا إذا ما علموا ان الثقافة السائدة في بلاد العرب وخصوصاً لدى اساتذة الجامعات وطبقة الموظفين وقطاع عريض (وطويل) من الجمهور يشاركون الجمهور التايلندي (الذي لا يقرأ) ان التعليم يتوقف بانتهاء التعليم المدرسي او الجامعي (دون أن نهمل ان مستوى وطبيعة التعليم والمناهج التايلندية هي أعلى وارقى بكثير من مناهج واساليب بلاد العرب).. التايلنديون يقولون ان (حب الكلام) ساهم في منحهم قدرتهم الشهيرة على التمتع بالحياة منوهين بذلك انهم سيحرمون بشكل متزايد من الفهم المتطور للحياة..

أي استنتاج عبقري هذا؟.

الكلام هو الثقافة الوحيدة التي يمنح العرب الفهم المتطور للحياة ولهذا تعالوا يا ابناء تاهي (تايلند) إلينا لتروا ان الكلام وحده هو بضاعة العرب وتجارتهم وسياستهم وحروبهم وغزواتهم وتاريخهم، مأكلهم ومشربهم..

نأسف ان التايلنديين، إذ حزنوا انهم لا يقرأون وحاولوا حث شعبهم على القراءة، كي يلحق بمستوى الفيتنامي او السنغافوري وخصوصاً الكوري الذي لكل 20 الف نسمة منهم مكتبة واحدة، قرروا الاساءة إلينا نحن العرب - ربما عن غير قصد - عندما قالوا ان حب الكلام يمنعهم بشكل متزايد من الفهم المتطور للحياة.

.. وأمجاد يا عرب أمجاد.

kharroub@jpf.com.jo






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :