ربي! رب العرش العظيم، مالك السموات والأرض، يا خالق الخلق، يا رب كل شيء، يا قادر، يا وهاب، يا من يعز من يشاء، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيّ يا قيّوم، يا واحد أحد، يا ماجد، يا فرد يا صمد، يا من يسبح باسمه من في الأرض ومن في السماء، يا وهّاب، يا مُعطي، يا مولاي ويا مولى كل شيء، يا كريم، يا خالق الإصباح، يا مالك المُلك، يا مالك يوم الدين، يا مهيمن، يا جواد، أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أو علمته لأحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، إني أدعوك وأرجوك أن أصحو صباح الغد وإذا أنا نائب في الأردن. يا رب يا من أمرتنا بالدعاء ووعدتنا بالاستجابة أن تستجيب لي.

إنك تعلم، يا رب، أن النائب في الأردن ليس مطلوب منه إلاّ أن يجلس على أحد المقاعد، ويبدأ بلي رأسه يمنة ويسره، وينقّل بصره من زاوية إلى أخرى، فيحصل على ما يريد دون عناء إلا أن يناكف قليلاً، ويهمس بما يشتهي فيناله. إن أراد أن يأخذ سيارة بدون جمرك فيكون له ذلك، وإن أراد تقاعداً فلا يحول بينه وبين ذلك أي مانع أو حاجز، إلا أن يطلب ما يريد. وهو معفي من أن يدافع عن شيء أو عن أحد من ناخبيه، وهو الذي يملك نمرة حمراء تقيه شر الحر وشر البرد، وله كامل الحريّة في أن يحضر الجلسات متى يشاء وأن يغيب عنها متى يشاء، ولا يحاسبه أحد.

يا رب أنت محيط بكل شاردة وواردة، وأنت تدري أن النائب في الأردن يستطيع أن يفرض نفسه على أي مجموعة من الناس، دون أن يرتجف له جفن، وأن له كامل الصلاحيّة والحق أن يعترض أو لا يعترض دون حسيب أو رقيب. وله القدرة على أن يرفع صوته فوق صوت كل وزير أو مسؤول دون خوف أو وجل أو خشية من أحد. فهل أجمل من هذا الوضع وضع؟

يا سيدي يا مولاي يا من تسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصمّاء في الليلة السوداء، أنت تسمع ما يقوله النائب في الأردن إذ أنه يقول كل شيء إلا ما يجب أن يقوله كنائب. فاجعلني يا رب نائباً حتى أتمتع بكل هذه المكتسبات التي حققها النواب دون أن يتفصّد جبينهم عن حبّة عرق واحدة. ويا رب، في يوم من الأيّام، حسبت حسبة صغيرة وجدت بعدها أن النائب عندنا يقبض ثلاثمائة دينار على كل ساعة من نهار أو ليل. وإن هو خرج (في سبيل الله) لأي مؤتمر مع رفاقه فما عليه إلا أن ينتدب أحداً من زملائه لحضور ذلك المؤتمر أو الاجتماع، بينما ينشغل هو والباقون في التسوّق وشراء الهدايا، وليس مطلوب منه إلا أن يصرح بعد أن يعود أن المهمة كانت ناجحة وموفقّة، وما علينا إلا أن نصدّقه، وندعو له بطول العمر، ونذبح تحت أقدامه "البعران" ونطلب منه أن "يفشق" عنها، لترد عنه عيون الحاسدين.

يا من تملك ناصيتي بيدك، اجعلني صباح الغد نائباً حتى يصبح اسمي من ساعتها "سعادة النائب"، ويصبح اسم ولدي "ابن سعادة النائب"، ويصبح اسم جارنا في العمارة جار "سعادة النائب". ومقابل ذلك فأنا لست مسؤولاً عن أي شيء، حتى مهمة الرقابة والتشريع فإنا في حلّ منها. أليس هذا أمر يفرح القلب والخاطر، ويملأ الجوف بالسعادة والهناء.

فيا رب اجعل مني نائباً كيفما شئت وبما شئت إنك على ما تشاء قدير، ولكن يا منعم، اجعلني نائباً في الأردن وليس في غيره. لأن النائب في غير الأردن يحمل عبئاً كبيراً لا يجعله ينام الليل، ويمضي سحابة يومه وهو يفكر في وطنه، وأنا يا سيدي ويا مولاي أريد أن أرتاح.

إنك يا رب قد قلت في محكم كتابك "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانِ"، فلذا عليّ الدعاء كما أمرت ولك الاستجابة كما وعدت.