facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صرح من خيال


حلمي الأسمر
28-10-2007 02:00 AM

كان يحمل في أحشاء عقله صورة لامرأة ، بمواصفات كرستالية ، فهي جسد اسطوري أقرب إلى الروح ، تتكون من ذرات غبار الطلع المعجونة برحيق الأزهار والعسل ، المضمخة بقطرات ندى غابة استوائية لم تزل بكرا، هكذا يتخيلها ، أو يحب أن تكون على الأصح ، وهو يضفي عليها صفات وطبائع تخرج من أعماقه هو ، ولا يهمه ان كانت لا تمت بنسب لها ، لأنه "يحلم" بامرأة كونها خياله ، وأودع فيها مواصفات ، تترجم جوعا مزمنا لـ "مثال" ربما يكون غير موجود على الأرض ، وتسدد فواتير قديمة ، وتعالج ندبا روحية ، وجروحا قديمة.
انه يحذو حذو "بجماليون" في رواية توفيق الحكيم الشهيرة ، الذي صنع تمثالا لامرأة هيمنت عليه وغدا أسيرا لما صنع ، أو يفعل كما دأب العربي في الجاهلية حين كان يصنع الهه من التمر ، ثم يشرع بعبادته ، لكنه هنا لا يجرؤ على أكله حين يجوع ، بل يبدأ بمحاكمة "معبودته" وفقا لاشتراطات ومواصفات هو أودعها فيها ، وقد لا تكون موجودة فيها البتة. والكارثة هنا حين يصحو هذا العاشق المجنون على "واقعية" محبوبته ، ونزوعها للتراب والطين ، كأي مخلوق بشري لا علاقة له بغبار الطلع ولا بالرحيق،، الشعوب المحرومة المهزومة والمأزومة تلجأ للحلم الجماعي ، فتصنع "بطلها" كما تحب أن يكون ، لا كما هو كائن ، وتبدأ بالنفخ فيه ، فتصدق أنه مخلصها ومنقذها ، ويصدق هو كذلك الكذبة الكبرى ، حتى اذا وضع هذا "البطل" على محك ما ، وتبين زيف الحلم ، انهار كل شيء ، وأنشدت ، مع ذلك العاشق المجنون: يا فؤادي لا تسل أين الهوى - كان صرحا من خيال فهوى، ليست صروح الهوى هي التي هوت ، فالهوى كان محض هواء ، حوله خيال الحرمان والجوع المزمن الى صروح وهمية ، لا تصمد أمام العواصف والأنواء ، وكلما بالغنا في الوهم وأمعنا في اتقان صناعته ، ومارسنا أحلام اليقظة بدأب وتفان ، كانت الدهشة والانهيار أكثر فظاعة واشد عنفا، نحن أمة تداعت الأمم علينا ، كما تداعى الأكلة على قصعتهم ، ، مال ومنشآت ونظم ونفط سايب يغري بالسرقة والنهب ، نصفنا حالم ونصفنا نائم ، ونصف ثالث يعيش في اللامكان ، فهو ليس هنا ولا هناك ، هل نقول ان حلمنا القومي والوطني والأممي أيضا: كان صرحا من خيال فهوى ، وما بعد الهاوية إلا التفكير في الصعود؟ الصعود الحقيقي لا الملتبس....،،

al-asmar@maktoob.com






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :