facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مرتزقة السياسة والتسلط


أ.د محمد الحموري
18-07-2012 01:17 PM

خلال عام ونصف العام من عمر الربیع الأردني حتى الآن، أعطتني المحاضرات التي دُعیت لإلقائھا على مساحة الوطن، شماله

وجنوبه وشرقه وغربه، فرصة نادرة للالتقاء بنماذج من جمیع شرائح ھذا الشعب الطیب. وقد استحوذ على اھتمامي ما سمعته من أبناء وطننا العزیز، وما یشكلھ ما یقولون من جامع مشترك بینھم، یعكس ما لدیھم من قلق وتخوفات حول المستقبل الذي كثرت وعود الإصلاح لتحقیقھ، والخشیة أن تكون امتداداً لواقع مرفوض طالت الشكوى منھ، عن طریق إلباسھ أثواباً براقة، مع إبقاء المضمون على حالھ.

ومع أن محاضراتي ولقاءاتي بالناس خلال العشرین سنة الأخیرة لم تنقطع، إلا إني لاحظت أن صراحة الناس وجرأتھم في الطرح خلال فترة الربیع الأردني، قد تجاوزت حواجز الخوف الذي كان یسیطر على الجمیع قبل تلك الفترة. ومما یسترعي الاھتمام، ھذا الوعي الذي بدا على ألسنة المواطنین في التعامل مع واقعھم وتحلیلھ، ومدى حبھم وحرصھم على وطنھم، وما یتطلعون إلیھ من إصلاحات حقیقیة لا شكلیة.

ففي جمیع ما استمعت إلیھ، كانت محصلة الشكوى متماثلة، وھي: إدانة مرحلة مضت، بمن فیھا من أشخاص ما یزالون یتناوبون على السلطة، رغم ثبوت أنھم غیر راشدین بما أوصلونا إلیھ، وعدم الثقة بالوعود، وعدم القناعة بأن ما تم من إجراءات، وما یوصف بأنھ إصلاحات، یمكن أن یحقق مستقبلاً أفضل من ھذا الواقع الذي أصبح یرفضھ الجمیع.

لم یكن ما سمعتھ كلاماً مرسلاً، وإنما كان واضح المضمون والأسباب، مصحوباً بأمثلة من الواقع. وكان الجمیع ینطلقون من حرص على ضرورة الإصلاح، وممارسة الضغط المجتمعي لتحقیقھ، بأسلوب سلمي حضاري. وكانوا یتساءلون بمرارة، عن مفارقات بین ما یسمعون عن الإصلاح المصحوب بالدعایات الإعلامیة الضخمة لتسویقھ، وبین ما یرونھ على الواقع من سوء وترد.

ومن أمثلة ما سمعت، أنھ لیس ھناك من مسؤول لا یعترف بوجود فساد، لكن الغریب أنھ لم یتم العثور على فاسدین. ویتساءل الجمیع:

كم فاسدا من الكثیرین الذین أصبحوا محل إدانة شعبیة، أُلقي القبض علیھم؟ وكم من مال الخزینة المنھوب عاد إلیھا؟ أقول إدانة شعبیة، لأن من استمعت إلیھم كانوا یتحدثون عن شخصیات دخلت الوظیفة العامة ولا تملك سوى راتبھا، ومع ذلك ظھرت بین یدیھا الملایین، سواء أثناء الوظیفة أو بعد الخروج منھا، في صورة قصور وأراض ومساھمات وشركات لھم وللأبناء، في حین أنك لو بعت كامل أراضي قریة الواحد منھم، لما كان ثمنھا كافیاً لیبني جزءاً من قصره! ووفقاً لما قالھ البعض، فإن دول الخلیج تُعیّرنا بأن ما تقدمھ من مساعدات للشعب الأردني یستحوذ علیھا الفاسدون، في حین نبّھ آخرون، بأن أمیركا ودول الخلیج القادرة على الدفع، تشترط لتقدیم المساعدات أن یفتح الأردن حدوده لقوى التدخل بالشأن السوري. ورغم التعذّر بأن الوضع الداخلي، وما یشھده الأردن من مسیرات، لا یسمح بذلك، فإن الضغط ما یزال مستمراً علینا للقبول كما تعودوا! ویضیف بعض ثالث، بأن الحكومات الفاسدة، وشلل الفاسدین الذین تولوا أمرنا، أوصلونا إلى وضع أصبح علینا فیھ أن نستجدي.

وفي المحصلة، فإن من استمعت إلیھم قانعون بأن دین الملیارات على الأردن ذھب لجیوب حان وقت استعادتھ منھا. فإن قلت لھم إن ھناك جھات رسمیة لمكافحة الفساد، ولجانا للتحقیق للوصول إلى الفاسدین، یأتیك الرد سریعاً بالقول: وھل ترك من قیل للشعب بأنھ یمثلك في مجلس النواب، فاسداً دون أن یعطیھ صك براءة ونزاھة؟! ثم أین ھي دوائر الأمن والرقابة من ذلك، وھي التي تحصي على الناس أنفاسھا، وتسجل كل حدیث ومكالمة ھاتفیة، ولدیھا العیون في كل دائرة وظیفیة، بل وفي كل شركة وبنك ومؤسسة وفندق، فلماذا لم تقدم ما لدیھا وعندھا الكثیر؟!

بل إن أساتذة الجامعات ممن تحدثوا، یخبرونك بمرارة أن أكثر ما یقلق ھو ھذا الانحدار في القیم والأخلاق الذي أدى إلى أن یستسھل أصحاب المراكز في الدولة التوسط لأبنائھم وغیرھم من طالبي الوساطة، لیس لتنجیح الطالب فقط، بل لإعطائھ جید جداً، رغم رسوبھ.

وأكثر ما یلفت النظر، ھو الأسئلة التي یوجھھا حتى غیر القانونیین، عندما یتندرون على قیمة مبدأ الشعب مصدر السلطة، ومبدأ

الفصل بین السلطات، اللذین ینص علیھما الدستور، في ضوء واقع ملموس. ومن ذلك قولھم، إن الأردن في ظل قانون الصوت

جریدة الغد - مرتزقة السیاسة الواحد، تطلّب أن یكون لدیھ طواقم ذات معرفة وخبرة متراكمة في التزویر، وقد أنفق على ھذه الطواقم وتدریبھا الكثیر، حتى أتقنت العمل وفق ھذا التخصص، وأنتجت للأردن مجالس نواب متعاقبة، وضعت فیھا الأغلبیة المریحة لتشریع المطلوب، وتركت بعض المقاعد لمن یریدون المعارضة، لاستكمال الدیكور الدیمقراطي، فكان العرّاب أكثر ذكاءً من عرّاب حسني مبارك الذي زوّر الانتخابات لجمیع أعضاء مجلس الشعب! ویتندّر السائلون بالقول: ھل سیتم تجمید ممارسة ھؤلاء لتخصصھم أو الاستغناء عنھم؟!

ومن سیقنع بذلك، حتى لو أعلنت الحكومات عن قرار بھذا الشأن، ذلك أنھم یعملون خفیة عن الأنظار، ولن تراھم عیون الذوات من أعضاء ھیئة الإشراف؟! ویضیفون: إذا كانت الحكومة ھي التي تعین النواب بالتزویر، وتعین الأعیان كمجلس تشریع، فھل یظل أي مكان للحدیث عن مبدأ الشعب مصدر السلطة؟ ومع تعیین الحكومة لھؤلاء، ثم النص في الدستور على أن القضاة یعینون ویعزلون بقرارٍ موقع من رئیس الوزراء ووزیر العدل وتوقیع الملك، فھل ظل ھناك أي إمكانیة لوجود مبدأ الفصل بین السلطات على أرض الواقع؟!

في أعقاب عشاء أقامھ لي من دعوني لإلقاء محاضرة في إحدى القرى، جلس إلى جانبي أستاذ جامعي روى لي بأن أحد أبناء عمومتھ عندما تقاعد برتبة صغیرة من الجیش، قرر أن یترشح للنیابة في دائرتھم الانتخابیة الصغیرة التي تقع ضمنھا قریتھم. فباع قطعة أرض ورثھا عن والده، لینفق ثمنھا على حملتھ الانتخابیة. وأضاف الأستاذ: إن عشیرتنا تتكون من عدة فروع، وكان لنا دیوانان، أحدھما لفرعین علاقتنا بھما لیست طیبة، ترشح عنھما حامل للدكتوراة، فقام المتقاعد بدعوة أبناء العشیرة على العشاء في دیواننا، ما عدا أبناء الفرعین طبعاً. وقبل أن ننتظم بحلقات حول المناسف، ألقى صاحبنا خطبة طلب فیھا من الحاضرین الدعایة لھ في القرى المجاورة، باعتبار أن أصوات الحاضرین مضمونة لھ، كما طلب استثمار علاقاتھم مع أصدقائھم في تلك القرى. وذكر الرجل عدد الأصوات الانتخابیة التي یمثلھا الحاضرون، وأنھ یكفي للفوز، أن یقوم كل واحد باستمالة اثنین أو ثلاثة من أصدقائھ في الدائرة الانتخابیة. ویضیف الأستاذ الجامعي، كان أغلب الحاضرین من حملة الشھادات والطلبة الجامعیین، وبعضھم من حملة الدكتوراه بتخصصات مختلفة، ویتوجب علیھم في مفھومھ أن ینتخبوه ما دام ابن عشیرتھم. وصدّق الرجل أنھ سیكون نائباً، إذ في لقاء جمعني بھ قال لي: أول ما أحصل على النمرة التي تُعطى للنواب، سأشتري سیارة الشبح، وسوف تنھش الغیرة أقاربنا، یقصد أبناء الفرعین!

وزاد لكشف تفكیره الساذج بالقول: لن أسمح لأي واحد منھم أن یركب معي في الشبح! قلت للأستاذ: لماذا لم تنصحوه وتعیدوا إلیھ

عقلھ؟ أجاب: سبق أن نصحھ زوج أختھ، أول ما عرف بالأمر، فخاصمھ وقاطعھ، حتى أنھ لم یقم بدعوتھ إلى المناسف! واختتم محدثي روایتھ بالقول: لو ترشح في دائرتنا أعلم العلماء، فإن ابن عمي یعتبر أن علینا واجبا لانتخابھ ھو رغم جھلھ، فطبعاً لم ینجح، لا ھو ولا المرشح الآخر الدكتور، مما زاد في تمزق عشیرتنا، ذلك أن فشل صاحبنا المتقاعد خلق عداوات مع من أصبح یشك في عدم انتخابھم لھ، واضطرنا ھذا التفسخ الذي حدث إلى بناء دیوان ثالث یضم الفروع التي طالھا الشك، مع الكثیر من أقرب أقاربھ، بمن فیھم أنا ووالدي وإخواني! مُضیفاً: إن العداوات بیننا تتزاید باستمرار، منذ ذلك الترشیح المشؤوم. ولو كانت الدائرة الانتخابیة واسعة ومقاعدھا أكثر، ویسمح فیھا بتشكیل القوائم، لما كانت تقبلھ قائمة، ولما فكر بأن یرشح نفسھ.

وفي قریة أخرى، قال لي صدیق آخر: إن عشیرتنا تنتشر في عدة قرى. واتفق العقلاء على إجراء انتخابات داخلیة، بحیث تقوم

العشیرة بدعم من یحصل على أكثر الأصوات، واتفق الجمیع على ذلك. وظھرت النتیجة، لكن واحدا ممن لم یحالفھم الفوز أعلن أنھ سوف یرشح نفسھ. وانقسمت العشیرة بین الاثنین. وعندما لم ینجح المرشحان، أصبح كل طرف یوجھ الاتھامات للآخر، وما تزال العداوة بین الطرفین قائمة حتى الآن منذ سنوات!

وھنا أضیف، إن ھذا الذي أسلفت، وغیره الكثیر، تعلمھ الأجھزة والسلطة بالتأكید، لأن مھمات كتاب التقاریر أو من یُفرغ أشرطة التسجیل، توصیل ذلك مباشرة، فھل رتبت السلطات التي تحكمنا أثراً على ما یجیش في صدور الناس؟! ألیست وظیفة صاحب القرار ھي أن یتلمس توجھات الشعب لیتجاوب معھا؟! لست أدري كیف لا یتشكك الناس في مستقبل وطنھم، إذا كانت السلطة لا تسمع، حتى لصوت عشرات الآلاف التي تجأر بالشكوى، عبر المسیرات الصابرة سلمیاً!

لقد بت أعتقد أن أصوات الناس، مھما كان علوھا، لن تحرك ساكناً في وجدان السلطات وأجھزتھا. واستمرار تفاقم الحال عند الشعب ینذر حقیقة بالخطر. ولیس ھناك من سبیل سوى ثورة بیضاء یقودھا جلالة الملك انتصارا للشعب، من أجل التخلص من مرتزقة .السیاسة والتسلط على الناس.الغد





  • 1 فلاحات 18-07-2012 | 04:27 PM

    مقال جميل جدا

  • 2 عذرا 18-07-2012 | 05:57 PM

    عذرا بعض الفقرات غير مفهومة

  • 3 ابو الهمايم 18-07-2012 | 06:19 PM

    ابدعت يادكتور حموري

  • 4 u,k 18-07-2012 | 06:59 PM

    لا اعرف لماذ نلجاء الى هذه العبارات الغريبة عن قاموسنا وابجدياتنا الاجتماعية والتقليدية، فأين هو التسلط؟ واين هم المرتزقة؟

  • 5 مطلع 18-07-2012 | 07:36 PM

    بالنسبة للفساد، ممكن يا دكتور توضح لنا كيفية ....

  • 6 ابن الاردن الوفي 18-07-2012 | 08:06 PM

    اعطيت الموضوع حقه يادكتور حموري والشعب عرف كل شيئ وذاب الثج واصبحت الامور واضحة كوضوح الشمس وان للشعب حد للتحمل واذا لم تحل الامور وتعود الحقوق لاصحابها فانني ارى ان الشعب الحليم سيقوم بحرق الاخضر واليابس وان للصبر حدود اللهم اني قد بلعت فهل من مجيب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟..

  • 7 خليل 18-07-2012 | 09:50 PM

    لا يوجد مرتزقة بالاردن

  • 8 الحموري 19-07-2012 | 03:23 AM

    1- المرتزقةهم الذين يبيعون انفسهم لمن يدفع ...

  • 9 بيت راس 19-07-2012 | 03:44 AM

    غريب ولا محاضرة في قريتك ...القريب أولى بالمعروف

  • 10 طالب توجيهي 19-07-2012 | 11:48 AM

    الى 2.4 تستطيعوا ان تسجلوا بالمدرسه لتتعلموا اللغه العربيه اما اذا لم تفهموا فالمقال معذرة موجه لمن يفهموه وننصحكم بالدوام على المذاكره لان التوجيهي يحتاج سنه من الان


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :