facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صور المثقف في مرايا الانتفاضة السورية


08-09-2012 07:11 AM

عمون - ما من قضية شطرت الثقافة العربية المعاصرة كالانتفاضة السورية التي طرحت للمرة الأولى، بهذه القوة والاندفاعة، مسألة الضمير الإنساني، وجعلتها في صلب عملية التمييز بين عضوية المثقف وجوهريته، وبين زيفه وبراغماتيته وتعدد أقنعته.

الانتفاضة السورية أضفت غلالات كثيفة على بؤرة شديدة الحساسية في عصب المثقف العربي الذي أضحى يحشد ما تيسر من أدوات التبرير لتظهير موقفه سواء كان مؤازراً للثورة، ومتضامناً مع عذابات البشر الذاهبين إلى حتفهم على مذبح الحرية والكرامة، أو كان مقتنعاً بفكرة «المقاومة والممانعة» وأن ما يجري في سورية إنما هو «مؤامرة كونية»، هدفها «تفكيك دول المنطقة لمصلحة الحلف الأميركي الإسرائيلي الناتوي».
وبعيداً من كون بشار الأسد قد ارتكب بحق شعبه فظائع أين منها ما فعله البرابرة الهمجيون في سالف التاريخ، فإن لمقاربة الحالة السورية الدامية وجوهاً متعددة تنعكس في مرايا المثقف، وتتجلى في اصطفافاته. ولأن صور المثقف، عموماً، تكشف عن ذلك الفرد الريادي المؤثر في محيطه، والخلاق في مضماره، والقائد الموجّه حين يكون منخرطاً في عمل مطلبي، فإن ذلك يقتضي أن ينحاز إلى الفكرة البسيطة التي تتأسس على موضوعة الناس/ البشر/ الجماهير/ المجاميع/ الكائنات الآدمية... ولما كانت هذه المجاميع البشرية هي وقود الحرب الدائرة في سورية، ولما كان ما يجري مع هؤلاء البشر يقذف بهم رجالاً ونساء وأطفالاً وشيوخاً وجرحى ومعتقلين وضحايا إلى منافي التيه والضياع والتمزق، فإن آلة المثقف يجب أن تستيقظ لتتنبه إلى فظاعة ما يجري، ولترصد آلام المعذبين الذين لم يفعلوا شيئاً ليستحقوا عليه هذا المصير المؤلم. وإذا ما بلغ عدد هؤلاء مئات الآلاف، فإن على الآلة أن تسارع إلى التقاط اللحظة المنكسرة، وترميمها حتى تتضح الصورة، ويكتمل معمار الفكرة؛ فكرة القتل، ونسف البيوت الآمنة، ودكّ المساجد والمشافي بالمدافع، وقصف الأحياء والعمارات والأزقة بالطائرات، واقتلاع حنجرة المغني، وتكسير أصابع الرسام، وقتل التشكيلي، وتفجير رأس المخرج السينمائي، ومطاردة لاعب كرة القدم.
إن من الضروري تجميع قطع الفسيفساء هذه لتتضح الصورة أكثر. أليست هذه إحدى وظائف المثقف وانشغالاته؟
أما من يتلهى عن هذه الوظيفة، ويستعيض عنها بمناكفة الوقائع والاحداثيات ومعاندة اللحظة التاريخية، والتقنّع وراء شعارات بلهاء، فإنه يتخلى عن مسؤوليته الأخلاقية، وعن دوره الطليعي، وعن مهمته النقدية. ليس مثقفاً أبداً ذلك الذي لا تهز ضميره الإنساني الصور المروّعة والحكايات الفظيعة والمآلات الجهنمية لشعب يُقتلع من أرضه وتاريخه وماضيه لمصلحة ديكتاتور يقود عصابات تقتل الأبرياء وتقطّع أوصالهم، وتغتصب الأبكار أمام مرأى أمهاتهن، وتحز أعناق الأطفال بسكاكين صدئة من الوريد إلى الوريد. المثقف بطبيعته منحاز لأنّات المستضعفين، واستغاثات الملهوفين. أما إن تغافل عن ذلك، وانحاز إلى مصالحه مع النظام وتحالفاته وامتداداته وشعاراته، فإنه يخون وعيه، ويجعل كلماته، وأفعاله، وماضيه، ومكابداته مع عسف السلطات، كلها في حيّز الماضي، وفي أسر المتحف.
الذي يحرر المثقف ويعيده إلى صوابه هو انحيازه الى تلك الصرخات التي تمزق قلوب الصخور. وبهذا الانحياز تتحقق كينونته، ويتجذّر مشروعه الأخلاقي.

عن "الحياة" اللندنية





  • 1 Sam Ebn Sam 08-09-2012 | 10:34 AM

    هذا الرجل من..

  • 2 دكتور 08-09-2012 | 01:14 PM

    الوسطية دائما....جيدة والتطرف في الاحكام غير ملائمة

  • 3 لؤي مهايرة 08-09-2012 | 02:13 PM

    جميل ان يشير الكاتب الى ان المثقف ينحاز الى انات المستضعفين لكن ما رايه في اولئك المثقفين الذي يعملون بوقا لانظمة متخلفة لا تحترم حرية المرأة ولا زالت بعيدة عن الديمفراطية مئات من السنوات الضوئية حيث انجر لان يحارب معاركها تحت رايات عصابات التطرف والارهاب وفلول القاعدة

  • 4 رؤى 08-09-2012 | 02:15 PM

    قتلة الاطفال بالسكاكين هم ارهابيو القاعدة والمتطرفين الذي صار الكاتب ناطقا اعلاميا باسمهم لا داع للمزاودة يا دكتور


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :