قطع امداد الغاز المصري عن الاردن مع استمرار تدفقه الى اسرائيل باسعار زهيدة يطرح ما هو ابعد من الاسباب المعلنة لهذا الاجراء, فامداد الغاز لاسرائيل مرتبط بالمساعدات الاميركية لمصر اما منع الغاز عن الاردن فهو مساندة لجناح التطرف في الجبهة الاسلامية.

يذكرنا ذلك باجواء مشابهة تعرض الاردن فيها لحصار استهدف ارادتنا السياسية عندما اغلقت سوريا حدودها مع الاردن في الخمسينات.

فالتكامل والتعاون الاقتصادي بين دول الاقليم وانتهاج سياسات وبنى اقتصادية تكاملية تعزز المصالح المشتركة اصبح اهم عامل في بناء الوحدة الاقليمية للدول كما اصبح مفتاح القوة والدور السياسي لأي اقليم, فاوروبا تستمد دورها السياسي من ثقلها الاقتصادي وتكامل الادوار الاقتصادية بين دولها في الاقليم الاوروبي وينطبق ذلك على الاقاليم الاخرى.

فالتعاون والتكامل الاقتصادي تجاوز واذاب الفروقات والصراعات التاريخية وأحل محلها مصالح الشعوب وحاجتها للتعاون الاقتصادي.

اما في بلادنا العربية فما زال الجأنب الاقتصادي خاضعاً لأهواء السياسة وتناقضاتها, فالحدود قد تغلق فجأة في وجه التجارة لاسباب سياسية, والحقوق المائية المشتركة قد تخضع للمزاج السياسي وامدادات النفط والغاز قد تتوقف خدمة لغرض سياسي والعمالة قد تتأثر بالعوامل السياسية وكذلك السياحة والاستثمارات لا نجد سبباً مقنعاً لايقاف امدادات الغاز المصري للاردن, بعد أن عدلت اسعاره في العهد المصري الجديد سوى الأخذ بنصيحة بعض المتطرفين في ساحتنا ممن يعتقدون أنه من المفيد لأجنداتهم الضغط على الاردن واستخدام حاجة الاردن للطاقة كورقة سياسية لارغام الاردن على الرضوخ لاجندتهم السياسية فهل المنع خدمة يقدمها متنفذون في مصر لمن يتماهون معهم سياسياً في الاردن وهل قاعدة التعامل هذه مقبولة في النظام الجديد الذي يتشكل في العالم العربي فاي ربيع وصلنا اليه اذا كانت المصالح الاقتصادية العربية والمصالح المشتركة رهناً للمصالح والاهواء الفصائلية.

اننا نتطلع لمصر، دورها وثقلها في المنطقة العربية كقائد في الاقليم العربي اكبر من أي فصيل واي اختلاف سياسي ينشأ بين اطراف متنافسة في الساحة العربية فلأي سبب تعاقب مصر الاردن بحجب الطاقة عنه في هذا الظرف الصعب.

يبدو ان هناك من يعتقد ان الضيق الاقتصادي وشح الطاقة قد يؤديان في الاردن الى اتخاذ اجراءات اقتصادية قاسية على الشعب الاردني تؤدي الى زيادة التوتر الاجتماعي وزيادة التحديات على الدولة الاردنية وبالتالي زيادة فرص من يطمعون في الشراكة السياسية وليس المشاركة.
ماذا لو ترسخ هذا النهج وفعلت دول اخرى عربية مثل ذلك لان سياساتنا لا تتفق مع توجهاتها الا يتحول الوضع العربي وربيعه الى اطواق من الحصار وسياسات المناكفة والضغوط التي يتبادلها العرب ليفرض كل منهم ارادته على الاخر.

ونسأل لماذا يتراجع ويشح الدعم العربي كلما تعاظمت الثروة العربية في جانب بسبب تزايد اسعار النفط مما ينعكس بمزيد من الضيق الاقتصادي على الجأنب الاخر الاقل حظا في الثروة النفطية في الساحة العربية.
اخطر ما في العمل السياسي ان تنفصم بعض الاحزاب والاطياف السياسية عن قاعدتها ومدارها الوطني لتلتحم بمدار سياسي اخر عندها يصبح الولاء للفصيل السياسي ومداره الجديد اهم من الولاء للوطن، لقد عانينا من ذلك في الماضي ومن احزاب عابرة للاقطار ضربت جذرا في ارضنا وعرشت لدى انظمة اخرى ونخشى ان تتكرر اخطاء الماضي تحت عناوين سياسية جديدة.

نريد لمصر ان تبقى قائدة معركة النهوض بالامة والاقليم العربي وان لا تنحاز لاي سبب، حجب الغاز المصري عن الاردن يطرح تساؤلات عديدة حول توجهات النظام الجديد في مصر، فوراء حجب الغاز عن الاردن ألغازٌ سياسية لا بد ان تتكشف وتنجلي بعد حين.

الرأي