نحمد الله عز وجل ابتداء أن صاحب القرار الأول في الدولة الأردنية جلالة الملك حفظه الله ورعاه ، قد أعطى توجيهاته السامية للحكومة والجهات المعنية بالذي يجري في الشقيقة سوريا، بحسم الموقف الأردني بعدم التدخل لا عسكرياً ولا حتى سياسياً، إذ يكفينا قومياً وإنسانياً استضافة اللاجئين وإيواءهم بالوسائل والميكانزمات التي لاقت ارتياحاً وترحيباً من العالم أجمع، أما المفصل الثاني من الدور الأردني السامق الشأن وبغير تقييم، فهو تحشيد المجتمعين العربي والدولي ووضعهما في صورة المشهد الدموي في الشام الغالي، والذي يعاني أهله من مصير دراماتيكي الله وحده يعلم أمداءه الكارثية وعلى الصعد كافة، وبمعنى مباشر حث هذين المجتمعين بالإنابة عن أقطار الكوكب بتقديم المساعدات بأشكالها إلى الأشقاء السورين اللائذين بهذا الحمى الأردني الهاشمي العظيم.

غير أن المتهافتين السادرين في مواصلة سيناريوهاتهم الفاشلة في استهداف الأردن المنيع مهما تطاول الخاسئون، من الذين يَرون ولا يُرون من الداخل (للأسف المجتر إياه!) ومن خارج حدودنا النشمية على حد سواء، ما زالوا مصرين على وهمهم الواهم في محاولات بائسة لإقحام الأردن ملكاً وحكومة وشعباً، بوضعنا وجهاً لوجه أمام قاصم الريح الدموي في القطر الشقيق.

الشهادة بحق ثابت من ثوابت الموقف الأردني القومي والإنساني الواضح المعالم والموزون الملامح آنفاً، جاءت هذه المرة من العدو لا من الصديق! ففي صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية وفي عددها الصادر بتاريخ 20/12/2012 ، كتب الصحفي الشهير (أنشيل بفيفر) مقالاً ساخن العنوان لاهب المضمون هو (مسئولون أردنيون (يحذرون) منظمات الجهاد تسيطر على سوريا)، حيث يشير في مقاله إلى أن مسئولين أردنيين كباراً حذروا المجتمع الدولي، من تحول سوريا إلى بؤرة سوداء تجذب الإرهابيين من كل أنحاء العالم، وذلك نظراً للتطورات التي تجري الآن لدى الجارة الشمالية الواسعة المساحة، ويضيف الكاتب: (غير أنه برغم تحذيراتهم فلا تزال الأسلحة المتطورة تتدفق إلى أيدي منظمات إرهابية تعمل في سوريا حيث يسيطرون بشكل تدريجي على حركة المتمردين ضد نظام الأسد).

ويرى الكاتب في تحليله أنه الأردنيين يخشون من أنه بسقوط النظام السوري، سيتم توجيه الأسلحة والخبرات التي اكتبسها الإرهابيون إلى أهداف أخرى في المنطقة وبخاصة الأردن (!) مدللاً على ذلك بأن الأجهزة الأمنية الأردنية قامت وقبل حوالي شهرين بإلقاء القبض على خلية مكونة من (11) ناشطاً سلفياً أردنياً تنظموا في سوريا، وخططوا لتنفيذ عمليات في مراكز تجارية وسفارات غربية في الأردن.

لسنا ، خلوصاً ، بحاجة إلى أي شهادات تؤكد ثوابت مواقفنا القومية والإنسانية تجاه الأشقاء السوريين، فكيف بشهادة العدو الذي مهما بدا محايداً أو موضوعياً لا وبد وسيدس السم في الدسم، وما قاله الكاتب الإسرائيلي لا يعدو أن يكون مجرد نقلٍ أو تكرار لمعلومات قديمة معلنة وليست سرية عن الأجهزة الأمنية الأردنية، ونحن هنا نشير وبزهو عالٍ إلى إقتداروية بواسل المخابرات العامة الذين نجحوا قبل شهرين في كشف الخلية الإرهابية والقبض على عناصرها الفاشلين، بمعنى أن الصحفي الإسرائيلي لم يأت براس كليب لا في المعلومة آنفاً ولا في تحذير المعنيين في الدولة الأردنية بتفاقم الوضع السوري وخطورة عقابيله على المنطقة بوجه عام .

Abudalhoum_m@yahoo.com