عمون – محمد الخوالدة - لم تلغ التقنيات الجديدة لصنع الخبز ، كما لم يلغ الانتشار الواسع للافران في قرى وبلدات محافظة الكرك "الطابون البلدي" كتركة الت الينا من الاباء والاجداد ليبقى رغيف الخبز المصنع في الطابون الاشهى مذاقا والانسب للكثير من اكلات "الفتة" الشائعة في المحافظة كاكلات شعبية ليست اقل طيب مذاق من اكلة "المنسف" الغنية عن الوصف ، الغلاسي ، المجلله ، المشوطة وغيرها جميعها اكلات موروثة ولازالت تتسيد موائد الكركين في الكثير من الاحيان .

اما لماذا خبز الطابون دون سواه الانسب لاكلات الفتة فلأنه يصنع في الغالب من طحين القمح واكثر سماكة وبالتالي قدرة على تشرب مريس اللبن الجميد ومايضاف الى الفتة بعد تجهيزها من السمن البلدي.

ولرغيف الطابون البلدي مسميات ، فهناك "الطملة" التي تتميز بصغر حجمها مقارنة برغيف الطابون العادي ، والطملة لاتصنع قصدا انما تتشكل من بقايا العجين الذي لايكفي لتصنيع رغيف كامل ، وهناك ايضا "الدعبوب" وهو قريب من الطملة لكنه اكبر حجما.

يتكون الطابون من قالب مجوف من الطين ياخذ شكلا دائريا بقطر داخلي يقترب من المتر، حيث يوضع هذا القالب فوق الارض وفوهته الاقل قطرا للاعلى، فيما تغطى الفتحة من الاعلى بشكل محكم بغطاء خشبي او معدني سميك للحفاظ على درجة الحرارة داخل الطابون اثناء تصنيع الخبز.

يصنع الطابون من طين التراب الاحمر المخلوط بمادة التبن التي تزيد الطين تماسكا، ويحتاج تصنيع الطابون الى صانع متمرس، وبعد ان يجف الطين تماما ينقل الى مكان استخدامه وهو بناء يعمل من الحجر والطين بابعاد محدودة يكفي لاتساع المراة الخبازة، وليكون انضاج رغيف الخبز كافيا توضع في ارضية الطابون حجارة صغيرة مكورة او شبه مكورة ياتى بها من مجاري السيول وتسمى "الرضف" حيث يتغلغل الرضف في العجين فيساعد ارتفاع درجة حرارته في سرعة انضاج الرغيف .

وحيث ان الطابون لايتسع في المرة الواحدة لتصنيع مايكفي من ارغفة الخبز لذلك فان المراة الخبازه تقوم بعملية التخبيز اكثر من مرة وتسمى كل مرة "رده " وبحسب الحاجة فقد تكون هناك ردتان او ثلاث او اكثر .
يستمد الطابون حرارته المرتفعة من مادة التبن التي تحرق فوقه في عملية تسمى "تهجيم" وتبدا الخبازة بازالة التبن المحترق فوق جسم الطابون بعد ان يصبح التبن رمادا ، فتقوم الخبازة بازالة الرماد من فوق جسم الطابون باداة خشبية بطول متر وبعرض مناسب تسمى "المقحار" ومن ثم تقوم باخراج الخبز من الطابون في عملية تسمى "القلع ".

صحيح ان بعض اصحاب الافران يقومون حاليا بمحاكاة الطابون البلدي من خلال استخدام الافران المعدنية العاملة على الغاز الا ان غيف الطابون البلدي يبقى الاشهى نكهة ومذاقا ، واشهر من يصنع رغيف الطابون البلدي في الكرك في هذه الايام ام فيصل الصعوب التي يحرص الكثيرون على التلذذ بمذاق خبزها الشهي فيقصدونها لشرائه من الكرك وخارجها.