facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الوجه الآخر لـ"زمزم" (3)


د. محمد أبو رمان
10-10-2013 02:46 AM

في المقال السابق، تناولنا جوهر فكرة مبادرة "زمزم" التي تقوم على الانعتاق من التفكير التنظيمي الحديدي، إلى الوعاء الوطني الجامع؛ ومن سياق الصراع الثنائي-الصفري مع الدولة، إلى قيمة الشراكة الوطنية؛ ومن سياق العمل السياسي، إلى الإنتاج والانخراط في شبكات تعزز العمل التنموي والتطوعي.

من المفترض أن تؤول أهداف هذه المبادرة إلى تأسيس إدراك جديد لمفهوم المواطنة، يقوم على علاقة الإنتاج والعطاء، وتشكيل إضافة نوعية للعمل العام.

مثل هذه الأفكار تمثّل بحد ذاتها قفزة مهمة وحيوية في طبيعة مشروع الإسلام السياسي نفسه؛ إذ تتجاوز المنطق الأيديولوجي-الصراعي، و"الهاجس الهويّاتي" (أي مقولة الإسلام هو الحل، في مواجهة العلمانية والتغريب)، الذي حكم تصور الإسلاميين خلال العقود الماضية، وجعل الحركات الإسلامية أسيرة للشعارات والعاطفة الجيّاشة والروح التعبوية، بدلاً من التفكير الخلاّق الإبداعي والانخراط في المجتمع مع الفئات المختلفة.

مثل هذا التفكير المختلف إذا وجد طريق النجاح، الأمر الذي يعتمد على ذكاء إدارة أصحاب المبادرة، فإنّه يمثّل "نقطة تحوّل" تاريخية، ليس في خطاب الحركات الإسلامية فقط، بل حتى في مسار المجتمعات العربية؛ في تطوير فهم الإسلام ودوره في الحياة العامة والخاصة، بوصفه محفّزاً على التنمية والنهوض والعمل العام والتغيير والمستقبل، والانطلاق نحو روح الشريعة ومقاصد الدعوة، لا الدوران حول الذات والوقوع (بالتخصص) في "الشِراك"، والتمسّك بالرسوم والشكليات على حساب الجوهر والمعنى!بالضرورة، فإنّ هذا السياق الجديد يطرح سؤال العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين. فبالرغم من تأكيد القيادة الحالية للجماعة أنّها لن تأخذ خطوات حاسمة بحق أفراد "زمزم"، مثل الفصل، إلاّ أنّ العلاقة مأزومة بين الجماعة والمبادرة.

وفي حال تمّ التصريح بتأسيس حزب سياسي، فستقوم الجماعة بفصل أعضاء المبادرة فوراً! إذا كانت "زمزم" تعكس فشل النخب القيادية في طيّ خلافاتها وتحجيم الأزمة الداخلية، خلال السنوات الماضية، فإنّ الوجه الآخر للمبادرة يمكن أن يمثّل، على النقيض من ذلك، حلاّ وأفقاً واسعاً للخروج من هذه الأزمة، بل وتطوير خطاب الحركة الإسلامية وممارستها، بالانتقال من الهرمية إلى الشبكية، ومن قيود التنظيم إلى شوارع الوطن والمجتمع المحلي، والاستفادة من "الدرس المصري".

النقلة النوعية التي نتحدث عنها هنا، وتشكل تحولاً بنيوياً في طبيعة جماعة الإخوان، تتلخّص في أن تكون الجماعة مظلة روحية ومدرسة فكرية عامة، لأبنائها وأنصارها، تمثّل مرجعية دعوية وأدبية، لكنّها في الوقت نفسه تترك المجال للأفراد للانطلاق في أعمال تنموية وخدماتية وتطوعية باستقلالية كاملة عن "قرار الجماعة"، أو التداخل معها، ومن ضمن ذلك ميدان العمل السياسي وتأسيس الأحزاب المختلفة؛ أي الفصل بين الدعوي والسياسي بصورة واضحة وصريحة أولاً، وتحرير طاقات أبناء الجماعة للعمل العام والتطوعي والمدني.

بالطبع، مثل هذه الفكرة ستكون ثقيلة على قلوب أبناء الجماعة الذين تعوّدوا على دفء العمل التنظيمي الصلب. لكنّها تمثّل مفتاحاً للمستقبل، لتطوير الجماعة وأدواتها وأساليب عملها، بما يتوافق مع المتغيرات الهائلة التي حدثت خلال السنوات الماضية.

فنجاح أي فكرة أو مؤسسة، يكمن في قدرتها على التطوّر والتكيّف والتجديد والإبداع، فهذا سرّ العبور إلى المستقبل؛ لا التكلّس والتقوقع والإصرار على الموجود خوفاً من التغيير! في نهاية اليوم، يمكن أن تصبح "زمزم" نقطة تحول في العمل الإسلامي، مثل حزب العدالة والتنمية وحركة فتح الله كولن في تركيا، أو تصبح نموذجا مستنسخا من انشقاقات فاشلة؛ إذ يبقى التحدّي البنيوي للفكرة في القدرة على بناء "خطة عمل" وتنفيذها على أرض الواقع، عبر تصوّر ناضج نظرياً وواقعياً!
(الغد)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :