facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ليس بالأرقام وحدها يا دولة الرئيس


بلال حسن التل
28-01-2008 02:00 AM

من نافلة القول أن الأوضاع الاقتصادية هي التحدي الأبرز، أمام كل الحكومات الأردنية منذ أن تأسست الدولة الأردنية الحديثة. وعبر ثمانية عقود ظلت المشكلة الاقتصادية تتفاقم إلى أن وصلت بنا إلى ما نحن فيه من معاناة وضنك عيش.يزيد منه في السنوات الأخيرة أن كل محاولاتنا لمعالجة هذه الأوضاع انصبت على الجانب الرقمي، وهو جانب خداع خاصة عندما يكثر الحديث عن نسب النمو المتزايدة وعن الاستثمارات الأجنبية المتنامية. وهو حديث لا يلمس له المواطن الأردني أي أثر في حياته التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم. خاصة في ظل غلظة سوط الضرائب والرسوم الذي يهوي على ظهره صبح مساء. فقد صار من النادر أن تشرق شمس صباح على الاردني دون أن يفاجأ بضريبة جديدة. أو رسوم جديدة أو ارتفاع للأسعار وهو الارتفاع الذي طال كل شيء إلا قيمة الإنسان الأردني، الذي صارت بعض أعضائه تباع في الأسواق بأسعار تقل عن أسعار قطع بعض السيارات الفارهة التي تجوب شوارع عمان. وتحتكرها فئة قليلة أفرزتها حقبة العولمة بطبعتها الأردنية التي لا تؤمن إلا بالربح الفاحش والسريع ولا تتعامل إلا بلغة الأرقام.

وقبل تركيزنا على الجانب الرقمي في سعينا لمعالجة واقعنا الاقتصادي كان تركيزنا أيضاً على الجانب الخدمي الذي يمكن أن يصنف جزء كبير منه في جانب الترفيه والرفاهية التي صارت بالنسبة لنا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، ففي ظل لهث الأردنيين في غالبيتهم حول رغيف الخبز لم تعد تعني لهم شيئاً الكثير من المشروعات التي أنجزت بهدف تأمين الرفاهية لنسبة محدودة منهم كان تركيز أصحاب نظرية الأرقام عليها. وعندي أن الاستمرار بهذه اللغة وبهذه الأولويات سيزيد الأمر سوءاً ذلك أن حل مشكلتنا الاقتصادية يكمن جانب هام منه في الجانب القيمي الذي يقتضي منا أولاً أن نعترف بفقرنا وبحجم مواردنا الذاتية. ومن ثم علينا أن نسعى لنكيف واقعنا على ضوء هذه الحقيقة انطلاقاً من موروثنا الشعبي الذي يقول على قد الحافك مد رجليك فواقع الحال يقول أننا تمددنا في الكثير من المناحي أكثر مما ينبغي. وأنفقنا على صورتنا الإعلامية الزائفة وعلى مشروعات لم تكن من الأولويات أضعاف ما أنفقناه على أولوياتنا.

وإننا ونحن ندعو إلى الاعتراف بفقرنا وبمحدودية إمكانياتنا. وبأن لا نتمدد بما هو أطول من أرجلنا، فإننا ندعو الحكومة بأن تبدأ بنفسها وأن تتصرف على أنها حكومة بلد فقير محدود الإمكانيات. وهو ما لم تفعله حكوماتنا حتى الآن. بدليل هذه السيارات الفارهة لدى الوزارات والمؤسسات التي يتم تجديدها بمدد زمنية قياسية. علماً بأن بعضها يصرف لمن لا يستحقها ولا تتطلب طبيعة عمله التنقل الذي يفرض توفير سيارة له. وبسبب هذا الإسراف في توزيع السيارات الحكومية صارت كلفة صيانة وإدامة أسطول السيارات الحكومية عالية جداً. ومثل السيارات والبذخ فيها يصح الحديث كذلك عن الهواتف المتنقلة. وأثاث المكاتب وإعادة ديكورات مكاتب المسؤولين. والتي دخل بعضها خانة الأرقام الفلكية قياساً إلى إمكانيات الأردن، وأولوية هذه الديكورات وهذا الأثاث. إن كل ما تقدم وغيره يستدعي من الحكومة الحالية وهي ما زالت تخطو خطواتها الأولى في مجال تحمل المسؤولية أن ترسي قيماً سلوكية جديدة على صعيد نهجها الاقتصادي. وأن لا يقتصر هذا السلوك على مجرد إصدار المراسيم والبلاغات التي تدعو إلى التقنين والتقشف. فقد صار الحديث عن البلاغات المتعلقة بسيارات الحكومة وهواتفها النقالة وديكورات المكاتب نكتة لدى الأردنيين. لذلك فالمطلوب إجراءات عملية يلمسها الأردنيون وتظل بحاجة إلى متابعة ومراقبة، كذلك صار من المهم تفعيل أجهزة المراقبة وإعطائها كامل صلاحياتها.بل ومحاسبتها إن لم تؤد واجبها. أو إن مالأت هذا المسؤول أو ذاك. على أن يأتي ذلك كله في إطار إعادة ترتيب أولويات الإنفاق في بلدنا، فلم يعد مقبولاً إنفاق الملايين لإيصال الخدمات إلى قصور وضِياع الأغنياء مثلاً، ولم يعد مقبولاً إنفاق عشرات الآلاف من مدخرات الأردنيين على خلوات ومؤتمرات لم يجن منها الأردنيون شيئاً إلا تلميع صور البعض في عيونهم. فالمطلوب أن ننفق على مشاريع إنتاجية صغيرة توفر فرص عمل وتقلل من حجم الاستيراد وهذا يقودنا للحديث عن الاستثمار الأجنبي وما قدمناه من تسهيلات وتنازلات لاستقطابه ثم لم ننجح باعترافات رسمية. ولذلك فإن المطلوب في المرحلة المقبلة التدقيق كثيراً في نوعية الاستثمار الذي يستحق أن نقدمه، فبلدنا ليس بحاجة إلى شركات أجنبية تبني أبراجاً هائلة أو فللاً أو قصوراً لن يتمكن غالبية الأردنيين من استخدامها. لكنه يحتاج إلى مشروعات إنتاجية توفر فرص عمل وتغلق باب الاستيراد أمام الكثير من احتياجاتنا التي يمكننا أن ننتجها. وعند الاستيراد لابد لنا من وقفة أيضاً فهل من المعقول أن يستورد بلد فقير مثل الأردن كل هذا الكم من أنواع العطور الفاخرة والأجبان النادرة والفواكه والخضار في غير موسمها بالإضافة إلى قائمة طويلة من الكماليات. وقد يقول قائل أن هذا سوق حرة وأن من حق المقتدر أن يتمتع بما يشاء. وهذا كلام غير صحيح ذلك أن استيراد هذه السلع يتم بالعملات الصعبة التي نحتاجها. إضافة إلى ا ن هذا النوع من الاستيراد يغرس في النفوس حقداً طبقياً خاصة في ظل فقر وجوع جل الأردنيين الذين صارت نسبة متزايدة منهم تبحث عن قوتها في حاويات النفايات. مما يؤشر إلى خلل واضح في بنية مجتمعنا الأردني الذي يجب أن نستنهض فيه روح التكافل والتضامن، خاصة وأن نبينا عليه السلام يقول ما أمن من نام وجاره جائع فما بالك وأكثر من نصف الأردنيين ينامون جياعاً.

نعتقد أن حل جزء كبير من مشكلتنا الاقتصادية يكمن في منظومة القيم والمفاهيم فهل تفعلها الحكومة وتسعى لإعادة بناء قيم التكافل والتضامن والتقشف والقناعة لتحل محل ثقافة الربح الفاحش والجشع والاحتكار الذي أدخل لبلدنا الغذاء الفاسد والدواء القاتل والاتجار بأعضاء الأردنيين الذين صار جلهم ينام جائعاً.

الكاتب رئيس تحرير اللواء الاردنية
www.al-liwa.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :