الملك غير مرتاح لحجم الزيادة الحكومية على الرواتب وكان يريدها اكبر ضمن استراتيجية متكاملة لاصلاح القطاع العام
01-03-2007 02:00 AM
عمون - فتحت الزيادات التي أقرتها الحكومة على رواتب الموظفين والمتقاعدين في العشرين من شهر شباط(فبراير) الماضي الباب أمام حوار ساخن حول ملف إصلاح القطاع العام الذي أعلنته الدولة أولويةمنذسنوات.وفي الوقت الذي رأى رسميون أن المنهجية التي اعتمدت في إقرار الزيادات وحجمها جاءت ضمن حزمة تستهدف التقدم نحو إصلاح القطاع العام، قال مراقبون إن الزيادات كانت مخيبة ولم تحقق هدفها تحسين شروط العمل في القطاع العام.وحسب مصدر موثوق لصحيفة الغد الاردنية فإن جلالة الملك عبدالله الثاني هو أيضا غير مرتاح لحجم الزيادة على الرواتب وأنه كان يريد زيادة أكبر، ضمن استراتيجية متكاملة لإصلاح القطاع العام.
وكانت الحكومة منحت الموظفين زيادات على الرواتب تراوحت بين 11 دينارا في حدها الأدنى و54 دينارا في حدها الأقصى. ووصلت كلفة الزيادة التي قدمتها الحكومة بملحق خاص للموازنة لهذا العام 78 مليون دينار، ما رفع حجم بند الرواتب في موازنة العام الحالي من 1.737 بليون دينار إلى 1.815 بليون دينار لتشكل الرواتب 41.9% من إجمالي حجم الموازنة البالغ 4.333 بليون دينار.
ومن المقرر أن يبدأ العمل بهذه الزيادة اعتبارا من بداية شهر نيسان (ابريل) المقبل. وقدرت الحكومة كلفة الزيادة سنويا بـ105 ملايين دينار.
وحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، يرى جلالة الملك أن الزيادات التي منحتها الحكومة، وخصوصا للمتقاعدين، لم تكن كافية. وقال ذات المصدر إن الملك كان يريد زيادات كبيرة للموظفين والمتقاعدين.
وزاد أن الرواتب والأجور من الأولويات التي يحرص الملك على أن توليها الحكومة اهتماما كبيرا في ضوء ارتفاع الأسعار ونسب التضخم.
وكان جلالة الملك وجه الحكومة إلى اعتبار إصلاح القطاع العام وتحسين دخولات الموظفين والمتقاعدين أولوية. وشدد جلالته في أكثر من لقاء على ضرورة إصلاح القطاع العام بما يمكنه من المنافسة على استقطاب الكفاءات والحفاظ عليها وتحسين مستويات معيشة الموظفين.
وقال المصدر إن الملك يريد حزمة إصلاحات متكاملة للقطاع العام ونظام الخدمة المدنية تضمن تحقيق العدالة والمساواة وتؤدي إلى توفير دخول تتناسب مع مستوى القدرة والكفاءة لتعظيم قدرة الجهاز الرسمي على استقطاب الكفاءات.
وزاد أن جلالته يريد إصلاحا يمأسس عملية ربط الزيادات بنسب التضخم ويحقق الانسجام بين الرواتب والقدرات والمؤهلات والكفاءة.
وأوضح المصدر أن جلالته يريد أن يكون الإصلاح في إطار استراتيجية متكاملة تحقق أيضا العدالة في التعيين والترقية.
وقال إن جلالة الملك غير مرتاح لحجم الزيادة الأخيرة على الرواتب، خصوصا للمتقاعدين العسكريين والمدنيين، الذين يستدعي تآكل حجم مداخيلهم على مدى سنوات من التضخم إجراءات فاعلة لتحسين مستويات معيشتهم وتمكينهم من الحفاظ على العيش الكريم.
ولم يتطرق المصدر إلى خطوات مستقبلية سيطلبها جلالة الملك من الحكومة لتحقيق ذلك. لكنه شدد أن رؤية جلالته في هذا الموضوع واضحة وعبر عنها في غير اجتماع ولقاء وتوجيه.
وختم أن الملك كان واضحا في أن إصلاح القطاع العام أولوية وأن الصعوبات التي يواجهها المواطنون وتراجع قدرة الجهاز الحكومي على المنافسة تستوجب إنجاز استراتيجية عمل واضحة وفاعلة لمعالجة الاختلالات الموجودة.
وكان رئيس ديوان الخدمة المدنية مازن الساكت قال في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الوزراء وزير المالية زياد فريز أعلنت فيه الزيادات على الرواتب إن مشروع هيكلة الرواتب الذي بدأته الحكومة جاء لمعالجة التشوهات في سلم رواتب القطاع العام. وزاد أنه يستهدف أيضا تحسين الرواتب التقاعدية.
لكن محللين اقتصاديين انتقدوا حجم الزيادات وقللوا من أثرها في تحسين مستوى معيشة الموظفين. واعتبر هؤلاء أن الزيادات لا تحقق الإصلاح المطلوب في القطاع العام لناحية جعله أكثر قدرة على الحفاظ على الكفاءات في القطاع العام واستقطاب الكفاءات الجديدة.
لكن الساكت اعتبر سابقا أن هذه الزيادات هي أقصى ما استطاعت الحكومة إقراره في ظل الموارد المالية المتاحة.
ورأى عضو غرفة تجارة عمان هاني الخليل أن أثر الزيادات سيكون محدودا على الاقتصاد رغم أنها ستسهم في تخفيف معاناة بعض المواطنين.
وقال وزير الصناعة والتجارة السابق واصف عازر في تصريحات لـ"الغد" بعد إعلان الزيادات إن رواتب القطاع العام لا تحقق مستوى دخل معقول، رغم أن الأصل هو أن تنافس الحكومات القطاع الخاص على الكفاءات.
وأبدى عازر استياءه من نظام الخدمة المدنية الذي قال إنه يعكس تراكمية سنوات من الأخطاء. وانتقد أيضا وجود تضخم في أعداد الموظفين الحكوميين.
بيد أن فريز كان قال إن الزيادات التي منحتها الحكومة للموظفين والمتقاعدين هدفت إلى رفع مستويات معيشة المواطنين، وتحسين شروط العمل في القطاع العام حتى يتمكن الجهاز الحكومي من القيام بالمهمات الموكلة إليه بإنتاجية عالية.
"ذلك هدف لم تحققه الزيادات"، حسب مختصين يرون أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة في إصلاح القطاع العام ما تزال غير قادرة على إعادة تأهيل بيئة العمل الحكومية.
وحسب الخبير الاقتصادي د.منير حمارنة، لم تحقق الزيادة توازنا حقيقيا بين التراكم الكبير في التضخم منذ سنوات والتآكل في مداخيل الموظفين. وحذر حمارنة من الخطر الذي يمثله ذلك على أداء الجهاز الحكومي ونزاهته.